يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الطرق على وتر الرعب الذي يعيشه الإسرائيليون، فهو لا يتورع عن استخدام كل السبل لإظهار أنه الوحيد -مع تياره من اليمين الصهيوني المتطرف- الذي سوف ينقذ إسرائيل من الأخطار التي تتداعى عليها، وآخرها إنتاج فريق الدعاية الانتخابية له فيديو جديد للانتخابات لحزب الليكود، يظهر فيه أن خصومه -“اليسار”- ليسوا أهلًا لحماية إسرائيل، وأن سياستهم الحمائمية سوف تجلب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى إسرائيل ليقطعوا رؤوس الإسرائيليين، أو “كيف سيصل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” إلى القدس حال وصل اليسار إلى الحكم في إسرائيل“، بحسب قول أنصاره.
فمع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية (17 مارس المقبل)، والتنازع الأخير على أصوات الناخبين، ورغبة نتنياهو وحزبه في الحصول على أغلبية تتيح له التحرك بعيدًا عن قيود حلفائه في الحكومة، أنتج فريقه الإعلامي فيديو بعنوان: “داعش في الطريق إلى القدس”؛ لخلق مزيد من الرعب في قلوب الإسرائيليين يدفعهم لانتخاب “بيبي” -اسم شهرته- وعدم انتخاب اليسار الإسرائيلي.
الفيديو الجديد الذي نُشر (السبت)، تظهر فيه سيارة بيك أب، التي يستخدمها أنصار تنظيم داعش، تقلّ جنودًا يحملون الأسلحة وأعلام داعش، ويتوقفون في الطريق ليسألوا مواطنًا إسرائيليًا: “كيف نصل إلى القدس“، فيرد عليهم: “اتجهوا يسارًا“، بمعنى أن انتخاب اليسار الإسرائيلي يعني وصول داعش للقدس.
ويظهر بالفيديو أن السيارة تقل 4 أفراد من عناصر “داعش” وهي تسير داخل إحدى مناطق “إسرائيل” وترفرف عليها الأعلام السوداء، ويستوقف ركابها سيارة أخرى ليسأل أحدهم سائقها: “كيف نصل إلى القدس يا أخي؟“، فيجيبه السائق الآخر: “خذوا طريق اليسار“، فيبدأ الداعشيون إطلاق الرصاص وهم مبتهجون، لتنطلق سيارة داعش بعد ذلك في الطريق للقدس.
ثم تظهر على الشاشة وبأحرف حمراء عبارات تهديد للجمهور الانتخابي تقول: “اليسار يستسلم للإرهاب.. إما نحن أو هم“، ثم رسالة تخويف واضحة للناخبين: “إذا كنتم لا ترغبون بوجود داعش في القدس، فصوتوا لبيبي“.
ويقول مراقبون إسرائيليون إن أعضاء حزب الليكود لا يتأثرون بالانتقادات ولا يهمهم سوى الحصول على أصوات المستوطنين، وأصوات حزب “البيت اليهودي” بقيادة نفتالي بينيت، وأصوات كل اليمين الديني الصهيوني المتطرف بدلًا من تفرقها في أحزاب صغيرة تشارك في الحكومة وتعرقل حركة نتنياهو.
فـ”البيت اليهودي” هو حزب متعاطف مع جمهور المستوطنين والمتدينين، ويشكل مع حزب الليكود “كتلة اليمين” التي من المتوقع أن تبقى الكتلة الأكبر في الانتخابات، وفي ظل المصالح المشتركة “للكتلة”، تم الاتفاق بين الأحزاب على ألا تتم مهاجمة الآخر، ومحاولة جذب أصوات من الأحزاب المركزية، ورغم ذلك، لم يحترم حزب الليكود الاتفاق.
غير قادر على هزيمة حماس
وقد أثار الفيديو الذي انتشر بسرعة على المواقع الاجتماعية أصداءً عديدة، وانتقادات لاذعة حول أسلوب نتنياهو وحزب الليكود، الذين يحاولون تخويف الناخبين الإسرائيليين، بدلًا من محاولة التعامل مع المشاكل الصعبة التي ظهرت خلال السنوات الست الأخيرة برئاسة نتنياهو، واتهمه رجال استخبارات بأنه غير قادر على هزيمة حماس، فكيف سيجلب الأمن للإسرائيليين ويهزم إيران كما يقول؟
وأثار مخاوف من إدخال نتنياهو لإسرائيل في حروب مع غزة وحزب الله وإيران، و”ولاية سيناء” في مصر، عبر مشاركة طائرات إسرائيل بدون طيار (الرنانة) في قتل مسلحين محتملين هناك، ما دفعهم لمعاودة قصف إيلات بالصواريخ، وآخره إطلاق صاروخ في نفس يوم إطلاق دعاية داعش (السبت) تجاه إيلات يعتقد أنه قدم من سيناء عبر مسلحي “ولاية سيناء” الموالين لداعش.
فقد هاجم رئيس الشاباك السابق، يوفال ديكسن، نتنياهو في صفحته على الفيس بوك بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، قائلًا: “قال نتنياهو إن اليسار سيُدخل داعش إلى القدس، وهو الرجل الذي حرر الشيخ أحمد ياسين في 1997 وأعاد تأسيس حركة حماس، وهو الرجل ذاته الذي حرر آلاف المخربين (مقاتلي المقاومة) والذين قد عاد جزء منهم لتنفيذ التفجيرات خلال فترة رئاسته، وهو الرجل الذي تورط بأطول حرب منذ حرب الاستقلال ضد منظمة إرهابية، والرجل الذي هدد إيران وهو غير قادر على هزيمة تنظيم إرهابي في غزة، لقد فقد كل معاني العار، هذا مؤكد“.
ويشن حزب الليكود حملة جديدة تستهدف أصوات اليمين، ويخطط نتنياهو، بحسب صحف إسرائيلية، لزيارة عدة مستوطنات بارزة في الضفة الغربية، فيها تكتلات واضحة من المستوطنين الذين يصوتون للبيت اليهودي المتطرف بشكل تقليدي، مثل “جوش عتصيون”، الواقعة بين بيت لحم والخليل، التي تُعتبر أحد المواقع الأكثر توترًا في العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية، و”الحرم الإبراهيمي”؛ ولذلك هاجم حزب البيت اليهودي أسلوب نتنياهو وزياراته المخططة في الضفة.
وانشغلت وسائل الإعلام الإسرائيلية طوال الأيام الماضية بالحديث عن فتاة يهودية تحمل الجنسية الفرنسية، انضمت مؤخرًا إلى تنظيم “داعش” وتحارب في صفوفه، لتكون اليهودية الوحيدة من بين آلاف المقاتلين الذين تدفقوا على التنظيم من مختلف أنحاء العالم.
وتمكنت السلطات في فرنسا مؤخرًا من تأكيد وجود 100 فتاة وامرأة يحملن الجنسية الفرنسية ويقاتلن في صفوف “داعش”، كما تمكنت من تحديد هوياتهن، ليتبين أن من بينهن فتاة يهودية تدعى سارة وتبلغ من العمر 17 عامًا فقط.
وقال مركز الأمن القومي الإسرائيلي في دراسة أخيرة له إن: “”داعش” ستوثق علاقات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والعربية”، وكتب “عاموس يادلين”، مدير مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أبريل الماضي يقول -في دراسة بعنوان “داعش لا تشكل خطرًا مباشرًا على إسرائيل في الأمد القريب”- إنه فيما يتعلق بدول المنطقة العربية، وفي طليعتها الدول السنية المعتدلة، “فمن الممكن إقامة علاقات عمل وثيقة بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والعربية“.
ولكنه قال إن داعش لن تتمكن من الوصول لإسرائيل؛ لبعدها عنها مئات الكيلو مترات، وإنهم لو وصلوا فسوف يجدون مقاومة من الجيش الإسرائيلي تقضي عليهم.
وقال “عاموس يادلين”: “لقد ألّبت داعش ضدها تحالفًا واسعًا يسعى إلى القضاء عليها، وهو يتكون من: روسيا، تركيا، إيران، الميليشيات الكردية (البشمركة)، دول الخليج، السعودية، الأردن، الجيش السوري، الجيش اللبناني، حزب الله، وإسرائيل، ونجحت في إعادة الجيش الأمريكي في ظل إدارة أوباما، إلى العراق من جديد“.
ولكن، يرى الإسرائيليون أن صعود هذا التنظيم يقدم لإسرائيل فرصًا استراتيجية للتعاون مع الدول المعنية بالقضاء عليه، خصوصًا الدول العربية.
http://youtu.be/SpVwW_bfEQM
لوموند – التقرير