سول – أطلقت كوريا الشمالية صاروخا باليستيا نحو البحر في الساعات المبكرة من صباح الأحد في أول اختبار صاروخي من نوعه منذ انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أشارت إدارته إلى أن رد واشنطن سيكون محسوبا لتجنب تصعيد التوتر.
وتأتي التجربة الكورية الشمالية أياما فقط بعد إجراء إيران لتجربة صاروخية مماثلة أثارت غضب واشنطن واعتبرت انتهاكا للاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى الست الكبرى.
وأجرت إيران مجموعة من التجارب الصاروخية في الأشهر الأخيرة، قالت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية إنها تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاق النووي 2015.
وتقول القوى الغربية إن الصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية وبالتالي فهي تتعارض مع الاتفاق، بينما تقول إيران إن برنامجها الصاروخي “غير قابل للتفاوض”.
وينظر إلى التجارب الأخيرة على أنها اختبار من الدول التي توصف بالفاشية لمدى صبر ترامب وإدارته على الأنشطة العسكرية المثيرة للجدل.
وترغب كل من بيونغ يانغ وطهران في التحقق من مدى صحة التعهدات التي قطعها ترامب في حملته الانتخابية بالقضاء على الأنشطة الاستفزازية التي تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن الاختبار كان لصاروخ متوسط المدى وسقط في بحر اليابان وليس الصاروخ الباليستي العابر للقارات الذي قالت كوريا الشمالية إنها قد تجري اختبارا له في أي وقت. وتمثل التجربة الصاروخية أول اختبار لتعهد ترامب باتخاذ نهج متشدد تجاه نظام كوريا الشمالية الذي أجرى العام الماضي تجارب نووية وصاروخية بمعدل لم يسبق له مثيل في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة.
ستيفن ميلر: سنعزز تحالفاتنا في المحيط الهادئ لردع العداء المتزايد لكوريا الشمالية
وقال مسؤول أميركي إن إدارة ترامب كانت تتوقع “استفزازا” من كوريا الشمالية بمجرد توليها السلطة وسوف تبحث عددا من الخيارات ردا عليه، لكن تلك الخيارات ستكون محسوبة لإظهار حسم الولايات المتحدة فيما تتجنب التصعيد.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن من المرجح أن تزيد الإدارة الجديدة من الضغط على الصين لكبح جماح كوريا الشمالية بما يعكس تصريحات سابقة لترامب قال فيها إن بكين لم تفعل ما يكفي في هذا المجال.
وقال المسؤول الأميركي “لم تكن مفاجأة… زعيم كوريا الشمالية يحب أن يلفت الانتباه في أوقات كهذه”.
وذكر مسؤول بالبيت الأبيض، الأحد، أن واشنطن ملتزمة بأمن حلفائها في منطقة المحيط الهادئ وستعزز حلفاءها هناك في مواجهة أي أعمال عدوانية من كوريا الشمالية.
وقال ستيفن ميلر مستشار البيت الأبيض في برنامج “فوكس نيوز صنداي” التلفزيوني إن “الرسالة هي أننا سنعزز ونقوي تحالفاتنا المهمة في منطقة المحيط الهادئ في إطار إستراتيجيتنا لردع ومنع العداء المتزايد الذي رأيناه في السنوات الأخيرة من النظام الكوري الشمالي”.
وجاءت التجربة الصاروخية بعد يوم من اجتماع قمة لترامب و رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وبعد أن قال ترامب إنه اتفق على العمل من أجل ضمان دفاع قوي ضد تهديد كوريا الشمالية وتأتي أيضا بعد مكالمة هاتفية لترامب مع الرئيس الصيني.
وقال ترامب للصحافيين في بالم بيتش بولاية فلوريدا بجوار آبي “أريد فقط أن يفهم الجميع وأن يعرف تماما أن الولايات المتحدة الأميركية تقف وراء اليابان حليفتنا العظيمة 100 بالمئة”. ووصف آبي خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ترامب إطلاق الصاروخ بأنه “غير مقبول مطلقا”.
والصين حليفة رئيسية لكوريا الشمالية لكنها تشعر بخيبة الأمل من استفزازات بيونغ يانغ المتكررة على الرغم من أنها تقاوم ضغط واشنطن وسول لكبح كوريا الشمالية وزعيمها الشاب كيم جونج أون.
وقال المسؤول الأميركي إن ترامب ومستشاريه سيبحثون على الأرجح سلسلة من الردود المحتملة بما يشمل فرض عقوبات لإحكام القيود المالية على بيونغ يانغ وزيادة العتاد البحري والجوي في شبه الجزيرة الكورية وحولها وتسريع وتيرة نشر أنظمة دفاع صاروخية في كوريا الجنوبية. لكنه أضاف أن أي رد فعل سيسعى لتجنب تصعيد التوترات في ضوء أن الصاروخ لم يكن عابرا للقارات وأن بيونغ يانغ لم تجر تجربة نووية. وتعهد ترامب بانتهاج سياسة أكثر حزما مع كوريا الشمالية لكنه لم يعط إشارة واضحة عن كيفية اختلاف سياسته عن سياسة أوباما التي أطلق عليها الصبر الاستراتيجي.
وفي يناير كتب ترامب في تغريدة على تويتر “لن يحدث ذلك” بعد أن قال كيم إن بلاده توشك على اختبار صاروخ عابر للقارات، لكن مستشاريه لم يوضحوا أبدا الطريقة التي يعتزم بها تنفيذ ذلك.
وقال مكتب رئيس هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية في بيان إن الصاروخ أطلق من منطقة تسمى بانجيون في المنطقة الغربية بكوريا الشمالية قبل الساعة الثامنة صباحا وقطع مسافة نحو 500 كيلومتر.
وأضاف “تقييمنا أنه في إطار استعراض القوة ردا على الموقف المتشدد للإدارة الأميركية الجديدة ضد الشمال”.
وقال مصدر عسكري كوري جنوبي إن الصاروخ الباليستي الذي أطلقته كوريا الشمالية، الأحد، وصل إلى مدى نحو 550 كيلومترا وإنه من نوع رودونج متوسط المدى في ما يبدو أو نوع آخر جديد. وحاولت كوريا الشمالية إطلاق صاروخ موسودان 8 مرات العام الماضي لكن معظم المحاولات فشلت.
واعتبر مسؤولون وخبراء في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أن عملية الإطلاق التي قطع فيها الصاروخ 400 كيلومتر أي ما يزيد على نصف المسافة إلى اليابان ناجحة.
وقال كيم في خطاب ألقاه بمناسبة العام الجديد إن بلاده توشك على إجراء اختبار إطلاق صاروخ عابر للقارات، وقالت وسائل إعلام رسمية وقتها إن مثل ذلك الإطلاق قد يحدث في أي وقت.
وتسببت التصريحات في تعهد برد فعل قوي من وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عندما زار كوريا الجنوبية من هذا الشهر.
وبمجرد تطويره بالكامل سيعتبر نجاح كوريا الشمالية في إطلاق صاروخ عابر للقارات تهديدا للولايات المتحدة التي تبعد نحو 9 آلاف كيلومتر عن كوريا الشمالية. والحد الأدنى لمدى الصواريخ العابرة للقارات هو نحو 5500 كيلومتر وبعضها مصمم ليقطع مسافة تصل إلى 10 آلاف كيلومتر .
العرب اللندنية