الرياض – عيّنت السعودية شركة بكتل الأميركية، أحد أكبر الشركات العالمية المتخصصة في إدارة المشروعات، بهدف إدارة مكتب إشرافي جديد مكلف بتقليص مواطن القصور وخفض التكاليف في مشروعات البنية التحتية الحكومية.
ويقول خبراء إن الرياض تريد أن تبدأ من جديد اقتصاديا عبر توقيف المشاريع غير المربحة وتصفية الديون تماما، والتي تحيل إلى مرحلة التبذير والإنفاق بسخاء، وهي مرحلة كانت مرتبطة بارتفاع أسعار النفط.
وذكرت بكتل في بيان صحافي أمس، أنها ستساعد الحكومة السعودية على تأسيس وإدارة مكتبها الجديد الذي يعرف باسم مكتب إدارة المشروعات المحلية، لكنها لم تكشف عن حجم العقد.
وعملت الشركة في مشروعات ضخمة في السعودية منذ نحو 70 عاما من بينها مطارات ومدينتا الجبيل ورأس الخير الصناعيتان.
وتعكف الشركة الأميركية حاليا على تنفيذ اثنين من ستة خطوط في مشروع مترو الرياض البالغة تكلفته 20 مليار دولار.
وأسست الحكومة السعودية مكتب إدارة المشروعات العام الماضي، في إطار جهود واسعة للحكومة تهدف إلى إصلاح الاقتصاد وسد العجز الكبير في الموازنة في ظل تدني أسعار النفط الذي أثر سلبا على الأوضاع المالية للبلاد.
267 مليار دولار قيمة المشروعات التي ألغتها السعودية في 2016 لعدم ملاءمتها مع حجم الإنفاق
وتعطلت المشروعات في السعودية العام الماضي، مع تأخر الحكومة في سداد مستحقات شركات المقاولات ووصل التأخير إلى أكثر من عام في بعض الحالات.
وكان مسؤولون قد قالوا لرويترز في أواخر ديسمبر الماضي، إن “الحكومة سددت 100 مليار ريال (نحو 26.7 مليار دولار) للقطاع الخاص على مدى الشهرين السابقين، وتعهدت كذلك بدفع المستحقات المستقبلية في غضون 60 يوما من استلام الفاتورة”.
وتعني خطة التخلص من المدفوعات المتأخرة قضية مهمّة للغاية بالنسبة إلى الرياض لأنها تحرر الخطة الحكومية للتقشف من أي ضغوط محتملة.
وثمة مشروعات حكومية لا تقل قيمتها عن 13.3 مليار دولار في السعودية معرضة للإلغاء هذا العام بسبب الضغوط الواقعة على الموازنة وتغيير أولويات الحكومة وفقا لدراسة أجرتها شركة فيثفول غولد للاستشارات.
ومن المتوقع وصول إجمالي قيمة المشروعات التي يجرى إرساؤها في 2017 إلى 27 مليار دولار وقد ترتفع هذه القيمة إلى 32 مليار دولار إذا مضى مشروع مترو مكة قدما هذا العام والذي كان من المتوقع في الأصل ترسيته في 2016.
وفاجأت الحكومة السعودية الأوساط الاقتصادية والمالية في نوفمبر الماضي، بإيقاف التعاقد على تنفيذ عدد كبير من المشروعات، وذلك في إطار تدابير التقشف التي تهدف إلى مواجهة التراجع في إيرادات صادرات النفط.
شركة بكتل: سنعمل على مساعدة الحكومة السعودية في تأسيس وإدارة المشروعات المحلية
وجاء القرار ضمن إجراءات رفع مستوى كفاءة الإنفاق الحكومي في إطار برنامج التحول الاقتصادي بعد اجتماع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
وتم إيقاف التعاقد على تنفيذ عدد كبير من المشاريع التي لا يتناسب حجم الإنفاق عليها مع العائد الاقتصادي والتنموي المرجو منها.
وذكرت مصادر حكومية حينها أن قيمة المشاريع الملغاة تصل إلى 267 مليار دولار، لكنها لم تحدد نوعية المشروعات والمدى الزمني الذي كان مخططا لتنفيذها.
وقلّصت الحكومة أيضا المدفوعات لشركات الإنشاءات والمرافق الطبية إلى جانب البعض من المستشارين الأجانب الذين ساعدوا في وضع الإصلاحات الاقتصادية أو علقتها.
وتشير التقديرات إلى أن المستحقات غير المدفوعة لشركات الإنشاءات وحدها تصل إلى نحو 21.3 مليار دولار.
وأطلقت الرياض مجموعة من المشروعات الجديدة في العديد من القطاعات من بينها الطاقة المتجددة، في إطار خطة طويلة المدى لتنويع الاقتصاد والابتعاد تدريجيا عن الاعتماد على النفط بشكل أساسي.
وتضررت السعودية كباقي دول الخليج من تراجع أسعار النفط بسبب تخمة المعروض منذ منتصف عام 2014، غير أنها بدأت في اعتماد خطط لتنويع الاقتصاد من خلال برنامج التحول الوطني و“رؤية السعودية 2030”.
وتتوقع الرياض أن يبلغ العجز في موازنة العام الجاري قرابة 52.8 مليار دولار، بانخفاض كبير عن العجز في العام الماضي الذي بلغ 69 مليار دولار.
وتشير وثيقة برنامج التوازن المالي، المعلن عنها في نهاية العام الماضي، إلى أن الحكومة تنوي رفع أسعار الطاقة والمياه تدريجيا وتحريرها بالكامل بحلول العام 2020، للضغط أكثر على الفجوة في الموازنة.
ولحد الآن، تبيع السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، الوقود بأسعار موحدة لكافة المواطنين والأجانب دون تفرقة في الأسعار.
وحذر خبراء اقتصاد سعوديون الشهر الماضي، من أن الاقتصاد المحلي قد يتعرض لركود تضخمي خلال الفترة المقبلة، نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي المتوقع، بالتزامن مع ارتفاع في أسعار السلع والخدمات.
العرب اللندنية