“مسار العراق نحو المرونة الاقتصادية: دعم الصناعة والزراعة والشباب في عام 2025”

“مسار العراق نحو المرونة الاقتصادية: دعم الصناعة والزراعة والشباب في عام 2025”


الباجثة شذى خليل*

لطالما واجه الاقتصاد العراقي العديد من التحديات، بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي، وآثار النزاعات، والاعتماد الكبير على صادرات النفط. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، بدأ العراق في استكشاف الفرص لتنوع اقتصاده، مع التركيز الخاص على تنشيط قطاعي الصناعة والزراعة. وقد سلطت تصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الضوء على التزام الحكومة بدعم الصناعات في القطاعين العام والخاص، مع التأكيد على تشجيع الشباب على المشاركة في هذين القطاعين. وقد تم تخصيص اليوم الأول من العام الجديد كنقطة تحول هامة في خارطة الطريق الاقتصادية للعراق، ما يعكس تحولًا نحو تطوير القطاعات الصناعية والزراعية.

لا يزال الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير على النفط، الذي يشكل حوالي 90% من الإيرادات الحكومية. وقد خلق هذا الاعتماد ضعفًا في الاقتصاد، خصوصًا في ظل تقلبات أسعار النفط أو العقوبات الاقتصادية. ومع ذلك، أدركت الحكومة العراقية الحاجة إلى تنويع اقتصادها لضمان النمو المستدام وتوفير فرص عمل تتجاوز قطاع النفط.

في السنوات الأخيرة، بذلت الحكومة جهودًا لإعادة بناء قاعدة صناعية جديدة وإعادة استثمارها في القطاع الزراعي، الذي كان تاريخيًا جزءًا رئيسيًا من الاقتصاد العراقي. وعلى الرغم من أن التقدم كان بطيئًا، فإن التركيز على تطوير هذه القطاعات يعد أمرًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل وخلق فرص عمل.

دور الصناعة في الاقتصاد العراقي
يضم القطاع الصناعي في العراق مجموعة واسعة من الأنشطة، بما في ذلك التصنيع، والبناء، وإنتاج الطاقة. كان العراق في الماضي يمتلك قاعدة صناعية قوية تُعتبر واحدة من الأقوى في المنطقة، ولكنها تعرضت لأضرار جسيمة نتيجة لعقود من النزاع والعقوبات وقلة الاستثمار. العديد من المصانع أصبحت في حالة تدهور، وقد انخفضت قدرة العراق على الإنتاج الصناعي بشكل كبير.

ومع ذلك، يمتلك القطاع الصناعي إمكانيات كبيرة ليكون حجر الزاوية في تنويع الاقتصاد العراقي. إن تصريحات رئيس الوزراء السوداني تعكس عزم الحكومة على استعادة وتعزيز القدرات الصناعية للعراق. التركيز سيكون على تشجيع الاستثمارات العامة والخاصة في صناعات مثل البناء، والإسمنت، والكيماويات، والمنسوجات. ومع وجود عدد كبير من الشباب في العراق، هناك فرصة كبيرة للاستفادة من طاقتهم ومواهبهم لإحياء الصناعات وخلق فرص عمل.

القطاع الزراعي: ركيزة أساسية للاستدامة
لطالما كان القطاع الزراعي جزءًا هامًا من الاقتصاد العراقي. فتربة العراق الخصبة، خاصة في وديان نهري دجلة والفرات، تجعل من العراق أرضًا خصبة للإنتاج الزراعي. ومع ذلك، فقد تم إهمال هذا القطاع لعدة سنوات نتيجة للاضطرابات السياسية، ونقص المياه، وقلة الاستثمار في تقنيات الزراعة الحديثة.

كان العراق يُعرف في الماضي بـ “سلة الخبز” للشرق الأوسط، حيث كان ينتج الكثير من الحبوب والفواكه والخضروات. ومع ذلك، بعد سنوات من النزاع والجفاف، ونزوح السكان من المناطق الريفية إلى المدن، أصبح العراق يواجه تحديات في تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي. وقد اعترف رئيس الوزراء السوداني بهذه الصعوبات وأكد على أهمية إحياء القطاع الزراعي.

وفي تصريحاته الأخيرة، حدد رئيس الوزراء رؤية لتنمية القطاع الزراعي، بما في ذلك استخدام تقنيات الري الحديثة لتحسين الغلال، وتشجيع الشباب على الدخول في مجالات الزراعة والأعمال الزراعية. يُعتبر القطاع الزراعي محوريًا لتقليص اعتماد العراق على النفط، وتوفير فرص العمل، وضمان الأمن الغذائي.

إعلان يوم بداية العام: خارطة طريق للمستقبل
إن إعلان رئيس الوزراء السوداني أن اليوم الأول من العام الجديد سيكون مخصصًا لدعم الصناعات في العراق يعكس نقطة تحول استراتيجية في السياسات الاقتصادية للدولة. وفقًا لرئيس الوزراء، يعد هذا اليوم بداية خارطة طريق طويلة الأجل لتنمية الاقتصاد العراقي. ووجه رئيس الوزراء جميع الوزارات إلى محاذاة استراتيجياتها مع هذه الرؤية، لضمان تنسيق الجهود عبر الحكومة لتعزيز النمو الصناعي وخلق فرص العمل.

إن تخصيص اليوم الأول من العام الجديد له دلالة رمزية، حيث يعكس بداية جديدة لإعادة بناء الاقتصاد العراقي وتنميته. وأكد السوداني أن هذا اليوم يجب ألا يكون مجرد مناسبة احتفالية، بل يومًا للقيام بخطوات ملموسة نحو دعم الصناعات، خاصة في القطاعين العام والخاص. وتخطط الحكومة لاستثمار في مشاريع البنية التحتية، وتقديم الدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وخلق حوافز للشركات الخاصة للاستثمار في الأنشطة الصناعية.

كما أكد رئيس الوزراء على أهمية تشجيع الشباب على الانخراط في القطاعين الصناعي والزراعي، إذ يُعتبران أساسيين لرفاهية البلاد على المدى الطويل. تُعد هذه الجهود لجذب الشباب إلى هذه القطاعات أمرًا حيويًا، حيث أن البطالة بين الشباب كانت دائمًا تحديًا في العراق. ومن خلال خلق فرص جديدة في قطاعات غير النفط، تأمل الحكومة في تعزيز المرونة الاقتصادية وتقليص الاعتماد على صناعة النفط.

الطريق إلى الأمام: التحديات والفرص
إن الطريق إلى إحياء الصناعة والزراعة في العراق مليء بالتحديات. يواجه العراق قضايا مثل البنية التحتية غير الكافية، وتقييد الوصول إلى التمويل، والفساد السياسي، وآثار التغير المناخي على الإنتاج الزراعي. ومع ذلك، هناك فرص كبيرة للنمو، خصوصًا مع المزج الصحيح بين السياسات العامة، والاستثمار الخاص، ومشاركة الشباب العراقي.

تتمثل رؤية الحكومة المستقبلية في تنويع الاقتصاد، بحيث توفر الصناعات غير النفطية نموًا مستدامًا وفرص عمل. إن دعوة رئيس الوزراء إلى نهج متكامل منسق عبر الوزارات يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث يسلط الضوء على ضرورة اتخاذ الحكومة موقفًا موحدًا لتنمية الاقتصاد.
ختاما
إن الاقتصاد العراقي يقف عند مفترق طرق. بينما وفر النفط ثروة كبيرة للبلاد، إلا أنه يفرض أيضًا تحديات من حيث الاستدامة والمرونة الاقتصادية. إن التركيز على القطاعين الصناعي والزراعي، كما أشار رئيس الوزراء السوداني، يقدم الأمل لمستقبل أكثر تنوعًا واستقرارًا للاقتصاد العراقي.

إن إعلان أن اليوم الأول من العام الجديد سيكون مخصصًا لدعم الصناعات وتشجيع الشباب على الانخراط في القوى العاملة يشير إلى بداية جديدة للعراق. من خلال التركيز على هذين القطاعين الحاسمين، تأمل الحكومة في بناء اقتصاد أكثر اكتفاءً ذاتيًا، وتقليل البطالة، وضمان النمو المستدام للأجيال القادمة.

في السنوات القادمة، سيتوقف نجاح العراق على قدرته على تنفيذ هذه الخطط الطموحة، ومعالجة التحديات الحالية، والاستفادة من إمكانيات قطاعاتها الصناعية والزراعية وشعبها الشاب. وإذا تم تحقيق النجاح، قد يظهر العراق كاقتصاد أكثر تنوعًا، وأقل اعتمادًا على النفط، وأكثر قدرة على توفير الفرص الاقتصادية لجميع مواطنيه.

وجدة الدراسات الاقتصادية / مكنب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية