كشف قيادي بحزب كردي مشارك في الحكم بإقليم كردستان العراق أنّ إيران لا تمانع في استقلال الإقليم عن الدولة العراقية، وهو الأمر الذي اعتبر تسريبا مقصودا لإبلاغ رسالة سياسية قوية من طهران إلى غريمتها أنقرة الأكثر تحسّسا من موضوع تأسيس دولة كردية في المنطقة بما من شأنه أن يذكي النزعة الانفصالية في صفوف أكراد تركيا.
وجاءت هذه “الرسالة” في أوج التوتر بين إيران وتركيا وتراشقهما الحاد بشأن عدد من الملفات الإقليمية من ضمنها الملف العراقي حيث اتهم كبار المسؤولين الأتراك إيران بنشر التشيع في هذا البلد وبمحاولة السيطرة على مناطق السنة فيه، ومن ضمنها الموصل، عن طريق ميليشيات الحشد الشعبي، فيما ردّ مسؤولون إيرانيون بحدّة بأن لصبرهم حدودا.
ويعتبر العراق في وضعه الحالي وما يميزه من ضعف ومن تهالك لأركان دولته، “ميدان مبارزة” مناسبا لتصفية حسابات المتنافسيْن الإقليمييْن البارزيْن تركيا وإيران.
واعتبر القيادي في الاتحاد الإسلامي الكردستاني نصرالدين سندي، الأربعاء، رأي دول الجوار بشأن حق تقرير مصير شعب كردستان له أهمية كبيرة، مشيرا إلى أن طهران لا تمانع بتقرير الإقليم لمصيره.
ونقل موقع السومرية الإخباري عن سندي قوله إن “المسؤولين الإيرانيين أبلغوا قيادة الاتحاد الإسلامي الكردستاني بأن طهران لا تمانع في أن يقرر إقليم كردستان مصيره في حال تقديمه تطمينات لإيران بأنه لن يشكل خطرا على أمنها”.
وكان وفد من الاتحاد الإسلامي الكردستاني برئاسة أمينه العام صلاح الدين محمد بهاء زار طهران، الأسبوع الماضي، حيث بحث مع المسؤولين الإيرانيين الأوضاع السياسية في العراق وإقليم كردستان.
ومن شأن هذا الموقف الإيراني، في حال ثبوت جدّيته وإظهار طهران استعدادا لتنفيذه على أرض الواقع، أن يقلق تركيا التي ذهبت بعيدا في محاربة أي منزع استقلالي كردي، ليس في الداخل التركي فحسب، بل حتّى في سوريا المجاورة حيث اضطرت إلى التدخل العسكري منعا لوقوع مناطق في الشمال السوري بأيدي الأكراد.
ويستند المشكّكون بجدّية الموقف الإيراني من قضية استقلال أكراد العراق إلا أنّ إيران التي يشكّل الأكراد جزءا من شعبها معنية بدورها بالمنازع الاستقلالية الكردية.
استعداد إيراني للتلاعب بقضايا العراق واستخدامها أوراق ضغط في الصراع الإقليمي مهما كانت درجة مصيرية تلك القضايا
غير أن القضية لا تبدو مطروحة بحدّة على إيران مثلما هي الحال بالنسبة لتركيا، حيث تظل طهران واثقة في حلفائها الشيعة الممسكين بزمام السلطة في العراق، وأيضا بحلفاء لها في إقليم كردستان، بما يساعدها على التحكّم في الملف الكردي.
وقال سندي إنّ “إقليم كردستان لن يشكل خطرا على دول الجوار نهائيا، وهو حريص على تطوير علاقاته مع جميع دول المنطقة”، مؤكد “أهمية احترام دول الجوار لإرادة شعب كردستان في تقرير مصيره، لا سيما أن من حق الأكراد أن يتمتعوا بدولتهم مثل الأتراك والعرب والفرس وغيرهم”.
ومنذ بروز موقف صارم للإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب تجاه إيران، وإفصاح واشنطن عن سعيها لإصلاح العلاقة مع تركيا، صعّدت أنقرة من لهجتها حيال طهران وباتت أكثر صراحة في اتهامها برعاية الإرهاب، كما حملت على سياستها في العراق المجاور وعلى الميليشيات الشيعية التابعة لها هناك.
وجدّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأربعاء، موقف بلاده الرافض لدخول قوات الحشد الشعبي المشكّل من ميليشيات شيعية إلى مدينة الموصل، حيث تدور معركة كبيرة وفاصلة ضدّ تنظيم داعش.
وقال أوغلو في تصريح صحافي إنّ إدخال ميليشيات شيعية إلى المدينة يشكل العرب السنة فيها نسبة تسعة وتسعين بالمئة من سكانها أمر خطير.
وكان أوغلو قد أغضب إيران باتهامها في وقت سابق بنشر التشيع في العراق، بعد أن اتهمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برعاية الإرهاب وتهديد استقرار المنطقة، دافعيْن بذلك علاقة أنقرة بطهران باتجاه أزمة دبلوماسية لاحت بوادرها مع استدعاء وزارة الخارجية الإيرانية السفير التركي وتسليمه رسالة احتجاج على تصريحات أردوغان وأوغلو.
وتعليقا على إمكانية استخدام إيران للورقة الكردية في صراعها المتصاعد ضدّ تركيا، ومدى جدّية طهران في تشجيع انفصال أكراد العراق نكاية بأنقرة قال نائب سابق بالبرلمان العراقي طالبا عدم الإفصاح عن هويته “إنّه بغض النظر عن مدى جدّية إيران في هذا الموضوع، يبقى مجرّد استخدامه والتلويح به كورقة في الصراع الإقليمي دليلا على استعداد إيراني دائم للتلاعب بقضايا العراق مهما كانت هامّة ومصيرية”، مضيفا “ملفّ استقلال كردستان العراق يظل حساسا لدى شرائح واسعة من العراقيين باعتباره جزءا من قضية الحفاظ على وحدة البلد وهي آخر ما يمكن أن تهتم به إيران”.
صحيفة العرب اللندنية