الرياض – تبدلت الظروف في السعودية مع تباطؤ الاقتصاد حيث باتت المملكة تعطي الأولوية بشكل متزايد للقوة العاملة المحلية، ما يؤدي إلى تراجع سريع في أعداد المسؤولين الأجانب ذوي الرواتب الباهظة.
وانعكس ذلك على إعطاء الأولوية لتوظيف السعوديين في القطاع الخاص، في سياق برنامج طموح لتنويع الاقتصاد أطلقته المملكة العام الماضي تحت عنوان “رؤية السعودية 2030”. وأوضح المدير الأجنبي لشركة إلكترونية تراجعت إيراداتها بنسبة 10 بالمئة، أن “الناس يغادرون لأنه ليس هناك نشاطات تكفي لتجديد عقودهم”.
وقال طالبا عدم كشف اسمه “هوامش الربح تواجه ضغوطا، ليس هناك قطاع واحد أحواله جيدة”.
ومن المتوقع أن يسجل الوضع المزيد من التدهور في يوليو حين تشرع الحكومة السعودية في تحصيل ضريبة على “المرافقين” الذين يقيمون مع العمال الوافدين.
ومن المقرر أن تبلغ قيمة الضريبة في البداية 100 ريال (26.7 دولار) شهريا، على أن ترتفع 4 أضعاف بحلول 2020 لتصل إلى 400 ريال (107 دولارات) شهريا.
وهذه الضريبة المفروضة على الأجانب سيتم جمعها وفق برنامج اسمه “المقابل المالي” اعتبارا من النصف الثاني للعام الحالي حيث سيتم تطبيق رسوم شهرية على المرافقين والمرافقات بواقع 26.7 دولار عن كل مرافق، والتي تستهدف تحصيل 267 مليون دولار بنهاية العام الحالي. وفي عام 2018 سترتفع الرسوم على العمالة الوافدة، ومن المستهدف تحصيل 6.4 مليار دولار تخصص لبرنامج المقابل المالي.
لكنه أشار إلى أن القسم الأكبر من العمال الوافدين يجني أقل من 10 آلاف ريال (2666 دولار) في الشهر، وهذا الإجراء قد يرغمهم بالتالي على إعادة عائلاتهم إلى البلاد أو الرحيل بأنفسهم من السعودية، ما يفسح المجال لتوظيف سعوديين.
كذلك تعتزم الحكومة بحسب الوثيقة زيادة الضرائب المفروضة على الشركات التي توظف أجانب أكثر مما توظف سعوديين.
عبدالرحمن الزامل:يجب على الحكومة أن تكون عادلة بالنسبة إلى البلاد وتضمن الوظائف لأهل البلد
وبرر عبدالرحمن الزامل رئيس مجموعة الزامل السعودية التي توظف الآلاف من الأجانب، هذا الإجراء مشيرا إلى أن الحكومة “يجب أن تكون عادلة بالنسبة إلى البلاد” وأن تضمن الوظائف لأهل البلد.
ولفت دبلوماسي أجنبي إلى أن الرسوم الجديدة تضاف إلى الزيادة في رسوم المياه والكهرباء خصوصا، على خلفية الحد من دعم الدولة. وقال “إن كلفة مزاولة الأعمال باتت باهظة جدا”.
ويرى الوافدون الغربيون الذين يتقاضون رواتب أعلى من الآسيويين أو العرب، أن بوسعهم امتصاص الرسوم الجديدة. لكنهم أكدوا أن الظروف المالية المربحة التي اجتذبتهم إلى السعودية، من إعانات للسكن ورحلات سنوية، تتراجع مع الصعوبات التي تواجهها شركاتهم في الحفاظ عليها، في بلد لا يفرض ضريبة على الدخل.
وقال شتيك إن شركته قررت من أجل الحد من نفقاتها “ترحيل الغربيين”. وعلق هذا المسؤول في فرع سعودي لشركة ألمانية متعددة الجنسيات الذي عاد إلى بلاده في مطلع فبراير “لا بد من الإقرار بأنهم سيدخرون الكثير من الأموال”.
وأوضح مهندس استرالي قدم إلى السعودية طالبا المغامرة وطمعا في المكاسب المالية في آن واحد أن “الميزانيات محدودة بشكل متزايد ولا أعتقد أن الأمر لا يزال مربحا مثلما كان في الماضي” بالنسبة إلى الأجانب.
وهو يعود إلى بلاده بعد ثلاث سنوات ويقول “تم تسريحي، لكنني كنت سأغادر في كل الأحوال”.
ويرحل هذا الأسترالي حاملا معه مشاعر متناقضة عن إقامته في السعودية، فقد أقام صداقات متينة وكان راضيا عن الشقة التي شغلها في مجمع سكني مع حوض سباحة في الرياض، لكنه ينتقد صرامة الحياة في السعودية والقيود المفروضة على النساء اللواتي تحظر عليهن حتى قيادة سيارة.
بدوره، يرى مدير صندوق استثمار أجنبي قضى سنوات عدة في السعودية أن العصر الذهبي انتهى بالنسبة إلى العمال الوافدين الذين يتقاضون رواتب عالية. وقال “أعتقد أنه لن يعود هناك أجانب بعد عشر سنوات”.
وأكد الدبلوماسي الغربي أنه تم استبدال الأجانب الذين غادروا بـ“أوروبيين أقل كلفة كالبرتغاليين واليونانيين” فضلا عن أعداد متزايدة من العرب.
وكان شتيك الذي عين عربي محله، يعتزم البقاء سنة إضافية للاستفادة من المكاسب المقدمة له في شركته وجمع المزيد من المدخرات.
لكنه قال في نهاية المطاف “إنني سعيد بالمغادرة” ولو أنه يبدي مخاوف بشأن مستوى الراتب الذي سيحصل عليه في ألمانيا.
العرب اللندنية