الكويت – طالبت أوساط خليجية بالاستفادة من تداعيات الأزمة بين الكويت والفلبين للبحث عن أسلوب جديد في التعامل مع العمالة الأجنبية يتماشى مع اشتغال دول مجلس التعاون الخليجي على تحسين صورتها الخارجية في مجالات أخرى متعددة وعلى رأسها مقاومة التطرف.
واعتبرت هذه الأوساط أن تغيير التعاطي التقليدي مع العمالة الأجنبية بأسلوب جديد سيسحب البساط من تحت أرجل منظمات دولية وجمعيات حقوقية دأبت على ابتزاز بعض الدول الخليجية لتحقيق أجندات لا علاقة لها بحقوق الإنسان.
واستنكرت الكويت، الثلاثاء، ما اعتبرته تصعيدا من قبل مانيلا في قضية عمل الفلبينيين في الدولة الخليجية وذلك غداة إعلان سلطات البلد الآسيوي توسيع الحظر المفروض على عمل رعاياها في الكويت.
وقال وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح في مؤتمر صحافي “هذا التصعيد لن يخدم العلاقة بين الكويت والفلبين”.
وأضاف أن “التعاون للوصول إلى الحقائق بشأن كل تفاصيل الحوادث الفردية المؤسفة هي التي تساعد على الفهم وعلى التعاون وعلى زيادة العمالة الفلبينية في الكويت”.
وكانت الفلبين وسعت، الاثنين، الحظر الذي تفرضه على عمل مواطنيها في الكويت بعد توجيه الرئيس رودريغو دوتيرتي انتقادات حادة للكويت على خلفية تقارير بتعرض عمال فلبينيين للاستغلال وإساءة المعاملة.
وحث متابعون للشأن الخليجي الكويت على المسارعة بتطويق الأزمة حتى لا تبدو وكأنها تعبير عن موقف رسمي، فيما أن الأمر يتعلق بتيار معاد للوافدين، محدود ولكنه متصاعد، وما يحمله من تأثيرات سلبية على سمعة البلد وتقاليده والتزاماته الخارجية.
وحذر المتابعون من أن هناك تركيزا شديدا على وضع العمالة في الخليج على ضوء التقارير السلبية التي كشفت عنها مراقبة أوضاع العمالة في قطر التي تعمل ضمن المنشآت الخاصة بكأس العالم لكرة القدم 2022.
مراجع خليجية ترفض تعميم الانطباع بسوء المعاملة
وفيما تحاول كافة الدول الخليجية فرض تشريعات تنظم تلك العمالة بالمعنيين، في جانبها القانوني والإداري، يخفي الجدل جانبا ثقافيا مرتبطا بالعلاقة بين أرباب العمل والعمالة الأجنبية، كما السلوك الفردي الواجب على المواطنين انتهاجه في التعامل مع العمالة، لا سيما تلك التي تعمل داخل البيوت ولدى العائلات الخليجية والكويتية.
ويرى متخصصون في شؤون العمالة الأجنبية في الكويت أن الأمر لا يتعلق بالتشريعات، فهي تتطور ولو بإيقاعات بطيئة، وتسعى للاتساق مع المعايير الدولية. ويضيف هؤلاء أن أمر علاقات أرباب العمل مع المستخدمين تتطلب وعيا جماعيا عاما، خصوصا وأن تلك العمالة باتت ثابتا بنيويا داخل المنظومات الاجتماعية والاقتصادية الخليجية.
وترفض مراجع خليجية تعميم الانطباع بسوء معاملة يتعرض لها العمال الآسيويون، وتؤكد أن حالات الانتهاك لحقوق العمال تبقى ظاهرة استثنائية تمثل هامشا ضيقا من السلوك العام المتبع داخل منازل الخليجيين.
وتؤكد هذه المراجع أن جل البيوت الخليجية تتعامل مع المستخدمين بصفتهم جزءا من العائلة، وأن الوثوق بتلك العمالة في إيلائها العناية بأمور الأسرة بما في ذلك رعاية الأطفال يتطلب تعاملا جيدا مع تلك العمالة.
وترى دوائر اجتماعية كويتية أنه مع الاعتراف بأن التعامل مع عمال المنازل يبقى تحت السقف المقبول قانونيا، إلا أن انفجار فضائح سوء المعاملة والتعذيب يخفي ظواهر سلبية يسعى المجتمع إلى إخفائها وراء الأبواب، كما تسعى السلطات إلى التعامل معها باستخفاف ينم عن عدم احترام لحقوق العمال من جهة كما عدم الخشية من تداعيات سوء المعاملة على الاستقرار العام في البلاد.
وترد منذ زمن تقارير بتعرض الفلبينيين إلى الاستغلال والعمل الإضافي والاغتصاب والموت في ظروف غامضة في المنطقة.
وتقول بعض المصادر إن حجم العمالة الآسيوية بات يمثل قلقا لدى الجهات الأمنية بسبب ضخامة أعدادها كما ارتفاع نسب الاعتماد عليها، وأن تنظيم علاقة رب العمل بالعمالة بات مطلبا ضروريا لضمان الاستقرار الأمني والاجتماعي الداخلي ومكافحة معدلات الجريمة المنزلية التي تفصح عن علل خطيرة تشوب تلك العمالة.
وتقول السلطات الفلبينية إن 252 ألفا من رعاياها يعملون في الكويت، معظمهم في العمالة المنزلية. ويعمل أكثر من مليوني فلبيني في منطقة الشرق الأوسط ويضخون المليارات من الدولارات في اقتصاد بلادهم من الأموال التي يرسلونها لأسرهم سنويا.
العرب اللندنية