زيارة ميركل تبشّر بانتعاش الاقتصاد التونسي المتعثر

زيارة ميركل تبشّر بانتعاش الاقتصاد التونسي المتعثر

فتحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي زارت تونس أمس، للمرة الأولى، الباب أمام انتعاش الاقتصاد التونسي المتعثر، وهو ما يثبت، وفق خبراء، صلابة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

وفي مستهل زيارتها، أعلنت ميركل خلال مؤتمر صحافي جمعها بالرئيس التونسي الباجي قايد السبسي أن حكومتها ستقدم لتونس مساعدات بقيمة 250 مليون يورو لاستغلالها في مجال التنمية.

وكشفت أن بلادها سترفع في قيمة المساعدات لتونس سنويا بنحو 15 مليون يورو، ودعت الحكومة التونسية رسميا للمشاركة في قمة العشرين التي تستضيفها بلادها في يوليو المقبل، وهو ما يعكس الثقة في الديمقراطية التونسية الناشئة.

ويقول اقتصاديون إن ألمانيا، التي تعتبر قاطرة الاتحاد الأوروبي في معظم المجالات، تنظر إلى تونس على أنها وجهة استراتيجية من الناحية الاقتصادية لاحتوائها على مؤهلات الإنتاج واليد العاملة والمناخ الملائم للاستثمار.

وتعمل ألمانيا عبر المشاريع التنموية على دعم تأسيس الشركات وخاصة الشركات الناشئة لتوفير فرص عمل لكثير من الشباب التونسي الذي يتمتع بمستوى تعليم جيد، إضافة لتوفير مبالغ لوضع آفاق بديلة للتونسيين المرحلين من ألمانيا.
أنجيلا ميركل: الشباب في تونس يحتاج لفرص عمل وقد جئنا إلى هنا من أجل ذلك

وقالت ميركل إن “الشباب في تونس يحتاج لفرص عمل ونحن هنا لأجل ذلك”، مشيرة إلى أنّ بلادها خصصت 15 مليون يورو إضافية لتونس لمواجهة متطلبات المرحلين من بلادها.

وبحسب الغرفة التونسية الألمانية للتجارة والصناعة، فقد تم بين 2011 و2015 تركيز 54 مشروعا ألمانيّا جديدا في تونس، إضافة إلى توسعة 81 مشروعا قائما بالفعل، كما خصصت دعما بقيمة 291 مليون يورو.

وتعتبر ألمانيا ثالث أكبر شريك اقتصادي لتونس بعد فرنسا وإيطاليا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نهاية عام 2015 أكثر من 3.7 مليار يورو، بحسب وكالة النهوض بالصادرات.

وينشط في تونس أكثر من 258 شركة ألمانية، توفر أكثر من 60 ألف فرصة عمل وتعمل بالأساس في الصناعات الميكانيكية والكهربائية، وفق بيانات وكالة النهوض بالاستثمارات الخارجية.

ويتوقع أن يبرم البلدان عددا من الاتفاقيات تعزز العلاقات الاقتصادية في عدة قطاعات خلال المنتدى الاقتصادي التونسي الألماني في مقر الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية.

وتُعدّ زيارة ميركل، التي ترأست وفدا ضم 10 من كبار رجال الأعمال الألمان، فرصة للحسم في مسألة إنشاء مجموعة فولكسفاغن، عملاق صناعة السيارات، مصنع لها في تونس بعد التعرّف على المناخ السياسي في البلاد.

وفي حال تم الاتفاق، ستكون فولكسفاغن، ثاني شركة أوروبية لصناعة السيارات، في تونس بعد شركة بيجو الفرنسية التي تقيم مصنعا لتركيب سياراتها، إذ تعد من أبرز العلامات التجارية في السوق التونسية.

3.7 مليار يورو، حجم التبادل التجاري التونسي الألماني في 2015، وفق مركز النهوض بالصادرات

وأكد رؤوف بن دبة رئيس الغرفة التونسية الألمانية أن تونس تجري مفاوضات متقدمة مع الشركة الألمانية قصد إنجاز مصنع بتونس موجّه أساسا للتصدير.

وقال إن “الزيارة سيكون لها انعكاسات إيجابية باتجاه دفع التعاون الاقتصادي بين البلدين الصديقين، وتشجيع شركات ألمانية جديدة على الاستثمار في تونس”.

وفي إطار تعزيز التعاون الثنائي، دشّن البلدان مركزا مشتركا للإعلام حول الهجرة والعمل والاندماج وإعادة الاندماج في سوق العمل التونسي. وتم إنشاء هذا المركز بتمويل من الحكومة الألمانية في إطار دفع التنمية.

ويمثل الطلب على السلع الاستهلاكية والخدمات والسياحة محفزا لتونس لدعم اقتصادها المتعثر، والذي يكمن مستقبله في الاندماج أكثر في كافة الأسواق من خلال قطاعات ذات قيمة مضافة.

وقدّمت برلين دعما لتونس عندما شاركت في المؤتمر الدولي للاستثمار (تونس 2020) في أواخر نوفمبر الماضي، حيث تم التوقيع على اتفاقية قرض بقيمة 120 مليون يورو مع المؤسسة الألمانية للقروض والإعمار.

وتمكنـت الـدبلـومـاسيـة الاقتصــادية التونسية من حصد حزمة من الاتفاقيات مع إيطاليا ووعود كبيرة بتدفق الاستثمارات، ورفع مستوى الصادرات لتحريك عجلة النمو الراكدة الشهر الماضي، مستغلة في ذلك موقعها الاستراتيجي وتجربتها الفريدة في المنطقة.

ولكن الأمر لا ينحصر في أوروبا، فتونس بدأت في تحريك دبلوماسيتها الاقتصادية في جميع الاتجاهات لتصل إلى آسيا، حيث كشف وزير التجارة والصناعة زياد العذاري في وقت سابق، أن شركات آسيوية لصناعة السيارات تبحث في تركيز مصانع لها بتونس.

ويستند مخطط التنمية التونسي على 5 محاور أساسية، من أهمها خفض العجز في الميزان التجاري عبر رفع مستوى الصادرات بنحو 3.4 بالمئة بعد أن شهد قطاع التصدير في السنوات الست الماضية انكماشا بلغ نحو 0.9 بالمئة.

وتريد الحكومة رفع معدل الاستثمار أيضا ليبلغ نحو 8.3 من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020 بعد أن سجل نحو 2.9 بالمئة في مخطط التنمية السابق.

العرب اللندنية