حذر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الأسبوع الماضي في هيوستن القطاع النفطي في «أوبك» وخارجها من الاعتماد على السعودية لرفع أسعار النفط. وفي حديثه مع ممثلي صناديق التحوط قال: «لا تبالغوا بالتفاؤل لأننا لسنا هنا لنؤمن لكم الأرباح. وتعكس أقوال الفالح رفض السعودية أن تتحمل وحدها عبء استقرار السوق ورفع الأسعار. أن أسعار النفط شهدت انخفاضاً ملموساً منذ تحسنت إلى ٥٥ دولاراً للبرميل بعد قرار دول «أوبك» الذي قادت التوصل إليه السعودية ودول الخليج الأخرى تخفيض الإنتاج بـ ١،٢ مليون برميل في اليوم. والمخزون النفطي الأميركي استمر في الزيادة لأن إنتاج النفط الأميركي زاد بحوالي ٣٣٠ ألف برميل في ٢٠١٧ بالمقارنة مع ٢٠١٦. والمخزون يصل إلى ذروته في الشهر الجاري ما أدى إلى انخفاض سعر النفط. ولكن المتوقع أن يبدأ انخفاض مستوى المخزون الشهر المقبل. فتخفيض إنتاج «أوبك» لم يكن له تأثير على المخزون الأميركي خصوصاً بسبب ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي. فقد زاد إنتاج هذا النفط منذ أن بلغت أسعار النفط العالمية أكثر من ٤٠ دولاراً للبرميل. ولفت الفالح إلى أن بإمكان السوق النفطية استيعاب زيادة ٣ إلى ٥ ملايين برميل في اليوم من الإنتاج النفطي الأميركي شرط أن يكون ذلك تدريجياً وموزعاً على سنوات عدة لأن بإمكان هذه الزيادات أن تعوض عن الانخفاض في إنتاج مكسيكو وبحر الشمال كما قال الفالح. ولكن الشركات التي تعود بدفع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تعهد بأنه سيزيل أي عائق أمام شركات الطاقة الأميركية للتنقيب والإنتاج ستسرع عودتها إلى السوق لأنها ليست محكومة بقرار حكومتها كونها شركات خاصة ومنها الصغيرة التي تريد أرباحاً سريعة. ولكن الفالح حذر من أن زيادة الإنتاج الأميركية مسيئة للسوق إذا كانت زيادة كبيرة خلال سنتين.
وكانت السعودية غيرت سياستها النفطية بعد السنتين اللتين شهدتا انخفاضاً كبيراً في سعر النفط وقررت العمل على تخفيض الإنتاج في إطار منظمة «أوبك». وبعد الاعتماد على سياسة الدفاع عن الحصة الإنتاجية انتهجت السعودية مع وزيرها الجديد الذي خلف علي النعيمي سياسة إدارة الإنتاج. ولكن المشكلة أن مستويات سعر النفط المستقرة ساعدت الشركات الأميركية على العودة إلى الاستثمار في التنقيب والإنتاج في النفط الصخري. والمعضلة أن تخفيض حصة إنتاج السعودية بشكل ملموس مع بقية دول الخليج ساهمت لفترة وجيزة في تحسين مستوى سعر النفط، ولكن سرعان ما استفادت من ذلك الشركات الأميركية. واليوم «أوبك» أمام معضلة لأنها غير قادرة على إجبار الشركات الأميركية على التعاون من أجل رفع سعر النفط. فالصعوبة الآن هي في أي من الحلين هو الأفضل، هل هو الدفاع عن الحصة الإنتاجية والبقاء على حصة مرتفعة تعطي زخماً ووزناً سياسياً أكبر لأي منتج نفطي أو التضحية بالحصة في سبيل تحسين العائدات وأموال الدولة. ولكن هذا أيضا فيه تحدّ من صعود شركات صغرى تستفيد من جهود غيرها من أجل استقرار السوق والأسعار. وحذر الفالح في مقابلة في أميركا من أن «أوبك» لن تخفض إنتاجها وحصتها من السوق إلى الأبد لإعطاء المكان في السوق لزيادة الإنتاج الأميركي. ولكن رغم ذلك فتخفيض إنتاج السعودية بحوالى ٥ إلى ٧ في المئة مكّنها مع دول «أوبك» من أن تربح من مبيعات نفطها بين ١٥ إلى ٢٠ في المئة وهذا أمر إيجابي بالنسبة إلى سياستها النفطية رغم التحديات الموجودة. فعدم اليقين بالنسبة إلى الأسعار ونمط زيادة الإنتاج الأميركي هو اليوم التحدي الأكبر الذي يضع علامة استفهام على تطورات الأسواق.
رندة تقي دين
صحيفة الحياة اللندنية