في الوقت الّذي تبلغ فيه الحرب على الإرهاب ذروتها، فضّلت محكمة الاستئناف، يوم الخميس 26 فبراير، إبقاء جورج إبراهيم عبد الله في الحجز. وهذا الرجل البالغ من العمر 63 عامًا، والّذي يُنظر إليه على أنّه إرهابي خطير من قبل البعض، ومجرّد مقاوم لبناني من البعض الآخر، معتقل منذ أكثر من 30 عامًا.
من هو جورج إبراهيم عبد الله؟
حكم على جورج إبراهيم عبد الله الّذي اعتقل في مدينة ليون الفرنسية يوم 24 أكتوبر 1984 بالسجن مدى الحياة من قبل محكمة العقوبات المتشدّدة في ليون، في عام 1987، بتهمة التواطؤ في قتل دبلوماسيين اثنين في باريس في عام 1982، وهما الأمريكي تشارلز راي والإسرائيلي ياكوف بارسيمنتوف.
يعرّف جورج إبراهيم عبد الله نفسه على أنّه “ثوري” ومناضل من أجل القضية الفلسطينية، وقد شارك في تأسيس الفصائل المسلّحة الثورية اللبنانية في عام 1980، وهي مجموعة ماركسية مؤيدة لسوريا ومعادية لإسرائيل، تبّنت خمس هجمات، من بينها أربع قاتلة في فرنسا بين عامي 1981 و1982.
كان عبد الله يهدف إلى تحرير لبنان من أي وجود أجنبي (فرنسا والولايات المتّحدة وإسرائيل)، وإنشاء دولة فلسطينية.
أدين في سياق سياسي متوتر
أتت إدانة هذا المناضل اللبناني في سياق سياسي متوتر بشكل خاص، كما اشتبه فيه بأنّه وراء سلسلة من التفجيرات هزّت فرنسا في عامي 1985 و1986 (خلفت 13 قتيلًا ومئات الجرحى)، وتمّ تبنّيها من قبل “لجنة التضامن مع السجناء السياسيين العرب“، المجموعة المطالبة بالإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله.
ولكن بعد إدانته، علمت السلطات أنّه لم تكن له علاقة بهذه الهجمات.
رفض 9 طلبات إفراج
إنّ جورج إبراهيم عبد الله مؤهل للحصول على سراح شرطي منذ عام 1999، وتقدّم بـ 9 طلبات للإفراج عنه، ولكن جميعها بلا جدوى. وفي عام 2003، قبلت العدالة الفرنسية الإفراج عنه، لكنّ وزير العدل آنذاك “دومينيك بيرين” عارض القرار، وطلب من المدعّي العام استئنافه، وتدخّل الأمريكان كذلك معتبرين أن المتّهم لا يزال يمثّل تهديدًا نشطًا. ورفضت محكمة الاستئناف في نهاية المطاف إطلاق سراحه.
وفي عام 2013، قضت المحكمة بالإفراج عن جورج عبد الله، ولكن رئيس الوزراء الحالي ووزير الداخلية آنذاك “مانويل فالس” اتّخذ قرارًا بوقف ترحيله، فتدخلّت المحكمة العليا لإلغاء قرار السراح الشرطي بحجّة أنه كان على السجين أن يتقدّم بطلب أن يبقى “تحت المراقبة أو قيد الإقامة الجبرية أو أن يوضع تحت المراقبة الإلكترونية لمدّة عام على الأقل“.
تعدّ على مبدأ الفصل بين السلطات؟
رفضت محكمة تنفيذ الأحكام يوم 5 نوفمبر 2014 من جديد الإفراج عن الزعيم السابق للفصائل المسلّحة الثورية اللبنانية، وهو القرار الّذي تأكّد يوم 26 فبراير في محكمة الاستئناف.
تم الإعلان عن رفض طلبه لأنه لم يخضع مسبقًا لأمر الترحيل. وأضافت محكمة الاستئناف لهذه الحجة أنّ المناضل السابق “لم يندم على الأفعال الّتي أدين بها“، وأشار إلى أنّه لن يعوّض ورثة الضحايا.
يرى المحامي جان لوي شانسليه أن جعل السراح الشرطي مشروط بالتوقيع المسبق على أمر الترحيل “إعاقة لمبدأ الفصل بين السلطات“، أي أنّ السلطة التنفيذية تملي قراراتها على السلطة القضائية. وقد أعلن أنّه سيتقدّم بطعن لدى محكمة النقض ضدّ هذا القرار.
العديد من المؤيدين
يؤكد جان لو شانسليه أنّ جورج إبراهيم عبد الله يرغب في الالتحاق بلبنان خاشيًا على أمنه في فرنسا، ولهذا لم يتقدّم بطلب لإطلاق سراحه، على أن يبقى قيد الإقامة الجبرية. وسيتمّ “الترحيب به بشكل لافت” في لبنان، حيث “تنتظره” السلطات منذ عدة سنوات.
أثار مصير جورج إبراهيم عبد الله تعاطف عدّة جمعيات وأحزاب سياسية ونوّاب يساريين، عبّر بعضهم عن تضامنه معه خلال المحاكمة. وأدان إيف بونيه الّذي كان رئيس “إدارة أمن الأقاليم” (المخابرات التابعة لوزارة الداخلية) عند اعتقال المناضل اللبناني، في أعمدة صحيفة لا دايباش في عام 2012 “انتقام الدولة“، معتبرًا أنّ: “استمرار اعتقال جورج إبراهيم عبد الله أمر مخجل وغير طبيعي“.
نقلا عن التقرير