أديس أبابا – تعزز الدوحة من ضغوطها على الحكومة المصرية عبر زيارة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى أديس أبابا، التي تشهد علاقاتها توترا مع القاهرة، في ترجمة لمحاولات الالتفاف الجيوسياسي والالتفاف المعاكس بين الجانبين في منطقة القرن الأفريقي.
وتسعى قطر إلى دعم إثيوبيا في مواجهة تحركات مصرية إقليمية لحصار نفوذها في القرن الأفريقي بالتزامن مع تسريع إثيوبيا وتيرة بناء سد النهضة، إذ عززت مصر من تفاهماتها مع “دول الطوق” لإثيوبيا بدءا بإريتريا وجنوب أفريقيا، ووصولا إلى كينيا وأوغندا.
وتعطي زيارة الشيخ تميم مخرجا لإثيوبيا عبر صفقات التعاون التنموي والاقتصادي، كما تبحث عن مدخل استراتيجي لقطر إلى قلب أفريقيا.
وقال بيان صحافي صادر عن السفارة القطرية بأديس أبابا إن “الشيخ تميم بن حمد يعتزم إجراء زيارة لإثيوبيا، الاثنين المقبل، هي الأولى من نوعها” منذ تسلمه السلطة في بلاده في 25 يونيو 2013 وتهدف إلى “تعزيز الشراكة” بين البلدين.
ومن المقرر أن “يبحث أمير قطر خلال الزيارة التي تستغرق يومين مع رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين والرئيس الإثيوبي ملاتو تشومي، العلاقات الثنائية وسبل تعزيز مجالات التعاون بين البلدين، إضافة إلى جملة من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”، وفق بيان السفارة.
وتنقل الزيارة الدعم القطري لتنظيم الإخوان المسلمين المعادي للحكم في مصر، إلى دعم دولة تصنفها القاهرة “معادية”، إثر تعنت إثيوبيا المضي قدما في بناء السد الذي يخصم من الحصص التاريخية لمصر في مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وهو ما قد يتسبب في اندلاع صراع يتخطى المشاحنات الدبلوماسية بين الجانبين.
وفي ديسمبر الماضي زار المستشار في الديوان الملكي السعودي أحمد الخطيب موقع بناء سد النهضة. وصبت هذه الزيارة المزيد من الزيت على النار في الخلافات بين القاهرة والرياض، قبل أن يتم تداركها على هامش القمة العربية التي انعقدت في الأردن أواخر الشهر الماضي.
وبعد يومين زار وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أديس أبابا.
وتقول أماني الطويل، رئيس وحدة وادي النيل والسودان بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، لـ”العرب” إن “لدى الشيخ تميم طموحات كبيرة لتشكيل تحالف يضم إثيوبيا والسودان إلى جانب بلاده في مواجهة مصر”.
وانتظرت قطر طويلا لإجراء زيارة الشيخ تميم إلى حين قرب اكتمال بناء السد. ويقول مراقبون إن الدوحة لم تكن مستعدة للمغامرة والدخول منذ البداية على خط الأزمة، في قضية قد تكون خاسرة لإثيوبيا.
ويبدو أن مصر استنفدت معظم أوراقها الدبلوماسية، وهو ما شجع قطر على الاستثمار في توتر علاقاتها مع إثيوبيا.
وهدف قطر هو تقويض النظام المصري منذ إطاحة الجيش بالرئيس المنتمي إلى الإخوان محمد مرسي في يوليو 2013.
لكن التعاون مع إثيوبيا خصوصا لا يستهدف نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لكنه سيتسبب في الدخول على خط نزاع حول الموارد المائية لمصر التي تعتبرها مسألة أمن قومي، بغض النظر عن اسم الرئيس أو طبيعة النظام الحاكم. ويعني هذا دخول قطر في مواجهة مع الغالبية من المصريين المؤيدين للسيسي.
وسيكون الإسلاميون المصريون الذين يدعمون قطر تقليديا في مأزق الإعلان عن موقفهم بوضوح إثر هذه الزيارة. وتتهم مصر الكثير منهم فعليا بالتعاون مع دول أجنبية والعمل وفق مصالحها.
وتراجع كثيرا التأثير السياسي للإسلاميين في الداخل المصري. وأجبر ذلك قطر على البحث عن بدائل إقليمية فعالة تمكنها من إزعاج القاهرة.
وقالت الطويل لـ”العرب” إن “قطر وإثيوبيا والسودان لا تتوافر لديها مقومات أو إرادة حقيقية لتشكيل تحالف قادر على التسبب في مشاكل كبيرة لمصر، ومعظم التصورات التي تحكم قادة هذه الدول تنم عن مكايدات سياسية أكثر منها رؤى استراتيجية”.
العرب اللندنية