بغداد – لم تنتظر ميليشيا عصائب أهل الحق المنضوية تحت قوات الحشد الشعبي انتهاء معارك تحرير الموصل، لتؤكد أكبر مخاوف العراقيين من مرحلة ما بعد داعش، حيث تتجه الفصائل المسلحة الموالية لإيران، بعد عودتها من الحرب، نحو السيطرة على القرار الأمني وقمع المناوئين للسياسات الإيرانية في العراق.
وفجرت عصائب أهل الحق، مساء الاثنين، مقرا للحزب الشيوعي العراقي في مدينة الديوانية جنوب العراق، التي شهدت جامعتها قبل ساعات تظاهرة مناوئة لزعيم الميليشيا قيس الخزعلي في جامعة القادسية.
وذكر مصدر في الشرطة العراقية بمحافظة الديوانية (180 كيلومترا جنوب العاصمة بغداد)، الثلاثاء، أن مقر الحزب الشيوعي في المحافظة تعرض إلى هجوم مسلح، وأن “مسلحين مجهولين ألقوا قنابل يدوية على مقر الحزب الشيوعي في محافظة الديوانية”، مضيفا أن “الهجوم أدى إلى حرق مقر الحزب دون وقوع أي إصابات بشرية”.
وقبل وقوع الاعتداء بالقنابل، اتهم بيان للعصائب أحد أعضاء الحزب الشيوعي في الديوانية بتنظيــم التظاهرة ضد الخزعلي.
وأبلغ أعضاء في قيادة الحزب الشيوعي “العرب” أنهم كانوا يتوقعون ردا عنيفا من ميليشيا عصائب أهل الحق ضد مقراتهم في المحافظات الجنوبية، لذلك وجهوا بإخلائها قبل حلول ليل الاثنين.
وتداولت وسائل إعلام محلية صورا لمقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية، بعد تعرضه لانفجارات ناجمة عن إلقاء قنابل يدوية من قبل مجهولين في وقت متأخر من ليل الاثنين، بعد ساعات من قيام حرس قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق، بالاعتداء على طلبة في جامعة الديوانية، احتجوا على حضوره إلى الحرم الجامعي لإلقاء محاضرة عن دور الحشد الشعبي.
ويقول مراقبون في بغداد إن حادثة الديوانية ما هي إلا مقدمة لما سيكون عليه الحال في العراق بعد انتفاء الحاجة لقوات الحشد الشعبي وعودتها إلى مواقعها السابقة، حيث يتوقع أن تحاول الاستحواذ على القرار الأمني في البلاد.
وقال مراقب سياسي عراقي “قد يبدو حرق مقر لحزب ليس طرفا في الصراع أمرا هينا بالمقارنة مع ما يمكن أن تشهده المرحلة المقبلة من نزاعات دموية في ظل غياب الدولة وهيمنة الأعراف العشائرية”.
وكتب مدونون عراقيون في وسائل التواصل الاجتماعي أن “داعش فجر مقر الحزب الشيوعي في الديوانية”، في إشارة إلى تطابق منهج الميليشيات المسلحة الموالية لإيران وأيديولوجية تنظيم داعش.
وقال عضو الحزب الشيوعي العراقي محمود الهيتي، إن “الفوبيا الآن ليست فوبيا شيوعية فقط، إنها فوبيا من الوطنية والخيار المدني”.
ويقول الصحافي العراقي صفاء خلف إن “الهجوم على مقر الحزب الشيوعي العراقي بالديوانية، إنما هو صورة مقرّبة لما سيحصل حين توجه البنادق إلى الداخل وحين تعود الميليشيات من الشام، فالتطابق بين من يريد (خلافة) ومن يريد (ولاية) بائن جدا. فالشريعة هي ما يوجه الفوهات، والتاريخ الغامض هو ما يحرك الأحقاد، والسلاح هو ما يكمم الحريات”.
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن الدولة المستضعفة من داخلها لا تملك القدرة على احتواء الحشد الشعبي والتحكم في حركته، ذلك لأنه وبغض النظر عن التصريحات الرسمية لا يخضع لسيطرتها بسبب تبعيته المباشرة للحرس الثوري الإيراني.
وتوقع في تصريح لـ”العرب” بوقوع صراع شيعي ــ شيعي تعجز إيران عن السيطرة عليه أو أنها لن تكون راغبة
في الاستمرار في تأجيله، بسبب إسنادها المباشر لأطراف موالية لها أكثر من أطراف أخرى.
العرب اللندنية