بغداد – تعمل إيران على إعادة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، إلى رئاسة التحالف الشيعي الحاكم في العراق في مسعى منها لإعادته إلى رئاسة الحكومة بدلا من رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي بدأ يقترب من واشنطن في صراعها مع طهران على العراق كمركز نفوذ.
ومع إعلان زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم، انتهاء مهامه رئيسا للتحالف الشيعي الحاكم، يترقب المالكي، وهو رئيس ائتلاف دولة القانون، تسلم رئاسة التحالف الذي يحتكر عملية تسمية رئيس الحكومة.
وأعلن الحكيم منتصف الأسبوع أنه سيتخلى عن رئاسة “التحالف الوطني العراقي” الذي يضم جميع النواب الشيعة في البرلمان العراقي.
وقال الحكيم إنه أنجز الحدود الدنيا من التوافق بين القوى المشكلة لهذا التحالف، وهي دولة القانون بزعامة المالكي، والأحرار بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الأعلى بزعامته، وحزب الفضيلة بزعامة محمد اليعقوبي.
ووفقا لمصادر سياسية شيعية في بغداد، فإن اتفاق تسمية الحكيم رئيسا للتحالف الوطني مدة عام واحد، ينص على أن المالكي هو من يتسلم رئاسة التحالف بعد ذلك.
وإذا ما جرت الأمور على هذا الأساس، فإن مرحلة تولي المالكي رئاسة التحالف ستشهد تسمية رئيس الوزراء القادم في العراق، وهو ما يتفق والاستراتيجية التي رسمها رئيس ائتلاف دولة القانون لنفسه من أجل العودة إلى رئاسة الحكومة في ولاية جديدة.
وكشف قيادي بارز في ائتلاف دولة القانون في حديث مع “العرب”، أن المالكي “شبه متيقن من أن عودته إلى منصب رئيس الوزراء، الذي شغله 8 أعوام، مستحيلة”، موضحا أن “المالكي أكثر من يدرك حجم الاعتراضات الداخلية والخارجية التي تمنع عودته رئيسا للوزراء”.
ويضيف أن “الولايات المتحدة لن تقبل بعودته، وكذلك السعودية وتركيا، إذ لديه مشاكل كبيرة مع هؤلاء”.
وقال مراقبون إن عودة المالكي إلى رئاسة التحالف الحاكم تأتي في ظرف سياسي مهم قد يستفيد منه في سعيه إلى ولاية ثالثة، خاصة في ظل المخاوف الإيرانية من العودة القوية لواشنطن إلى العراق ورغبتها الواضحة في استعادته من هيمنة طهران.
وأشار مراقب سياسي عراقي إلى أن “إيران يبدو أنها لن تتخلى عن المالكي في ظل الظرف الحالي الذي تشعر فيه بإمكانية أن تلعب الولايات المتحدة دورا حاسما في تحجيم وجودها وتمددها في العراق”.
وأضاف المراقب في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الحرب القادمة بين الطرفين إذا ما وقعت سيكون العراق مساحتها. لذلك تشعر إيران بضرورة تكريس المالكي ظاهرة شيعية تابعة لها، بعيدا عن الأصوات الشيعية التي تنادي بالنأي بالعراق بعيدا عن صراع إيراني ــ أميركي متوقع مثلما هو الحال مع العبادي”.
واعتبر أن “إيران حاولت تعويض المالكي عن خسارته لرئاسة الوزراء من خلال تنصيبه عرابا سياسيا للتحالف الوطني الذي كان عمار الحكيم يقوده صوريا، الأمر الذي دفعه إلى تصدر المشهد الشيعي المتشدد في الدفاع عن الحشد الشعبي باعتباره واحدا من أهم ثمار سنوات حكمه”، مؤكدا أنه “لولا سقوط الموصل ما كان من الممكن أن تأتلف الميليشيات الشيعية لتشكل ميليشيا واحدة”.
ويواجه المالكي، داخليا، اعتراض معظم الأطراف السياسية السنية والجزء الأكبر من الأكراد، فضلا عن ذلك اعتراضا شيعيا كبيرا ممثلا بالتيار الصدري.
ووفقا للمتحدث فإن المالكي الذي يدرك صعوبة تجاوز كل هذه الاعتراضات الخارجية والداخلية على عودته، يخطط للتحول إلى “صانع الملوك”، ولن يجد أهم من موقع رئيس التحالف الشيعي ليلعب هذا الدور.
وسيمكن موقع رئيس التحالف الشيعي المالكي من لعب دور كبير في عملية تسمية رئيس الوزراء العراقي، بعد الانتخابات العامة المقررة في أبريل 2018.
لكن الصدريين الذين تحفظوا على حضور اجتماعات التحالف طيلة مدة رئاسة الحكيم له، بالرغم من عدم إعلانهم مغادرته، ربما يضطرون إلى المغادرة في حال تولى المالكي رئاسته، وفقا لمراقبين.
ويراهن المالكي على اضطرار الأحزاب الشيعية إلى التجمع في كيان سياسي واحد عقب الانتخابات إذا ما أرادت الحفاظ على منصب رئيس الوزراء.
وحتى بعد أن انقلبت الأطراف الأساسية في التحالف عليه لدى ترشحه للولاية الثالثة، والدفع برئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بدلا عنه، لم يغادر المالكي هذا التحالف، لأن خروجه يعني خسارة العمل ضمن الكتلة البرلمانية التي تحوز أغلبية مقاعد مجلس النواب وتتحكم في تسمية مرشحين لكبرى المناصب التنفيذية.
ويقول مراقبون إن الخلافات الحادة بين الأطراف السياسية الشيعية محكومة بسقف معين، إذا تجاوزته ستخسر قوة الأغلبية.
العرب اللندنية