دخل السباق بين إيران وقطر لاستغلال حقل غاز مشترك مرحلة جديدة أمس حين دشن الرئيس الإيراني حسن روحاني 5 مراحل جديدة في مشروع حقل بارس الجنوبي المشترك مع قطر، الذي تطلق عليه اسم حقل الشمال.
ويقول محللون إن إيران وقطر قد تدخلان في سباق لإنتاج أكبر كمية ممكنة من الحقل المشترك وأن ذلك قد يؤدي لإغراق الأسواق المتخمة بالغاز ولمزيد من تراجع أسعار الغاز التي فقدت نحو 65 بالمئة من قيمتها منذ منتصف عام 2014.
ويرجح محللون أن تدخل العلاقات بين قطر وإيران مرحلة جديدة يهيمن عليها سباق إنتاج النفط والغاز من الحقل المشترك. ويمكن أن يعكر ذلك المهادنة التي غلبت على علاقات البلدين وينهي استئثار الدوحة بمعظم إنتاج الحقل لفترة طويلة.
وذكرت تقارير إيرانية إن تلك المراحل تتطلب استثمارات بقيمة 20 مليار دولار في خطوة لتسريع استثماراتها المتعثرة في الحقل منذ 12 عاما بسبب العقوبات الدولية.
وأكد مسؤولون إيرانيون أن إطلاق المراحل 17 إلى 21 يمهد الطريق أمام إيران لتجاوز مستويات إنتاج الغاز لدى جارتها قطر التي تتشارك معها في الحقل البحري.
وقال روحاني إن إنتاج إيران من ذلك الحقل يبلغ حاليا نحو 575 مليون متر مكعب يوميا، أي ما يعادل نحو 65 بالمئة من مجموع إنتاجها البلغ نحو 885 مليون متر مكعب يوميا. وتهدف المراحل الجديدة لزيادة إنتاج الغاز بنحو 150 مليون متر مكعب يوميا.
ولم يحدد روحاني ولا المسؤولون الآخرون الذين شاركوا في المناسبة إطارا زمنيا للمشروعات. وذكرت وسائل إعلام حكومية أن طهران أطلقت أيضا 4 مشروعات للبتروكيماويات تصل طاقتها الإنتاجية إلى مليون طن سنويا وتقدر قيمتها بنحو ملياري دولار.
وأكد وزير النفط الإيراني بيجان زنغنة أن بلاده “نجحت في ذروة العقوبات الدولية في تطوير 11 مرحلة في حقل جنوب بارس الجنوبي بمساعدة المهندسين والعمال الإيرانيين”.
وكانت قطر قد رفعت التجميد الذي كانت فرضته على تطوير الحقل المشترك بداية الشهر الحالي بعد توقف دام 12 سنة، لتدخل في سباق مع إيران لاستغلال احتياطات الحقل المشترك.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد شريدة الكعبي حينها أن القرار لا علاقة له بخطط إيران لتطوير الجزء الخاص بها من حقل الغاز المشترك.
لكن محللين ربطوا بين القرار القطري والخطط الإيرانية لاستغلال الحقل المشترك، الذي استأثرت قطر بمعظم إنتاجه منذ عام 1991، في وقت تعثرت فيه جهود طهران بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وقد تحتاج إيران لسنوات طويلة لاستقطاب الاستثمارات والتكنولوجيا لبلوغ مرحلة الإنتاج الواسع من الحقل المشترك، في حين تملك قطر أحدث المنشآت العالمية لاستخراج وتسييل الغاز ونقله إلى الأسواق العالمية.
وكانت وزارة النفط الإيرانية قد أعلنت في 19 مارس الماضي للمرة الأولى عن بدء الإنتاج من آبار جديدة من الحقل العملاق، الذي تبلغ مساحته نحو 9700 كيلومتر مربع، يقع 6000 كيلومتر مربع منها في المياه الإقليمية القطرية.
وتملك إيران ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم بعد روسيا ورابع أكبر احتياطي نفطي. وقد وافقت في يناير الماضي على مشاركة 29 مؤسسة دولية نفطية في مشاريع لإنتاج الطاقة.
لكن الحكومة الإيرانية لا تزال تعمل لوضع اللمسات النهائية على عقد جديد للمستثمرين الأجانب، في ظل تجاذبات حادة بين المتشددين والإصلاحين بشأن الحوافز التي يمكن أن تمنح للشركات الأجنبية.
ووقعت مجموعة توتال النفطية الفرنسية في نوفمبر الماضي اتفاقا مبدئيا بقيمة 4.8 مليار دولار لتطوير المرحلة 11 من مشروع حقل بارس الجنوبي لكنها أوضحت أنها ستنتظر مؤشرات من واشنطن قبل وضع اللمسات النهائية على الاتفاق.
ورغم رفع عدة عقوبات ومن ضمنها تلك التي استهدفت قطاع الطاقة بعد اتفاق توصلت إليه طهران مع الدول الكبرى بشأن برنامجها النووي عام 2015، إلا أن واشنطن أبقت على بعض العقوبات التي لا تزال تعرقل الاستثمارات وتثير قلق الشركات الأجنبية.
كما أن القيود المفروضة بشأن الأسواق التي يمكن أن يباع النفط فيها، تشكل نقطة شائكة حيث تقلص من قدرة الشركات على تعظيم هوامش الأرباح وبصفة خاصة في سوق متخمة بالمعروض.
ومنذ تطبيق الاتفاق النووي في يناير 2016، زادت إيران إنتاجها النفطي من 2.6 مليون برميل يوميا إلى 3.9 مليون برميل في وقت تضاعفت فيه صادراتها النفطية من مليون برميل إلى نحو 3 ملايين برميل يوميا.
وحققت قطر عوائد مالية كبيرة من استئثارها بتصدير الغاز ورفعت إنتاجها بوتيرة سريعة. وحرصت طوال تلك الفترة على عدم استفزاز إيران لمواصلة الإنتاج من الحقل المشترك.
وتصل احتياطات الحقل المشترك القابلة للاستخراج إلى 900 تريليون قدم مكعبة ما يعادل نحو 8 بالمئة من احتياطات الغاز الطبيعي المؤكدة في العالم، إضافة إلى احتياطيات نفطية تتجاوز 14 مليار برميل.
صحيفة العرب اللندنية