الجزائر – تزامن انطلاق عملية الاقتراع بالنسبة إلى الجزائريين في الخارج، السبت، مع الرسالة التي توجه بها الرئيس بوتفليقة للجزائريين، من أجل حضهم على المشاركة القوية في الانتخابات، وتقديم ضمانات السلطة، في ما يتعلق بالحياد والشفافية في عملية الاقتراع، عبر الآليات المستحدثة لتسيير ومراقبة العملية، والخطاب السياسي للقيادة السياسية في البلاد.
وجاءت رسالة الرئيس بوتفليقة، لطمأنة الرأي العام المحلي والخارجي، حول شفافية وحياد الفاعلين في العملية الانتخابية، في ظل شكوك التزوير والتلاعب بالأصوات التي ميّزت مختلف الاستحقاقات الانتخابية الماضية، وحاجة البلاد إلى مؤسسة برلمانية تنبثق من الإرادة الحقيقية للناخبين، بعد أزمة الشرعية التي خيّمت على البرلمانات الماضية.
ودعا بوتفليقة السبت، كافة المسؤولين والأعوان العموميين المكلفين بالانتخابات التشريعية المقررة الخميس، إلى التحلي بـ”الحياد التام” والسهر على “الاحترام الدقيق” لأحكام القانون والنصوص المنظمة للعملية.
ودأب الرئيس الجزائري على توجيه رسائل مماثلة في المواعيد الانتخابية السابقة، بنفس الرسائل السياسية والدعائية، إلا أن اتهامات التزوير والتلاعب ظلت تلاحق الانتخابات السابقة، بسبب انحياز الإدارة لصالح أحزاب السلطة، والدور الذي كان يقوم به جهاز الاستخبارات المنحلّ من خلف الستار في حسم نتائج الاقتراعات والمشهد السياسي.
وقال بوتفليقة في الرسالة التي وجهها للجزائريين، بالتزامن مع انطلاق عملية التصويت في الخارج، ودخول مرحلة الصمت الانتخابي، وبثتها وكالة الأنباء الرسمية “أهيب بكافة المسؤولين والأعوان العموميين، المناط بهم النهوض بهذه العملية أن يتحلّوا بالحياد التام، وأن يسهروا على الاحترام الدقيق لأحكام القانون ذات الصلة”.
وقرأت الرسالة بالنيابة عنه وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال إيمان هدى فرعون خلال لقاء وطني تحسيسي تحت شعار “المجتمع المدني دعامة للصرح الديمقراطي”، نظم السبت في العاصمة.
وأضاف “وإنني لأؤكد للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات أنها ستلقى مني كل الدعم في أداء مهمتها المنصوص عنها في الدستور والمفصّلة بنص القانون”.
وكانت مكاتب التصويت الخاصة بالجالية الجزائرية في الخارج، قد فتحت أبوابها، ابتداء من السبت، لاستقبال قرابة مليون ناخب أغلبهم في فرنسا لاختيار 8 أعضاء بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، في إطار الاقتراع البرلماني المقرر الخميس القادم في الداخل.
وينتظر أن تنطلق ابتداء من نهار الاثنين عملية، اقتراع ما يعرف بـ”الصناديق المتنقلة”، الخاصة بانتخاب فئة البدو الرحل، في المحافظات والمناطق النائية بالبلاد، حيث سخّرت لها السلطات كافة الإمكانيات البشرية واللوجيستية اللازمة.
وهي الصناديق التي كانت محلّ شكوك الطبقة السياسية، بالنظر إلى إمكانية التلاعب بنتائجها، بسبب صعوبة مراقبتها، ومرافقة أعوان الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة للطواقم الإدارية المكلفة بالعملية، مما حدا بوزارة الداخلية إلى تقليص أعدادها لطمأنة المشاركين في السباق الانتخابي.
وفي ظل غياب عمليات سبر الآراء والاستطلاعات المختصة في دراسة توجّهات الناخبين واستشراف النتائج، يكتنف المشهد الانتخابي في البلاد الغموض إلى غاية بدء فرز النتائج مساء الخميس، المصادف ليوم الاقتراع العام في البلاد.
ووفق أرقام وزارة الداخلية، هناك 955 ألفا و426 ناخبا من الجالية المقيمة عبر العالم مدعوون إلى صناديق الاقتراع ابتداء من السبت، بالسفارات والقنصليات لانتخاب 8 نواب من أصل 462 عضوا بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) يمثلون 4 مناطق جغرافية بمعدل نائبين لكل واحدة.
ومن ضمن المناطق الجغرافية الأربع توجد اثنتان في فرنسا (منطقة 1 بباريس، ومنطقة 2 بمارسيليا) حيث يضم هذا البلد الأوروبي أكبر عدد من الناخبين في الخارج والبالغ عددهم قرابة 764 ألف ناخب.
وتشمل المنطقة الثالثة المغرب العربي والمشرق وأفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا، في حين تضم المنطقة الرابعة الأميركيتين وباقي أوروبا (عدا فرنسا)، وسخّرت السلطات الجزائرية 61 مركز اقتراع و390 مكتب تصويت أمام أفراد الجالية الوطنية المقيمة بالمهجر، وفق أرقام رسمية.
واللافت في الحملة الانتخابية أن قادة الأحزاب السياسية، لم ينظموا تجمعات دعائية لمرشحيهم في ديار المهجر، فباستثناء رئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، الذي التقى أنصاره في مدينة مارسيليا الفرنسية، فان غياب الموارد المالية وسياسة التقشف المطبقة، حالت دون سفر قادة الأحزاب السياسية للالتقاء بالجالية، واكتفوا بعمل رؤساء القوائم الانتخابية.
ولأول مرة يجري اقتراع الجالية خمسة أيام قبل الموعد العام، حيث قررت وزارة الداخلية المنظمة للعملية الانتخابية، تخصيص السبت والأحد والخميس القادمة كأيام لاقتراع الجالية، وتكون عطلة نهاية الأسبوع في المهجر، هي التي أملت تقديم الموعد، من أجل ضمان مشاركة واسعة.
وسجلت الاقتراعات السابقة نسبة مشاركة ضعيفة في المهجر، لأسباب سياسة وتنظيمية، رغم أن تعدادها يقارب المليون صوت، ولا ينتظر تحقيق تحوّل لافت، لاعتبارات مشابهة لما يسود الجبهة الداخلية من عزوف ولامبالاة.
ويقتصر التنافس على مقاعد الجالية الجزائرية بالخارج ،على الأحزاب التقليدية مثل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، وشريكه في الائتلاف الحاكم التجمع الوطني الديمقراطي، إلى جانب تحالف حركة مجتمع السلم الاخواني، وحزب تجمّع أمل الجزائر الموالي أيضا للسلطة.
وتجرى بالجزائر الخميس المقبل سادس انتخابات نيابية تعددية في البلاد، منذ إقرار دستور الانفتاح السياسي عام 1989 بمشاركة 12 ألف مرشح يمثلون 53 حزبا سياسيا و89 قائمة مستقلة لاختيار 462 عضوا جديدا بالمجلس الشعبي الوطني.
وذكر بوتفليقة في رسالته للجزائريين، عشية دخول مرحلة الصمت الانتخابي “وبصفتي رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء، فإنني أدعو القضاة إلى الحرص هم أيضا على المعالجة الفورية، وعلى الصرامة لكل ما يحال إليهم من تجاوزات أو أفعال مخلة بمصداقية الانتخاب وشفافيته”.
وأضاف “إن الجزائر دعت بكل سيادة، المنظمات الدولية تلك التي هي عضو فيها، وتلك التي تجمعها بها شراكة، إلى إيفاد مراقبين من قبلها للشهادة على شفافية الانتخابات التشريعية ونزاهتها”.
وخلص إلى القول “سيشهد ملاحظو جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمم المتحدة، على أن هذا الانتخاب لا يقل سلامة عن أمثاله في البلدان ذات التقاليد الديمقراطية”.
العرب اللندنية