اتجهت أصابع الاتهام نحو السلطات الإيرانية في عملية قتل البريطاني الإيراني الأصل سعيد كريميان، مالك شبكة إعلامية شهيرة في اسطنبول السبت الماضي.
وتتخذ هذه الاتهامات طابع الجدية وتصبح منطقية إذا تم ربطها بالحكم الغيابي على كريميان بالسجن لست سنوات جراء اتهامه بالقيام بأعمال ضد الأمن القومي الإيراني ونشر البروباغندا ضد الحكومة الإسلامية. خاصة وأن شبكة قنواته لقيت نجاحا كبيرا لدى الجمهور الإيراني وأنها في أوج النجاح وتعمل على الاستعانة بالفنانين والمبدعين الإيرانيين وتستقطبهم للعمل معها.
وقد يكون هذا النجاح الجماهيري السبب الرئيسي وراء قرار تصفيته من قبل السلطات الإيرانية.
وهو ما يؤكده المعارض الإيراني أمير عباس فخر آور وهو صديق مقرب من كريميان، الذي اتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالوقوف وراء مقتله، وقال “إذا استمرت إيران في اغتيال معارضيها في الخارج كما حدث لسعيد كريميان، ستواجه ردودا عالمية”.
وأضاف “لن يستطيع النظام الإيراني باغتيال معارضيه أن يسكت صوت المعارضة الإيرانية”.
إن حساسية السلطات الإيرانية من المواد الثقافية الغربية تقف وراء العديد من القرارات من بينها منع استخدام الصحون اللاقطة للقنوات الفضائية في البلاد، مع ذلك فإن ملايين الإيرانيين يتابعون البرامج الفنية والترفيهية والثقافية والغربية ويتابعون برامج شبكة “جي.أي.أم تي في”.
المحافظون يرفضون انفتاح الشعب الإيراني على الثقافة الغربية ويعتبرونه خططا من أعداء إيران وأعداء الثورة الإسلامية
لكن المحافظين من رجال الدولة يرفضون رفضا قاطعا انفتاح الشعب الإيراني على الثقافة الغربية ويعتبرونه خططا من أعداء إيران وأعداء الثورة الإسلامية للإطاحة بها.
تعرض مالك والشبكة الإعلامية التي تبث باللغة الفارسية في إيران، إلى القتل رميا بالرصاص. وتوجهت الاتهامات إلى السلطات الإيرانية بالوقوف وراء الجريمة لأن الضحية كان معارضا سياسيا ولأن محتوى قنواته التلفزيونية التي تبث مسلسلات وأفلام غربية لقيت استهجانا ورفضا واسعا من قبل رجال الدين المحافظين الذين اتهموه بالسعي إلى تغيير ثقافة المجتمع الإيراني المحافظ.
وذكرت وسائل إعلام تركية الأحد أن مجهولين قتلوا في إسطنبول بالرصاص صاحب شبكة تلفزيونية باللغة الفارسية تبث عبر الأقمار الصناعية.
وذكرت صحيفة “حرييت” اليومية أن سعيد كريميان، الذي يملك مجموعة “جي.أي.أم تي في” وأحد شركائه وهو كويتي، قد قتلا مساء السبت في حي مسلك الراقي.
وتمكنت الشبكة الإعلامية التي يمتلكها كريميان من استقطاب الجمهور الإيراني ولفت محتواها الثقافي والفني اهتمام وانتباه الإيرانيين لأنهم لا يجدونه في القنوات التلفزيونية المحلية ويشاهدون من خلال قنواتها ما يتم منعهم منه.
فالسلطات الإيرانية تعتبر أي نشاط إعلامي وأي برامج تلفزيونية لا تتفق مع شعاراتها الثورية سواء من الداخل أو من الخارج معادية ومهددة لأمن البلاد حسب القوانين الإيرانية.
وكانت محكمة الثورة الإيرانية قد حكمت على كريميان غيابيا في مارس الماضي بالسجن ست سنوات بتهمة الإخلال بالأمن الإيراني، بعد أن استقطبت مجموعته الإعلامية جمهورا كبيرا من المشاهدين الإيرانيين بسبب الأفلام والمسلسلات الغربية المترجمة التي تبثها.
ويرى المحافظون الإيرانيون أن متابعة جل شرائح المجتمع الإيراني لمنتجات ثقافية غربية تنذر بخطر يتهدد هوية الشعب الإيراني الإسلامي المحافظ، مثلما يتخوفون من بروز أي مجموعة إعلامية ناطقة بالفارسية في الداخل الإيراني، ويخشون من رواج واهتمام الناس بالمنتجات الفنية الغربية وبالتالي يتوجسون من انفتاح الجمهور الإيراني على الثقافات الغربية.
وتتهم طهران شبكات التلفزيون عبر الأقمار الصناعية التي تبث برامج أميركية ومسلسلات تركية، بأنها تحاول إضفاء الطابع الغربي على نمط حياة الإيرانيين.
وتقول وسائل إعلام إيرانية محافظة أن كريميان ارتبط في السابق بمجاهدي خلق المعارضة للحكم الإيراني وكان الاتحاد الأوروبي يعتبرها “إرهابية”، حتى 2008 وبالولايات المتحدة حتى 2012.
وفي بيان نشرته على حسابها في فيسبوك، أكدت شبكة “جي.أي.أم تي في” وفاة كريميان، لكنها لم تحدد ظروف موته. وكتب مسؤولو الشبكة “بأسى كبير نعلن وفاة سعيد كريميان”.
وتتخذ شبكة “جي.أي.أم تي في” من دبي مقرا لها، وتتوجه إلى جمهور ناطق باللغة الفارسية وتقدم برامج غربية لا تبث في إيران. وتعد المجموعة في أوج انطلاقتها.
وقد فتحت شبكات جديدة واستعانت أخيرا بعدد كبير من الفنانين الإيرانيين.
وذكرت وكالة ميزان أون لاين أن كريميان كان مع مجاهدي خلق في معسكر أشرف في شمال بغداد خلال الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988).
من جانبها أوضحت وكالة فارس الإيرانية أنه أمضى ثماني سنوات في أشرف قبل أن يذهب إلى سويسرا عام 1996.
صحيفة العرب اللندنية