بغداد – قطع الآلاف من الزوار الشيعة العراقيين في محافظة كربلاء ذات الغالبية الشيعية، جنوبي البلاد، الجمعة، الطريق أمام حافلات تابعة للوقف الشيعي، احتجاجا على نقل الزوار الإيرانيين وترك العراقيين، عقب إحياء مناسبة ليلة النصف من شعبان.
وليست المرة الأولى التي يشعر فيها العراقيون، وخاصة الشيعة، بأن الأحزاب الحاكمة تفضل الإيرانيين عليهم، وتقدم لهم التسهيلات، في خطوة تمنح أفضلية للإيرانيين على العراقيين لاعتبارات سياسية.
وقال منعم محمد، أحد الزائرين العراقيين، إن “الآلاف من الزوار من مختلف المحافظات العراقية منعوا حافلات تابعة للعتبة الحسينية (تابعة لديوان الوقف الشيعي وتتولى تنظيم شؤون الزيارات الدينية) من نقل الزوار الإيرانيين إلى حدود بلادهم بعد انتهاء مراسم إحياء ليلة النصف من شعبان”.
وأوضح محمد أن “الحافلات بدلا من أن تنقلنا وتوصلنا إلى محافظاتنا قامت بتركنا في الشارع والبدء بنقل الزوار الإيرانيين، مما ولد حالة غضب واسعة واحتجاجات ضد هذه الممارسات التي تميز الزائر الإيراني على العراقي”.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر محاصرة الآلاف من الزوار الشيعة لحافلة تابعة للعتبة الحسينية، قالوا إنها “تحمل زوارا إيرانيين بدلا من نقل العراقيين”.
وكان شريط فيديو لمتحدث إيراني في ندوة قد شاع على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد فيه أن العراقيين يرحبون بالزوار الإيرانيين إلى درجة أنهم يغسلون أقدامهم ويحولون ماء الغسيل إلى ملح لطعامهم.
وأحيا الآلاف من الزوار الشيعة من مختلف المحافظات العراقية ومن دول إسلامية، ضمنها إيران، ليلة النصف من شعبان في كربلاء، الخميس، والتي تصادف أيضا ولادة “الإمام المهدي الثاني عشر” لدى الطائفة الشيعية، وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الأمن.
وقال مراقبون محليون إن موجة من الكراهية بدأت تسود بين شيعة العراق ضد الزوار الإيرانيين الذين بدأ يسيطر عليهم شعور بالتعالي والغرور تجاه أشقائهم في المذهب، والذين عملت إيران منذ ثمانينات القرن الماضي على استقطاب أعداد كبيرة منهم وتطويعهم لخدمة أهدافها في العراق سواء في الحرب الأولى، أو في ما بعد غزو 2003.
وسبق لمؤسسات عراقية في الكثير من المناسبات أن عبرت عن ولائها المبالغ فيه لإيران دون مراعاة لتأثيرات ذلك على العراقيين أنفسهم.
واعتبر مراقب عراقي في تصريح لـ”العرب” أن الحفاوة التي يُقابل بها زوار العتبات المقدسة من الإيرانيين ما هي إلا جزء من ذلك الولاء التي لا تملك الحكومة العراقية سوى أن تثني عليه، فهي الأخرى تُدار بطريقة لا يمكن أن تؤدي إلى المس بالهيمنة الإيرانية أو حتى الإشارة إليها من طرف خفي.
وأشار إلى أن هناك الكثير من الأوراق غير المكشوفة التي تخفي علاقة بعض المؤسسات الدينية العراقية المباشرة بإيران، باعتبارها المرجع الطائفي الوحيد الذي يلهم تلك المؤسسات سياساتها، مضيفا أن هذا لا يعني أن ما يُقدم من خدمات للزوار الإيرانيين لا صلة له بقرار عراقي، بل هو قرار إيراني يقوم العراقيون بتنفيذه.
وصار العراقيون على علم بأولوية المصالح الإيرانية وهم يرون بأعينهم كيف تسهل الجهات الرسمية العراقية مسألة دخول الإيرانيين وخروجهم من غير أن يملك أحد القدرة على مساءلتهم أو تفتيش أمتعتهم.
ولفت المراقب إلى أن الوقف الشيعي لا يرى لزاما عليه أن يقوم بخدمة العراقيين بعد أن صار مطمئنا إلى صمتهم مستندا إلى ما توفره إيران من حماية لشخصيات قيادية فيه، بالرغم من ضلوع تلك الشخصيات في عمليات فساد مالي أدت إلى ثراء غير مسبوق.
العرب اللندنية