فاز إيمانويل ماكرون بنسبةٍ ساحقةٍ ضمن معايير الديمقراطية الغربية، فحصل على أصوات أكثر من 65% من مجموع الفرنسيين المشاركين في الانتخابات الرئاسية. نتيجة ملفتة لحركةٍ جديدةٍ يقودها شاب أدار ظهره لاشتراكيةٍ فقدت بريقها، وبدأ بهندسة حركةٍ جديدةٍ لا ترفع شعارات اليمين ولا اليسار، بل تصرّ على أنها تسير إلى الأمام. جسامة النسبة التي حصل عليها ماكرون لا تلغي ثلث الأصوات التي ذهبت لممثلة اليمين المتطرّف، مارين لوبان، ذات العداء المفتوح مع الاتحاد الأوروبي، والاستياء المعلن من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في محاولةٍ لبعث الروح الوطنية على حساب علاقات الجوار الدولية والتحالفات الاقتصادية مع الجيران، ما يعني، تلقائياً، تقارباً مع روسيا التي تنظر بعين الحذر والرهبة إلى هذين الجسمين، بشكليهما الاقتصادي والعسكري، ومجموعة من القيم الأخلاقية والديمقراطية العريقة التي يقومان عليها.
ضاعف الحزب اليميني أنصاره، منذ خاض جان ماري لوبان، والد مارين، سباق الرئاسة وخسره لصالح جاك شيراك عام 2002. واليوم ثلث الفرنسيين وقفوا وراء اليمين المتطرّف يعبرون بذلك عن حساسيةٍ عرقية تجاه جحافل المهاجرين، وبارانويا من تفشي الإرهاب. هذا الثلث المتشكّك، وفي فرنسا بالذات التي تشكل أحد مركزي استناد الاتحاد الأوروبي بالتشارك مع ألمانيا، مؤشرٌ على أن الاتحاد يتعثر في مكانٍ ما.
يتوجب أوروبياً على ماكرون الوقوف إلى جانب ألمانيا، وهي مقبلةٌ على انتخاباتٍ في سبتمبر/ أيلول المقبل، لتعديل مزاج “البريكست” الذي بدأ يسود المناخ الأوروبي، وقد يكون الحلف كله بحاجة إلى إعادة ضبطٍ واسعة، في وجه ما يعتبره الأوروبيون خطراً، فتكاد مواجهة المهاجرين تقتصر على منع وصولهم إلى الشواطئ الآمنة، ولا يتوفّر في مواجهة الإرهاب إلا ترقّب العملية المقبلة، ومحاولة كشف مرتكبها. أدّى التخثر ذو النطاق الواسع في قيم العالم الغربي إلى نكوصٍ نحو التعاطف مع الدولة الوطنية، يعبر عنه العدد الكبير في الأحزاب الأوروبية الشعبية التي ترفع شعاراتٍ محلية محضة، وتدير ظهرها لأوروبا موحدة.
أصبحت التباينات الاقتصادية واسعة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، حيث تعاني دول جنوب القارة من نسب بطالةٍ كبيرة تصل في اليونان إلى أكثر من 40%، فيما لا تتجاوز في ألمانيا 4%، بالإضافة إلى نسب النمو الاقتصادي الصفرية في الجنوب، فيما تحافظ ألمانيا على نسب نمو إيجابية وثابتة، أما الخروج البريطاني فليس له تأثير اقتصادي كبير، لكنه صدمة سياسية مروّعة، ستساهم في توسيع التصدّع في قيم الاتحاد، وعلى العضوين الكبيرين (فرنسا وألمانيا) مواجهته، وعليهما تبريره للإبقاء على القيم التي بُني عليها الاتحاد نفسه. لا يوجد لدى ماكرون خطة فورية، وكل ما يملكه شعارات الوسط ذاتها مكتوبةٌ بأسلوب جديد، أما ألمانيا فخروج بريطانيا يفيدها سياسياً، ولكنه، في الوقت نفسه، يضعف كتلة الاتحاد ذاتها، ومحاولة التوفيق بين العاملين تتطلب أكثر من مجرد الإخلاص للاتحاد.
قد يزيد شعار دونالد ترامب “أميركا أولاً”، الذي رفعه في وجه العالم من أزمة الاتحاد الأوروبي، فقد لعبت أميركا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، دوراً رائداً في أوروبا. ولكن، لم يعد المناخ ملائماً لمشروع مارشال سياسي، ومثل هذا المشروع مطلوب حالياً بإعادة النظر إلى الذات الأوروبية بعد سبعين عاماً من نهاية الحرب العالمية، وأكثر من خمسة وعشرين عاماً على نهاية الشيوعية. تحتاج أوروبا إلى أكثر من مجرّد هزيمة مؤقتة لليمينيين في صناديق الانتخاب، فهذه لعبةٌ من الممكن كسبها، وتحتاج إلى بنيةٍ سياسيةٍ وأخلاقيةٍ مختلفةٍ أو معدلةٍ لضبط الروح الوطنية المتعاظمة لصالح القبول بوجود جماعي منظم، هدفه المحافظة على نمو اقتصادي، وقد يكون العالم أكثر ملاءمةً للعيش بوجود جسد أوروبي متماسك قوي، لديه بنى فكرية وإنسانية عميقة وقوية ومتجدّدة، بحيث يمكن أن تنتقل العدوى إلى ما وراء البحار للبلاد التي تصدّر إلى هذا الجسد أعداداً كبيرة من المهاجرين.
ضاعف الحزب اليميني أنصاره، منذ خاض جان ماري لوبان، والد مارين، سباق الرئاسة وخسره لصالح جاك شيراك عام 2002. واليوم ثلث الفرنسيين وقفوا وراء اليمين المتطرّف يعبرون بذلك عن حساسيةٍ عرقية تجاه جحافل المهاجرين، وبارانويا من تفشي الإرهاب. هذا الثلث المتشكّك، وفي فرنسا بالذات التي تشكل أحد مركزي استناد الاتحاد الأوروبي بالتشارك مع ألمانيا، مؤشرٌ على أن الاتحاد يتعثر في مكانٍ ما.
يتوجب أوروبياً على ماكرون الوقوف إلى جانب ألمانيا، وهي مقبلةٌ على انتخاباتٍ في سبتمبر/ أيلول المقبل، لتعديل مزاج “البريكست” الذي بدأ يسود المناخ الأوروبي، وقد يكون الحلف كله بحاجة إلى إعادة ضبطٍ واسعة، في وجه ما يعتبره الأوروبيون خطراً، فتكاد مواجهة المهاجرين تقتصر على منع وصولهم إلى الشواطئ الآمنة، ولا يتوفّر في مواجهة الإرهاب إلا ترقّب العملية المقبلة، ومحاولة كشف مرتكبها. أدّى التخثر ذو النطاق الواسع في قيم العالم الغربي إلى نكوصٍ نحو التعاطف مع الدولة الوطنية، يعبر عنه العدد الكبير في الأحزاب الأوروبية الشعبية التي ترفع شعاراتٍ محلية محضة، وتدير ظهرها لأوروبا موحدة.
أصبحت التباينات الاقتصادية واسعة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، حيث تعاني دول جنوب القارة من نسب بطالةٍ كبيرة تصل في اليونان إلى أكثر من 40%، فيما لا تتجاوز في ألمانيا 4%، بالإضافة إلى نسب النمو الاقتصادي الصفرية في الجنوب، فيما تحافظ ألمانيا على نسب نمو إيجابية وثابتة، أما الخروج البريطاني فليس له تأثير اقتصادي كبير، لكنه صدمة سياسية مروّعة، ستساهم في توسيع التصدّع في قيم الاتحاد، وعلى العضوين الكبيرين (فرنسا وألمانيا) مواجهته، وعليهما تبريره للإبقاء على القيم التي بُني عليها الاتحاد نفسه. لا يوجد لدى ماكرون خطة فورية، وكل ما يملكه شعارات الوسط ذاتها مكتوبةٌ بأسلوب جديد، أما ألمانيا فخروج بريطانيا يفيدها سياسياً، ولكنه، في الوقت نفسه، يضعف كتلة الاتحاد ذاتها، ومحاولة التوفيق بين العاملين تتطلب أكثر من مجرد الإخلاص للاتحاد.
قد يزيد شعار دونالد ترامب “أميركا أولاً”، الذي رفعه في وجه العالم من أزمة الاتحاد الأوروبي، فقد لعبت أميركا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، دوراً رائداً في أوروبا. ولكن، لم يعد المناخ ملائماً لمشروع مارشال سياسي، ومثل هذا المشروع مطلوب حالياً بإعادة النظر إلى الذات الأوروبية بعد سبعين عاماً من نهاية الحرب العالمية، وأكثر من خمسة وعشرين عاماً على نهاية الشيوعية. تحتاج أوروبا إلى أكثر من مجرّد هزيمة مؤقتة لليمينيين في صناديق الانتخاب، فهذه لعبةٌ من الممكن كسبها، وتحتاج إلى بنيةٍ سياسيةٍ وأخلاقيةٍ مختلفةٍ أو معدلةٍ لضبط الروح الوطنية المتعاظمة لصالح القبول بوجود جماعي منظم، هدفه المحافظة على نمو اقتصادي، وقد يكون العالم أكثر ملاءمةً للعيش بوجود جسد أوروبي متماسك قوي، لديه بنى فكرية وإنسانية عميقة وقوية ومتجدّدة، بحيث يمكن أن تنتقل العدوى إلى ما وراء البحار للبلاد التي تصدّر إلى هذا الجسد أعداداً كبيرة من المهاجرين.
فاطمة ياسين
صحيفة العربي الجديد