أعلن وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي عن وضع خطة لإعادة إعمار المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، تمتد لفترة 10 سنوات وتصل تكلفتها إلى 100 مليار دولار.
وقال بعد لقائه بوفد من البنك الدولي إن “خطة إعادة الاستقرار والإعمار للمناطق المحررة ستكون في إطار خطتين تنمويتين، الأولى تمتد بين 2018 – 2022 والثانية بين 2023 – 2028”.
وأضاف أن “الحكومة تسعى لتوفير المبلغ من خلال المنح والقروض الدولية، وما يتم تخصيصه من الموازنة العامة للدولة على مدى سنوات الخطة”.
ويتولى “صندوق تمويل الاستقرار الفوري” التابع للأمم المتحدة حاليا تنفيذ بعض المشاريع لتلبية الحاجات الملحة في المناطق المحررة من قبضة داعش، والتي تعرضت البنى التحتية فيها إلى دمار شامل.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد استقبل الأربعاء المدير الجديد للمكتب الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط ساروج كومار جاه لمناقشة المشاريع التي يمولها البنك حاليا في العراق.
وذكر بيان حكومي أنه “جرت خلال اللقاء مناقشة رؤية حكومة العراق في ما يخص عمليات إعادة الإعمار في المناطق المحررة، وتسريع تنفيذ العمل وتقديم الدعم الممكن على مستوى المحافظات وقرض مشروع كهرباء البصرة”.
كما جرت مناقشة برنامج دعم الموازنة والإصلاحات المقترحة، وخطة البنك التي تتضمن ما يحتاجه العراق في إطار الإصلاحات المالية والاقتصادية بموجب برامج القروض التي قدمها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ويقول محللون إن العراق سيجـد صعـوبة بالغـة في جمـع التمـويـل لخطـة إعـادة الإعمـار الطمـوحـة فـي ظـل تـراجع عـوائد الصـادرات النفطيـة وشلل النشاط الاقتصادي بسبب سوء الإدارة وانتشار الفساد، إضافة إلى التكاليف الباهظة للحرب ضد تنظيم داعش.
وكان البنك الـدولي قـد قـدم للعـراق قـرضا جديدا في ديسمبر المـاضي بقيمة تقـارب 1.5 مليار دولار ليرتفع إجمالي القروض والمساعدات التي قدمها إلى 3.4 مليار دولار.
وكانت الحكومة العراقية قد أبرمت في مايو 2016 اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي بقيمة 5.34 مليار دولار بنسبة فائدة تصل إلى 1.5 بالمئة. وقد تسلم العراق قسطا أوليا بقيمة 634 مليون دولار في شهر يوليو الماضي.
وتؤكد تلك القروض وجود إرادة دولية لمساعدة العراق رغم أنه غير مستوف لشروط منح تلك القروض. ومن المتوقع أن تتعزز مراقبة المؤسسات الدولية لإدارة اقتصاد العراق بعد تحرير أراضيه من تنظيم داعش.
ويمكن أن يفرض صندوق النقد، الذي وافقت بغداد في العام الماضي على الخضوع لمراقبته، شروطا تتضمن إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وتعزيز إجراءات مكافحة الفساد.
ويقول محللون إن بنية الاقتصاد متهالكة وتهدد بالانهيار في ظل موازنة تشغيلية ثقيلة تفوق التزاماتها جميع عوائد صادرات النفط، التي تعد شريان الحياة الوحيد للاقتصاد العراقي.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن الحكومة تدفع أكثر من 7 ملايين للموظفين في أجهزة الدولة والمتقاعدين، وهي أرقام تفوق أي بلد في العالم عند مقارنتها بعدد السكان، وهي تركة ثقيلة من فترة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وحذر مراقبون من خطورة اللجوء للاقتراض الواسع في ظل شلل الاقتصاد العراقي، كما حذروا من عبء تلك القروض إذا لم تتم الاستفادة منها في مشاريع استثمارية لإنعاش الاقتصاد.
وقال عبدالزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي إن الحرب على تنظيم داعش استنزفت نسبة 40 بالمئة من ميزانية العراق السنوية. وأكد أن الديون الداخلية والخارجية وصلت إلى 162 مليار دولار بينها ديون لدول الخليج تقدر بنحو 41 مليار دولار.
وأضاف أن التكاليف المباشرة للحرب ضد تنظيم داعش لا تقل عن 150 مليار دولار وتشمل رواتب القوات والأسلحة والذخيرة وتقديم المساعدات للنازحين.
وذكر مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء أن الحكومة الحالية تعتمد بشكل أساسي على الاقتراض الداخلي وأنها دفعت الرواتب والأجور من احتياطات البنك المركزي، ما أدى لانخفاضها إلى 49 مليار دولار.
ورجح عبدالرحمن المشهداني أستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية أن “يحتاج العراق إلى أكثر من 30 عاما ليتمكن من تسديد ما بذمته من ديون داخلية وخارجية”.
وقال محمد الحلبوسي رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي إن المجلس بادر بتحريك بعض ملفات الفساد لاستعادة مبالغ مسروقة ومهربة إلى خارج البلاد.
وأكد “تشكيل لجنة تضم ديوان الرقابة المالية وجهاز الاستخبارات وهيئة النزاهة العامة إلى جانب اللجنة المالية في البرلمان. وقد حصلت على وثائق تؤكد تهريب مبالغ تصل إلى 20.4 مليار دولار”.
ولم يتضح الوقت الذي تم فيه تهريب تلك المبالغ المشار إليها، لكن العراق يصنف منذ سنوات من بين أكثر دول العالم فسادا وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية.
وربط الحلبوسي إمكانية استعادة العراق لتلك الأموال “بصدور قرار سياسي دقيق من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي”، لكنه لم يوضح طبيعة القرار.