لندن – يتحول الإسلاميون في بريطانيا إلى حصان جامح تصعب السيطرة عليه، نتيجة لحساسيات تاريخية جعلت كل من يهاجم أيديولوجيا المتطرفين يبدو في الغرب “معاديا للإسلام”.
ولعب الفكر الليبرالي السائد في أوروبا الدور الأكبر في تشجيع دعاة متطرفين، وتنظيمات الإسلام السياسي على تعزيز خطاب الكراهية ومعاداة المجتمع من دون مواجهة أي عقاب.
وتقول سارة خان، مديرة منظمة “انسباير” لمحاربة الفكر المتطرف، “أنجم شودري مثلا تمكن من تجنيد المئات بل الآلاف من المتطرفين على مدى أكثر من 20 عاما دون حساب، وكنتيجة لذلك، قام بالتأثير على أكثر من 100 بريطاني لتنفيذ بعض الهجمات الإرهابية في الداخل والخارج”.
واعتمدت بريطانيا خصوصا استراتيجية تقوم على إفساح المجال أمام الإسلاميين لنشر خطابهم، ومواجهتهم بخطاب مضاد، وفقا لمبدأ حرية التعبير. لكنها سرعان ما دفعت الثمن غاليا.
وتقول خان، صاحبة كتاب “معركة الإسلام البريطاني: استعادة هوية المسلمين من المتشددين”، إن الاستراتيجية البريطانية “كانت جيدة من الناحية النظرية، لكن عمليا لم يكن ثمة خطاب مضاد أبدا”.
وأضافت “باستغلال المساحة التي سمحنا لهم بها، روّج الإسلاميون يوما بعد يوم أيديولوجياتهم المتطرفة للآلاف من المسلمين على القنوات الفضائية، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الحرم الجامعي وعلى الصعيد المجتمعي أيضا”.
وقالت “في معركة الأفكار، تظل قدرتنا على محاربة تلك الأيديولوجيا ضعيفة، بسبب فشل جميع المؤسسات بشكل جماعي في مواجهة ذلك التطرف بشكل جدي، مثل المؤسسات الإسلامية والمنظمات الحقوقية والمجموعات المعادية للعنصرية والحكومات”.
وبرع المجلس الإسلامي في بريطانيا (رسمي) في إصدار البيانات الصحافية، لكنه لم يفعل شيئا للرد على أفكار المتشددين.
وعلى مدار عقد حاولت منظمات عدة، من بينها منظمة “انسباير”، دحض نهج الإسلاميين. وتقول خان “في كل مرة كنا نتلقى نفس الإجابة من مئات الأمهات المسلمات، اللاتي يقلن: لم يعلمنا أحد ذلك من قبل، ولم يعلموا أبناءنا أيضا”.
ولطالما تهربت الحكومات البريطانية المتعاقبة من عدم قدرتها على التعرف على الجماعات المتطرفة الحقيقية وفهم نشاطاتها، بوضع ثلاثة ملايين مسلم يعيشون في بريطانيا تحت لافتة “الجالية المسلمة”. وشجع هذا المتطرفين والإخوان المسلمين على الاختباء خلف اللافتة نفسها.
وبدلا من إقصائها، وقعت الحكومات البريطانية في فخ منح هذه الأصوات الشرعية ضمن اعتبارها جزءا من مجتمع المسلمين بشكل عام.
وقامت قناة “سكاي نيوز” بالإنكليزية الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، باستضافة دلي حسين من موقع “فايف بيلارز” الإسلامي، وهو أحد أكثر النشطاء الإسلاميين تشددا، لسؤاله عن كيفية معالجة التطرف الإسلامي.
وجاءت النتيجة كما كان متوقعا، إذ عبر حسين عن دعمه لكبار مفكري الإخوان المسلمين والجهاديين الرئيسيين في القرن العشرين، بمن فيهم سيد قطب وعبدالله عزام، منظر تنظيم القاعدة.
وتحظى صفحة منظمة “فايف بيلارز” بنحو 184 ألف متابع على فيسبوك فقط، وتستمر وسائل الإعلام كـ”سكاي نيوز” بالإنكليزية وغيرها في استضافة إسلاميين متطرفين لعلاج مشكلة التطرف!
ويقول مراقبون إن المسؤولية الكبرى تقع، إلى جانب الحكومات، على كاهل قادة المؤسسات الدينية المعتلة في بريطانيا، إذ لا تكفي خطاباتهم لشجب وإدانة الهجمات الإرهابية لمنع هذا المد المتطرف الذي باتت أوروبا أسيرة له، وتسبب في عمليات إرهابية عدة .
العرب اللندنية