أحيا الكنيست الصهيوني (الاثنين 5 يونيو/حزيران الحالي) الذكرى الخمسين للعدوان الصهيوني على فلسطين والأمة العربية عام 1967. أحياها تحت شعار: «استئناف الاستيطان في يهودا والسامرة». كما أجرت أغلب اللجان البرلمانية، أبحاثاً حول أشكال جديدة لدعم الاستيطان والمستوطنين، فيما أقام ما يسمى ب «مجلس المستوطنات» في الضفة، حفلاً مركزياً في قاعة المسرح بمبنى الكنيست، وكان الخطيب المركزي فيه السوبر فاشي بنيامين نتنياهو الذي شدد على تمسكه بالاستيطان، قائلاً «يشرفني أن أكون رئيس الوزراء الأول بعد عشرات السنين الذي تبنى فيه بلدة جديدة في «يهودا والسامرة»، وأن أقوم بما هو لازم للحفاظ على الاستيطان اليهودي فيهما.. إنني أؤكد لكم أنه لا أحد كانت له مساعٍ أكبر من المساعي التي أبذلها للقيام بذلك»، واستطرد قائلاً «… إن الدعاية الفلسطينية التي تروّج للكراهية تجاه «إسرائيل» تروّج وتشجع الرغبة بطعن وقتل «الإسرائيليين»، وتلغي حقنا في العيش على أي جزء كان من «بلدنا»، فمازال هناك مشوار طويل يجب علينا قطعه حتى نحدث تغييراً هنا». وشرح ذلك بالقول: «إن كل يهودي لديه الحق في العيش في بيته وفي عدم اقتلاع أحد له منه ولن يتم اقتلاع أحد من مكانه».
ثم يخلص إلى نتيجة مفادها: «وبالتالي فعلى دول العالم أن تطالب، مثلما نطالب نحن، الفلسطينيين بأوضح شكل بالاعتراف أخيراً بالدولة اليهودية التي هي الدولة الوطنية للشعب اليهودي، والتخلي عن مطالباتهم بما يسمونه حق العودة، والاعتراف بحقنا في العيش هنا». وكان نتنياهو قد شارك أيضاً في حفل أقيم في مرتفعات الجولان العربية السورية المحتلة، قال فيه «لقد جئت لأعلن أمامكم اليوم أن هضبة الجولان ستبقى تحت السيادة «الإسرائيلية» إلى الأبد».
خطاب نتنياهو جاء بُعيد كشف النقاب عن أن وزير البناء في حكومة الاحتلال يوآف غالانت، تبنى مشروعاً اعتمده مجلس المستوطنات لبناء 67 ألف بيت استيطاني في قلب الضفة الغربية، تمتد من جنوب منطقة نابلس وحتى شمال القدس المحتلة. ويهدف المخطط إلى جانب نهب المزيد من الأراضي الفلسطينية والقضاء على أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية، إلى نقل مئات الآلاف من قطعان المستوطنين إلى قلب الضفة الغربية. وكانت «لجنة التخطيط العليا» الصهيونية قد صادقت نهائياً في الثاني من يونيو/حزيران الحالي على بناء ألف بيت استيطاني جديد، من بينها 800 بيت في مستوطنة «إريئيل» غربي جنوب نابلس، و200 بيت في كل من مستوطنتي «غوش تلمونيم» و«عميحاي»، في منطقة رام الله. أما في مستوطنات القدس فقد أقرّت حكومة الإرهاب الصهيونية بناء 2600 وحدة استيطانية جديدة.
للعلم، هذا لا يحدث في المرّيخ، بل في فلسطين المحتلة، إذ إن هذه التطورات لم تُثر اهتماماً يذكر لدى السلطة الفلسطينية والعالم العربي والعالم. لقد بلغت الوقاحة بنتنياهو حدّاً يفوق التصور، فهو يعتبر عيشنا في وطننا الفلسطيني «احتلالاً» وأن عدم طردنا (حتى اللحظة) منّةً صهيونية، كما يعلن بكل عنجهية وصلف أن هضبة الجولان العربية جزء من الكيان المسخ!
لو أن أوضاعنا الرسمية الفلسطينية والعربية ليست على هذه الدرجة من الرّداءة، لما تجرأ هذا الوقح على التفوه بكلمة مما قال! للأسف، ورغم هذه البجاحة الصهيونية مازالت السلطة الفلسطينية تراهن على المفاوضات مع هذا العدو الذي يعلن بكل وضوح أضاليله ومواقفه صباحاً ومساءً، ونرد عليه ب«مبادرة السلام العربية»!
من جهة أخرى، وفي مقابلةٍ لجبريل الرجوب مع فضائية صهيونية يعلن حقّ «إسرائيل» في حائط البراق! نسأل: أليس من الأفضل للرجوب أن يبقى في ميادين الرياضة وتفاصيلها ويترك التاريخ الذي لا يفهم فيه لأصحابه؟ إن تخلِّي الرجوب عن حائط البراق هو درجة في سلّم التنازلات الرسمية الفلسطينية الذي بدأ في برنامج «النقاط العشر» عام 1974 في اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة والذي هيّأ فعلياً لاتفاقيات أوسلو الكارثية، وصولاً إلى التنازلات المتعددة بعد ذلك وحتى هذه اللحظة.
فايز رشيد
صحيفة الخليج