الرياض – انتقل السعوديون هذا الأسبوع إلى مرحلة اقتصادية جديدة مع بدء فرض الضرائب الانتقائية على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية، في خطوة تستهدف الرياض من خلالها تعزيز إيراداتها التي تضررت كثيرا جراء هبوط أسعار النفط.
ولم يعتد السعوديون على مثل هذه الضرائب في أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم، لكن الحكومة لجأت إليها ضمن إجراءات أخرى، في محاولة لمواجهة تضرر إيراداتها جراء هبوط أسعار النفط.
وتعاني السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم من تراجع حاد في إيراداتها المالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام منذ ثلاث سنوات، وهو ما أثر بشكل واضح على عمل القطاعين العام والخاص في البلاد.
ويفترض أن تعمل الرياض بعد بدء تطبيق الضريبة على تشديد مراقبة جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية بالتعاون مع الجهات المعنية خاصة الجمارك لاتخاذ إجراءات التطبيق والعمل بهذه الخطوة.
ويؤكد العديد من المحللين أن القرار سيساعد الحكومة السعودية كثيرا على زيادة إيراداتها غير النفطية والمنسجمة مع استراتيجيتها لإصلاح الاقتصاد وتحقيق “رؤية السعودية 2030” المتعلقة بتنويع مصادر الدخل.
3.2 مليار دولار، يتوقع أن تجنيها الرياض سنويا من الضريبة الانتقائية، بحسب تقديرات حكومية
وأشاروا إلى أن هذا النوع من الضرائب يندرج تحت خانة الضرائب غير المباشرة التي تستهدف أنواعا من السلع، واستبعدوا أن تطبق الرياض الضرائب المباشرة كالتي تتعلق بالضرائب على المداخيل أو الممتلكات.
ورحبت المنظمات المدنية التي تنشط في التوعية بأضرار التدخين والأنماط الغذائية غير الصحية بفرض الضرائب الانتقائية وقالت إنها ستؤدي إلى تحسن الصحة العامة وخفض الإنفاق الصحي، الأمر الذي سيدفع الحكومة إلى توجه جزء من تلك الأموال إلى تنفيذ المشروعات المفيدة.
وتظهر العديد من التجارب على مستوى دول العالم أن فرض هذا النوع من الضرائب يخفض بالفعل استهلاك الطبقات الأقل دخلا، وهم الفئة الأكبر، للمنتجات الضارة بعد ارتفاع أسعارها كمنتجات التبغ، على سبيل المثال.
كما أن ارتفاع تكاليف المواد الضارة يدفع الشركات المنتجة لتلك السلع إلى البحث عن بدائل أخرى لتتجنب تسديد الضرائب على منتجاتها التي قد لا تحظى بإقبال كبير بعد رفع أسعارها، التي ستثقل حتما كاهل المستهلكين.
ويتوقع أن تجمع السعودية إيرادات من تطبيق ضريبة السلع الانتقائية بأكثر من 3.2 مليار دولار سنويا، وفق الهيئة العامة للزكاة والدخل السعودية، حيث تبلغ قيمة الواردات من التبغ نحو 1.87 مليار دولار والمشروبات الغازية نحو 1.6 مليار دولار.
وشكلت الإيرادات النفطية نحو 78 بالمئة من إيرادات الميزانية السعودية للربع الأول من العام الجاري بنحو 29.9 مليار دولار، فيما 22 بالمئة إيرادات غير نفطية أي بنحو 8.6 مليار دولار.
وسيكون تطبيق الضريبة الانتقائية على مواد التبغ ومشروبات الطاقة بنسبة 100 بالمئة، بينما المشروبات الغازية ستكون بنسبة 50 بالمئة.
6.4 مليار دولار الإيرادات المتوقعة من ضريبة القيمة المضافة سنويا، وفق الهيئة العامة للزكاة السعودية
وسيتم تحصيل قيمة الضرائب من المستوردين والمصانع بعد تحديد سعر البيع وطرح المنتجات في السوق، وعليه سيتم تحديد إجمالي القيمة من تلك الجهات بشكل دقيق.
وكان مجلس الشورى السعودي قد أعطى في 16 من أبريل الماضي، الضوء الأخضر رسميا لتفعيل هذا الإجراء وتطبيق مشروع فرض الضريبة الانتقائية في البلاد، وفوض وزير المالية محمد الجدعان لتحديد تاريخ تطبيقها.
وتنوي السعودية ودول الخليج فرض عدد من الضرائب لتعزيز الإيرادات التي تقلصت من جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه ميزانيات دول الخليج بشكل رئيسي.
وتتوقع الهيئة العامة للزكاة والدخل السعودية أن تبلغ الإيرادات من ضريبة القيمة المضافة نحو 6.4 مليار دولار سنويا.
وتشير تقديرات المحللين إلى أن دول الخليج ستجني 25 مليار دولار من ضريبة القيمة المضافة سنويا، وهو ما يساعدها على مواجهة أزمة تراجع عوائد الطاقة. لكن ذلك الرقم قد يقل في حال استمرت الأزمة القطرية لما بعد تاريخ تنفيذ هذه الضريبة.
وستكون تلك الضريبة، المزمع فرضها على السلع الاستهلاكية والخدمات، هي الأولى من نوعها في الدول الخليجية الست المنتجة للنفط والتي تتمتع عادة بإعفاءات ضريبية اجتذبت عمالة أجنبية كبيرة طيلة سنوات.
وتنوي الرياض أيضا فرض رسوم شهرية على العمالة الوافدة بواقع 106.7 دولار العام المقبل لترتفع إلى 160 دولارا في 2019 وتصل إلى 213.3 دولار بحلول عام 2020.
كما سيتم فرض رسوم على المرافقين للعمالة بنحو 26.7 دولار عن كل مرافق شهريا اعتبارا من الشهر المقبل، ترتفع 100 ريال شهريا كل عام حتى تصل إلى 106.7 دولار شهريا في السنوات الأربع المقبلة.
وتتوقع شركة السعودي الفرنسي كابيتال بلوغ الإيرادات المتوقعة من هذا الإجراء نحو 18.1 مليار دولار سنويا بحلول 2020.
العرب اللندنية