نيودلهي – أكدت مصادر حكومية هندية تتابع أكبر مشروع بنية تحتية تنفذه الهند في الخارج أن شركة إنديا بورتس غلوبال الحكومية التي تقوم بتطوير ميناء تشابهار الإيراني لم تتمكن من إرساء أي مناقصة لتوريد معدات مثل الرافعات من شركات غربية.
وقالت إن “مجمـوعة ليبهيـر الهنـدسية السـويسرية وكونكـرانس وكـارغوتك الفنلنـديتـين أخبـرت الشـركة الهنـديـة أنهـا لـن تشـارك في المناقصات لأن المصـارف تـرفض تسهيل المعاملات المرتبطة بإيران بسبب الضبابية التي تكتنف السياسة الأميركية”.
وتسيطر هذه الشركات العالمية على سوق المعدات المتخصصة لتطوير أرصفة الموانئ ومرافئ الحاويات.
ويقع ميناء تشابهار الإيراني على خليج عمان بمحاذاة الطرق المؤدية إلى مضيق هرمز ويمثل عنصرا محوريا في تطلعات الهند لفتح ممر للنقل إلى آسيا الوسطى وأفغانستان يتجنب المرور عبر غريمتها باكستان.
500 مليون دولار خصصتها الهند لتطوير ميناء تشابهار الإيراني بعد رفع العقوبات عن طهران في 2016
وخصصت الهند نصف مليار دولار لتسريع تطوير الميناء بعد رفع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران عقب التوصل إلى الاتفاق النووي بين القوى العالمية في عام 2015.
وندد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاتفاق النووي خلال حملته الانتخابية. ومنذ توليه السلطة في يناير الماضي، يتهم إيران بأنها مصدر تهديد لبقية دول الشرق الأوسط.
وأوضح مسؤول طلب عدم ذكر اسمه، أن أول مناقصة طرحت في سبتمبر الماضي، لكنها لم تجتذب سوى عدد قليل من العروض بسبب الخوف من تجدد العقوبات. واشتدت هذه المخاوف منذ يناير الماضي. وقال إن “الوضع الآن هو أننا نسعى وراء الموردين”. وامتنعت متحدثة باسم شركة كونكرانس عن التعقيب مكتفية بتأكيد عدم مشاركة الشركة في المشروع، فيما لم تعلق كارغوتك وليبهير على المسألة.
وجرى طرح عدة مناقصات ثلاث مرات منذ سبتمبر 2016 لأنها لم تجتذب عروضا. وأشار أحد المسؤولين الهنود إلى أن شركة زد.بي.إم.سي الصينية تعرض توفير بعض المعدات منذ ذلك الحين.
ووصف ترامب الاتفاق الموقع بين إيران والقوى العالمية الست لكبح جماح برنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات عنها بأنه “أسوأ اتفاق على الإطلاق جرى التفاوض عليه”.
وفي الشهر الماضي، مددت إدارته العمل بتخفيف أشد العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران وأوسعها نطاقا بينما تجري مراجعة أوسع للسياسات بخصوص كيفية التعامل مع الجمهورية الإسلامية.
ساوراب كومار: القنوات المصرفية تحسنت مؤخرا وإذا رفضت الشركات المشاركة فهذا شأنها
وتتسبب الضبابية التي تكتنف السياسة الأميركية بالفعل في تأخيرات طويلة للعقود التي تسعى إيران لإبرامها مع الشركات العالمية لتطوير حقولها النفطية وشراء طائرات لتحديث أساطيلها المتقادمة.
وأدى رفع عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن طهران إلى إعادة ربطها جزئيا بالمنظومة المالية العالمية الضرورية للتبادل التجاري.
غير أن كبار المصرفيين العالميين المنكشفين على الولايات المتحدة ما زالوا يعزفون عن تسهيل الصفقات الإيرانية خشية الوقوع تحت طائرة العقوبات الأميركية الفردية الأضيق نطاقا التي ما تزال ساريـة خارج إطار الاتفاق النووي، فضلا عن الضبابية التي تحيط باستمرارية تخفيف العقوبات الأوسع نطاقا.
لكن السفير الهندي في إيران ساوراب كومار قال إن “عملية شراء المعدات لميناء تشابهار جارية وإن تصنيع بعض الرافعات يحتاج إلى فترة تصل إلى 20 شهرا”، مشيرا إلى أن الوضع المصرفي يتحسن تدريجيا.
وذكر كومار أن “المناقصات طرحت أكثر من مرة لعدة أسباب منها عدم استيفاء المواصفات الفنية وغيره. وفي الواقع تحسنت القنوات المصرفية إلى حد ما في الأشهر الأخيرة. وإذا لم ترغب بعض الشركات في المشاركة فهذا شأنها”.
وتسعى الهند لتطوير ميناء تشابهار منذ أكثر من عشر سنوات باعتباره مركزا لروابطها التجارية بالدول الغنية بالموارد في آسيا الوسطى وأفغانستان. وتواجه الهند صعوبات حاليا في الوصول إلى تلك الدول بسبب علاقتها المتوترة مع باكستان.
ولم يتحقق تقدم يذكر في الميناء حتى الآن بسبب العراقيل البيروقراطية والمفاوضات الصعبة مع إيران واحتمال إثارة سخط واشنطن أثناء فتـرة الحظـر المالي على طهران.
لكن تطوير الصين لميناء جوادار الذي يبعد نحو 100 كيلومتر عن تشابهار على الساحل الباكستاني كان من بين الأسباب التي دفعت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الكشف عن خطط استثمار ضخمة تتمركز حول الميناء الإيراني وعرض المساعدة في بناء سكك حديدية وطرق ومصانع أسمدة يمكن أن تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار.
وحتى الآن، وعلى الرغم من أن الهند تريد فتح خط ائتمان مبدئي بقيمة 150 مليون دولار لإيران لتطوير تشابهار، إلا أنه لم يتم تدشينه بعد نظرا لأن طهران غير قادرة على القيام بدورها. وقال كومار إن “إيران أشارت إلى أنها سترسل اقتراحات قريبا لاستغلال خط الائتمان”.
العرب اللندنية