برلين – أكدت الحكومة الألمانية عزمها قيادة الجهود العالمية لتنمية قارة أفريقيا بعقد قمة ألمانية أفريقية اختتمت في برين أمس، وذلك قبل شهر من انعقاد قمة مجموعة العشرين في مدينة هامبورغ.
وتحاول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من خلال استضافة عدد كبير من قادة أفريقيا تمهيد الطريق لاستثمار رئاستها الدورية لمجموعة العشرين لاجتذاب الاستثمارات نحو أفريقيا كعنصر أساسي في جهود الحد من الهجرة إلى أوروبا.
وشارك في القمة التي عقدت قبل أقل من شهر على قمة مجموعة العشرين في هامبورغ قادة مصر وتونس وغينيا وغانا وإثيوبيا وساحل العاج والسنغال والنيجر ومالي ورواندا إلى جانب مؤسسات مالية دولية من المفترض أن تقدّم دعما تقنيا لهذه الدول على صعيد الإصلاحات.
ونسبت صحيفة هاندلسبلات الألمانية إلى مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد قولها إن “علينا إيجاد الظروف المواتية للتطور والتدريب في دول جنوب الصحراء من أجل السكان وأسرهم”.
غيرد مولر: سندعم الذين سيسيرون معنا في طريق مواجهة الفساد ودعم الشفافية
وأوضحت متحدثة باسم المستشارة أن هدف القمة التي عقدت على مدى اليومين الماضيين “هو تعزيز التعاون من أجل نمو اقتصادي دائم للدول الأفريقية”.
وكشف وزير التنمية الألماني غيرد مولر أن ألمانيا تعتزم تخصيص مساعدات إضافية بقيمة 300 مليون يورو لدعم الدول الأفريقية الراغبة في إجراء إصلاحات اقتصادية جادة.
وقال إن برلين “ستدعم على نحو خاص، هؤلاء الذين سيسيرون معنا في طريق مواجهة الفساد ودعم الشفافية وتطبيق حقوق الإنسان” وأكد أن ألمانيا لن تتأخر عن دعم “الدول الفقيرة للغاية والمتعثرة”.
وكان وزراء مالية مجموعة الدول العشرين الأكثر ثراء في العالم قد وجهوا خلال اجتماع في مارس الماضي دعوة لنظرائهم من ساحل العاج والمغرب ورواندا وتونس للانضمام إليهم لتشكيل هذه الشراكة التي سيطلق عليها اسم “معاهدة مع أفريقيا” (كومباكت ويذ أفريكا).
وجنوب أفريقيا هي الدولة الأفريقية الوحيدة العضو في مجموعة العشرين، التي لم يسبق أن أدرجت النمو الاقتصادي في أفريقيا على جدول أعمال قمم المجموعة التي عقدت حتى الآن.
وأكدت وزارة المالية الألمانية أن منح الأولوية لأفريقيا لا يعني أن ميركل تريد إعداد خطة مساعدة مالية بل إيجاد “فرص لاجتذاب الاستثمارات وخلق الوظائف”. وقالت إن الدعم السياسي الذي تقدمه مجموعة العشرين يمكن أن يجعل هذه الدول أكثر جاذبية لجهات التمويل الخاصة.
وقد شاركت أكثر من مئة جهة استثمارية في القمة التي عقدت في برلين خلال اليومين الماضيين.
ورغم عدم التركيز على موجات الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا إلا أنها ترتدي أهمية كبرى بالنسبة لألمانيا التي استضافت أكثر من مليون لاجئ في السنوات الأخيرة خصوصا من سوريا والعراق وأفغانستان.
وكان وزير التنمية الألماني قد أعلن في مناسبات عديدة عن برنامج لتنمية أفريقيا يشبه مشروع مارشال الذي أعاد إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وقال هذا الأسبوع إن البرنامج سيبدأ أولا مع رواندا والسنغال والمغرب وتونس، لكنه أضاف أنه مفتوح لكل الدولة الأفريقية.
غونتر نوكه: الكثير من الأفارقة سيأتون إلى أوروبا لأنهم لا يرون أي آفاق لحياتهم
وطالب مولر الدول الغنية بحفظ وعودها الخاصة بتقديم مساعدات تنموية، والتي من المنتظر أن تبلغ، حسب توجيه الأمم المتحدة نسبة 0.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة.
وأكد غونتر نوكه مفوّض الحكومة الألمانية لشؤون أفريقيا أنه لا بد من توفير آفاق للناس في أفريقيا “وهذا يعني أن علينا أن نستثمر بصورة أكبر كثيرا في أفريقيا وعلينا أن نوفر وظائف”.
وأضاف أن “من مصلحتنا أن تكون أفريقيا في حالة جيدة” لأن الكثيرين سيأتون إلى أوروبا، لأنهم لا يرون أي آفاق لحياتهم في أفريقيا. وتبدو المسألة ملحة جدا بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي عجز عن وقف تدفق المهاجرين القادمين معظمهم من دول جنوب الصحراء والذين يعبرون إلى السواحل الإيطالية من خلال ليبيا بسبب الانفلات السياسي والأمني.
وترى ميركل أن السبيل الأساسي لوقف التدفق هو معالجة أسباب الهجرة وإيجاد أفاق لهذه الشعوب في دولها.
وأعلنت المتحدثة باسم ميركل أن “التنمية الاقتصادية يجب أن تكون بوتيرة سريعة لتأمين مستقبل مناسب للشاب والحد بالتالي من ضغوط الهجرة”.
وقامت ميركل في الخريف الماضي بجولة في مالي والنيجر وإثيوبيا وأكدت خلالها أن “رفاه أفريقيا من مصلحة ألمانيا”. وقد استقبلت رئيس الاتحاد الأفريقي ألفا كوندي يوم الاثنين في برلين.
وأشادت منظمة “وان” غير الحكومة بالمبادرة الألمانية في إطار مجموعة العشرين لكنها قالت إن “الاقتراحات الحالية غير كافية” لأنها تركز خصوصا على الدول الأكثر استقرارا وعلى الاستثمارات الخاصة.
وأقرت بأن تأمين آفاق مستقبلية للشباب يتطلب من دول أفريقيا إجراء إصلاحات، لكن ينبغي على مجموعة العشرين زيادة مساعدات القطاعات الأساسية مثل التعليم. وأشارت إلى أن أفريقيا ستضم خلال 50 عاما عددا أكبر من الشباب مقارنة مع كل دول مجموعة العشرين مجتمعة.
العرب اللندنية