«ستراتفور»: لماذا نتوقع نمو التعاون العسكري بين السعودية وباكستان؟

«ستراتفور»: لماذا نتوقع نمو التعاون العسكري بين السعودية وباكستان؟

وصل يوم الأربعاء الماضي رئيس الوزراء الباكستاني «نواز شريف» إلى المملكة العربية السعودية، وقابله العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» بنفسه في مراسم استقبال رسمية في المطار. وفي العادة لا يخرج الملك «سلمان» ليكون في استقبال أحد مع فتح باب طائرته إلا لمن هم أكثر تمييزا وأهمية، لذلك كان هذا مؤشرا مُبكرا أن هذه الزيارة مُهمة إلى حد ما. ولقد كان هذا الاستقبال الرسمي من العاهل السعودي الجديد كافيا لنتساءل عن مغزى تلك الزيارة.

وبعد وقت قصير، توالت سلسلة من الروايات الإخبارية عبر صحف البلدين وخاصة الباكستانية. كانت البداية مع صحيفة «باكستان إكسبريس تريبيون» التي ادعت أنها سمعت من أشخاص في الحكومة الباكستانية بأن السعوديين طلبوا قوات باكستانية لحماية المملكة العربية السعودية.

وربما يكون الطلب ليس بالصورة التي تحدثت عنها وسائل الإعلام. لكننا إذا عدنا إلى التاريخ فسنجد أنه تم نشر القوات الباكستانية في المملكة العربية السعودية في عام 1979 أثناء ظهور نجم جمهورية «آية الله الخميني» الإسلامية. كما تمركزت القوات هناك خلال «عاصفة الصحراء»، وكانت هناك أعداد أقل في المملكة من وقت لآخر لمهام سريعة ومختلفة. ومع ذلك، أصبحت الشائعات الأخيرة حول طلب السعوديين أكثر تفصيلا وأقل تصديقا، في الوقت الذي كثرت فيه ادعاءات بأن السعوديين طلبوا من القوات المصرية والتركية حراسة حدود المملكة.

ولم يكن هناك أي تعليق رسمي من المملكة العربية السعودية ولا نفي من الحكومة الباكستانية. ووفقا لمصدر، فقد تضمن التقرير الأول الخاص باللقاء الإشارة إلى عرض السعوديين شحنات نفط لباكستان بشروط دفع آجل وأسعار مُخفضة. وما هو مؤكد هو أن اجتماعات الأسبوع الماضي جاءت بعد سلسلة طويلة من الاجتماعات رفيعة المستوى، بما في ذلك اجتماعات مع «نواز شريف»، الذي حمته السعودية عندما اعتبره نظام «برويز مشرف» عدوا.

لذلك نحن نعرف أن السعوديين طلبوا القوات الباكستانية من قبل وتحقق طلبهم، كما نوقن أن «شريف» – من بين جميع رؤساء الوزراء في باكستان – سيكون أكثر ميلا لدعم الحكومة السعودية. وعلى الرغم من تكرار واسع وتأكيد للتقرير الأول، فلم تصدر المملكة العربية السعودية ولا الحكومة الباكستانية نفيا قاطعا بشأن ما تردد عن طلب المملكة لقوات باكستانية.

كما نعلم أيضا أن السعوديين لديهم سبب وجيه للقلق بشأن أمنهم؛ فتنظيم «الدولة الإسلامية» يثبت أقدامه في كل من العراق وسوريا ويتوسع في مدنهما، ويخشى السعوديون أنصار هذا التنظيم داخل المملكة ذاتها. ولا يمكن لأحد أن يتكهن يقينا بالدولة الإسلامية وقوتها وخططها، وربما يشعر السعوديون أن جيش بلادهم لن يكون كافيا لإدارة هذا التهديد. وبالإضافة إلى ذلك فإن حربا أهلية تدور رحاها في اليمن على طول الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية. ولا يقتصر الأمر على احتمالية امتداد ذلك إلى المملكة العربية السعودية، ولكن أيضا يحاول السعوديون إدارة الأزمة، ودعم ”حل الدولتين“ هناك. ربما يريد السعوديون بالقوات الباكستانية إضافة وزن إلى دبلوماسيتهم. وكل هذه أسباب كافية لطلب المساعدة.

السبب الأكبر … إيران

ولكن السبب الأكبر هو العلاقة المتنامية بين الولايات المتحدة وإيران. وإذا نحينا المفاوضات النووية جانبا – والتي تتحرك ببطء للأمام وبالتأكيد لا تنهار – فإن الولايات المتحدة وإيران لديهما مصالح مشتركة في العراق؛ فكليهما يريد كسر شوكة «الدولة الإسلامية» هناك. ويريد السعوديون أيضا هذا من دون شك، لكن الرياض تشعر بالفزع مما قد يحل محل التنظيم المسلح؛ ألا وهو نوع من الإدارة الأمريكية الإيرانية المشتركة للعراق.

وكما ذكرنا من قبل، ترغب الولايات المتحدة في الحد من تدخلها المباشر في الصراعات الإقليمية واستبدالها بدعم للقوى الإقليمية التي ليس لديها أي خيار سوى الانخراط. لكن هناك دول مختلفة تماما؛ ويُقصد بالدول هنا تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية وإسرائيل. لدى المملكة العربية السعودية ذكريات سيئة من الاضطهاد العثماني، فضلا عن الخوف من إيران الشيعية، وعلاقة مُعقدة ومتعددة الطبقات مع إسرائيل. وعملت الولايات المتحدة كضامن للأمن القومي السعودي. وفي دورها الجديد، فإن المملكة العربية السعودية ليست سوى واحدة من كوكبة من البلدان التي تهتم بها الولايات المتحدة.

من بين كل هذه البلدان، توجد إيران التي تشغل المملكة العربية السعودية أكثر من غيرها. كما أن إيران هي الأقرب للمملكة وينظر إليها السعوديون على أنها العدو الأول حاليا والمنافس على النفوذ في المنطقة. ولإيران تاريخ من التدخل السري في المملكة العربية السعودية، ونظرا لتقارب المصالح الإيرانية والولايات المتحدة، فقد ينتهي الأمر بأن تُصبح إيران هي المفضلة الأولى للولايات المتحدة في نهاية المطاف. وهذه خطوة ومخاطرة لا يمكن أن تقبلها السعودية. إن التحول إلى باكستان يعطي وزنا أمنيا وعسكريا للسعوديين أكثر. وليست هناك مشكلة في كون باكستان قوة نووية، وعلى الرغم من أن استخدام باكستان للأسلحة النووية غير مرجح للغاية، لكن الخطوة قد تجعل الآخرين – إيران والدول الأخرى في المنطقة – يتوقفون ليفكرون قبل أن يُقدموا على شيء.

وتحتاج المملكة العربية السعودية – الأضعف بين القوى الإقليمية الرئيسية الأخرى – إلى مزيد من الوزن، كما تحتاج إلى إعطاء الآخرين وقفة، ولا يشغل اهتمام السعوديين استغراب الولايات المتحدة مما يقومون به أو يخططون لتحقيقه. الطلب من الباكستانيين استئناف الدور الذي لعبوه في الماضي – كضامنة لأمن النظام السعودي داخليا والحدود السعودية خارجيا – هو أمرٌ منطقي؛ نظرا لعلاقة «نواز شريف» القديمة الحديثة مع السعوديين. لكن يمكننا القول إن مطالبة السعودية لمصر وتركيا بالدخول في نفس الاستراتيجية أمرٌ مشكوك فيه لكون القاهرة وأنقرة من المرجح ألا يوافقا.

لقد تحدثنا طويلا عن التحول في طريقة عمل هذه المنطقة المضطربة. وحتى إذا لم يكن هناك شيء فوري أو قريب، فإننا نرى – بالفعل – تحركات السعوديين في محاولة منهم للتعامل مع الواقع الجديد. ومع تغير الأنماط، فسوف تستجيب المنطقة.

هذه ليست بالفعل خطوة جذرية، ويمكن لتطورات أخرى أن تكون أكثر إثارة للدهشة، مثل تعاون الإيرانيين والأمريكيين ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».