تطلّب الوضعان الاقتصادي والاجتماعي في العراق، وضع خطة إنقاذ لإدارة الاقتصاد بعيداً من المحاصصة والتأثيرات السياسية، وحذّر المستشار في التنمية الصناعية عامر الجواهري، من «تولي إدارات غير كفوءة وبعيدة من المهنية وغير متماسكة ومتصارعة في ما بينها، كانت تسبّبت في كل هذا التدهور الذي أصبح له أساساً متجذّراً في المجتمع لتأثيره في القيم المجتمعية، ما يتطلب جيلاً كاملاً لضمان السير في الإصلاحات». واعتبر أن ذلك «يستلزم شرط توافر الجهات الرصينة والكفوءة وصاحبة الإرادة، للتركيز على العامل الأخلاقي في المجتمع لتسهيل التغيير».
ودعا الجواهري في تصريح إلى «الحياة»، الحكومة العراقية إلى «أخذ مبادرة تاريخية بتنظيم ورش عمل قطاعية، تضم الوزير المعني وممثلي مجلسي الوزراء والنواب ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، وتُختتم بمؤتمر عام للتشاور في وضع خطة إنقاذ يلتزم الجميع تنفيذها». وقال: «يمكن أن تشمل الاقتراحات العملية لإدارة الاقتصاد وتنويعه، والتحرك لتنفيذها مع فرق عمل، ووضع آلية لاختيار إدارات الجهاز التنفيذي من الكفاءات الفنية المختصّة خارج نظام المحاصصة والتأثيرات السياسية».
وأوصى بأن تنص على «الأسس لإدارة المال العام في شكل سليم ومنتج وشفاف مع آلية لرصد الأداء وتقويمه، ومتابعة كفاءة تنفيذ برنامج كل وزارة بمشاركة مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني والإعلام».
وشدد الجواهري على ضرورة أن «يخرج المؤتمر باقتراح إجراءات تفضي إلى تحسين بيئة الأعمال والاستثمار، وتطوير الجهاز المصرفي لمواكبة متطلبات التنمية والاستثمار».
ولم يغفل أيضاً «اقتراح البرامج والمشاريع وفق الأولوية مع تعيين الجهة التي تتولى التنفيذ الحتمي لكل مشروع وكيفيته، والتمويل مع تحديد عوامل الدعم للإنجاز». وأكد أيضاً أهمية «تبني حملة وطنية تقودها الحكومة بأسلوب التنفيذ الحكومي والشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتطوير البنى التحتية ومعالجة أزمة السكن وتداعياتها على وضع المجتمع».
وحضّ الجواهري على «وضع منهجية صارمة لمكافحة الفساد وفتح قنوات محمية لتقديم الشكاوى ونظام حماية رصين لأدوات مكافحته، والتأني في موضوع القروض الخارجية التي ستشكل اختناقاً مستقبلياً للبلد الذي سيدخل في مرحلة إعمار متزايدة للمناطق المحررة، ما يفضي إلى ازدياد الحاجة إلى الأموال». وشدد في هذا الإطار، على أهمية «التركيز على القروض الخاصة بالمشاريع المنتجة إيرادات أو خدمات مساندة للاقتصاد والبنى التحتية، وعلى المنح وعلى أسلوب تمويل وفقاً لمنهجية الشراكة مع القطاع الخاص».
وفي ما خصّ ملفات التربية والتعليم والثقافة والعامل البشري والجهود الطويلة الأمد للتغيير في القيم والأخلاق المجتمعية، اعتبر الجواهري أن ذلك «يعزز الإحساس بروح المواطنة والمشاركة الفاعلة في كل النشاطات المتصلة بالتنمية المستدامة والشاملة والإصلاح والحرص على المال العام والعمل بأسلوب الفريق».
وأكد ضرورة أن «يتكلل التحرك والمؤتمر العام بوضع خطة إنقاذ شاملة في عنوان يُتفق عليه مثل «العراق أولاً»، بمشاركة مجتمعية فاعلة ومن خلال حملة وطنية وخريطة طريق تتناسق مع كل الاستراتيجيات المقرة ويمتد أجلها إلى عام 2030، على أن تقرّ الحكومة الاتحادية الخطة كي تأخذ طابع القانون الملزم للحكومات اللاحقة».
وخلُص الجواهري إلى التشديد على أن «تكون الظروف القاسية التي تواجه العراق من ضغط الإرهاب ومتطلبات إعادة إعمار المناطق المحررة، وانخفاض أسعار النفط وتسونامي السلع المستوردة وتخلّف القطاعات الإنتاجية وتسرّب العملة الصعبة إلى الخارج والركود المتزايد، واستمرار ازدياد أعداد قوة العمل من الشباب الداخلة إلى سوق العمل سنوياً من دون توافر فرص العمل لهم، حافزاً لتولي الفريق الحكومي معالجة هذه المعوقات بعملية شاملة للإصلاح والتنمية، بمساعدة القطاع الخاص والمجتمع المدني».
عادل مهدي
صحيفة الحياة اللندنية