لا يزال قيام إحدى الفصائل العراقية المسلحة قبل عدة شهور بإرسال دبابة “إبرامز” الأمريكية المتطورة دفاعيًّة وهجوميَّا إلى إيران، تشغل بال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، فهي مستاءة جدًا من هذا إرسال إذ شعرت بأن هناك إهانة عسكرية وجهت إليها، لذلك فهي تمارس ضغوط كبيرة على الحكومة العراقية من أجل استرجاعها، كما أن هذا ارسال وضع الحكومة العراقية في موقف محرج جدا مع الإدارة الأمريكية والتحالف الدولي. كما وضع أيضا الإدارة الأمريكية في موضع حرج أمام الرأي العام الأمريكي.
ومن إجل استرجاع هذه “ابرامز” التي تعتبر من أقوى الدبابات في العالم، التي استخدمت في حرب الخليج الثانية، حرب أفغانستان، حرب العراق 2003 والتدخل العسكري في اليمن.وبحسب المعلومات الخاصة التي حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، التقى خلال شهر يوليو/تموز الماضي رئيس أركان الجيش الأمريكي الفريق أول “جوزيف فرنسيس دانفورد” والسفير الامريكي مع كل من وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي والفريق أول ركن رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي، إذ أبلغهما عن ضرورة استعادة الحكومة العراقية الدبابة الأمريكية من إيران، كما زودهما خلال لقائه بهما كل المعلومات التي تتعلق بأمر الدبابة كإسم الفصيل في الحشد الشعبي الذي أرسلها إلى إيران، وزودهما برقم الدبابة وصور عنها. وأبلغهما أيضًا بأن في حال عدم قدرة الحكومة العراقية في استرجاع الدبابة فإن ذلك من شأنه أن يؤثر بشكل سلبي على المساعدات العسكرية الأمريكية وغيرها من المساعدات إلى العراق. ومن جانبهما وعد وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي والفريق أول ركن رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي، رئيس أركان الجيش الأمريكي الفريق أول “جوزيف فرنسيس دانفورد” ، بعودة الدبابة بأسرع وقت ممكن.
أن إرسال دبابة ابرامز إلى إيران ليس الأول من نوعه خاصة لو علمنا بأن حطام طائرة مسيرة أمريكية وعشرات “الهمرات” الأمريكية ومختلف الأسلحة الأمريكية وصلت إلى إيران. أضف إلى ذلك أن العراق أصبح سوقًا كبيرًا لتجارة السلاح كسوق “مريدي”في بغداد، أما في الموصل وبعد استعادتها من تنظيم داعش الإرهابي فقد أصبحت كفري وكلار في منطقة الحمدانية سوقٌا أيضا لبيع السلاح. إذ تباع في أسواق السلاح العراقية جميع أنواع الأسلحة الأمريكية والغربية والشرقية، وأكثر هذه الأسلحة تشترى من قبل حكومة إقليم كردستان العراق، فضلا عن قيام المواطنين العراقيين في جميع محافظات العراق من شرائها، والملفت هنا بأن هذه الأسلحة والمعدات العسكرية تباع بربع سعرها الحقيقي. فعلى سبيل المثال تباع سيارة الهمر في سوق السلاح العراقي بمبلغ 30 ألف دولار أمريكي بينما سعرها حقيقي يتراوح ما بين 280 ألف دولار أمريكي إلى 300 ألف دولار أمريكي.
مما لا شك فيه، أن طلب الإدارة الأمريكية الذي يصل إلى مستوى الإصرار من الحكومة العراقية في استرجاع دبابة ابرامز، يضع إرادتها أمام اختبار حقيقي بين الولايات المتحدة الأمريكية الراعية الرسمي للنظام السياسي العراقي في مرحلة ما بعد عام 2003م، والتي ساهمت من خلال دعمها العسكري والاستخباراتي للحكومة العراقية في دحر تنظيم داعش في الموصل ومختلف المحافظات العراقية، وبين إيران التي تمتلك نفوذ المتعدد الأشكال فيه، والسؤال الذي يطرح في هذا السياق؟ هل بوسع الحكومة العراقية ارجاع دبابة إبرامز من إيران؟
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية