وتضمن العرض العسكري الذي شارك فيه عشرات الآلاف من الجنود، تحليق أكثر من مئة طائرة حربية، بالإضافة إلى خمسمئة قطعة عسكرية شملت دبابات وقاذفات صواريخ وعربات مجهزة بصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، وآليات عسكرية أخرى.
وهذه هي المرة الأولى التي تجري فيها الصين عرضا عسكريا بمناسبة يوم الجيش، منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، كما أنها المرة الأولى التي يستعرض فيها الرئيس الصيني القوات المسلحة بالزي العسكري.
ويعتبر الجيش الصيني أكبر جيوش العالم عددا (مليونان وثلاثمئة ألف) وأكثرها نموا في برامج التسلح والتحديث، حيث شهد العديد من الإصلاحات في العقود الأخيرة، منها خفض العدد وتقوية العتاد والتكنولوجية العسكرية. فضلا عن كون الموازنة الدفاعية للصين ثاني أكبر الموازنات الدفاعية في العالم، بقيمة تجاوزت 151 مليار دولار في عام 2017.
عقيدة سلمية
في أعقاب العروض العسكرية الضخمة التي أجرتها الصين، تساءل مراقبون عن مدى فعالية الجيش الصيني في حال اندلاع حرب حقيقية، مشيرين إلى أنه لا يتمتع بخبرة قتالية عالية مقارنة بأقرانه من جيوش الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، على اعتبار أنه لم يخض قتالا حقيقيا منذ حربه الأخيرة في فيتنام عام 1979.
حول تلك التساؤلات، قال جيانغ تيه يينغ، الباحث في الشؤون العسكرية، إن العقيدة الصينية عقيدة سلمية، وأن عدم لجوء الدولة إلى الحرب لحل نزاعاتها يعتبر مؤشرا على تقدمها وليس تقاعسا أو انتقاصا من قوة جيشها، وأضاف أن الوضع الدولي الراهن يختلف عما كان عليه قبل عقود خلت، حين كانت تحل النزاعات باستخدام السلاح والقوة.
وأشار جيانغ في حديثه للجزيرة نت إلى أن دور ونفوذ الجيش الصيني ما زال محدودا خارج حدود الصين، لكنه توقع أن تعزز بكين وجودها العسكري في الخارج مع إطلاق الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق، وبروز تحديات دولية جديدة.
دعوات للتصعيد
من جهته، قال شوانغ لي، الباحث في معهد غوانغ دونغ للدراسات، إن هناك العديد من التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجه بكين، أبرزها الصراع في بحر جنوب الصين، والنزاعات الحدودية مع الهند، بالإضافة إلى التوتر المستمر في إقليم شينجيانغ شمال غرب البلاد.
وأضاف شوانغ في حديثه للجزيرة نت أن الصين وفي ظل التحديات المحدقة ستجد نفسها مضطرة لاحقا للتخلي عن عقيدة تبنتها منذ بداية تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في أواخر سبعينيات القرن الماضي، واستدل على ذلك بدعوات للتصعيد العسكري أطلقتها، على مدار الشهور الماضية، وسائل إعلام صينية رسمية.
لكنه أكد أن هناك معضلة حقيقية أمام القيادة العسكرية، باعتبار أن أكثر من ثلاثة أجيال من أبناء الجيش لم يخوضوا حربا أو قتالا حقيقيا منذ عقود، مشيرا إلى أن ذلك قد يضع قدرة الجيش الصيني وخبرته في خوض أي معركة قادمة على المحك.
يشار إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني تأسس في الأول من أغسطس/آب 1927، في أعقاب انتفاضة نان تشانغ التي تزعمها بعض قادة الحزب الشيوعي عقب ما يعرف بالمجزرة التي تعرض لها الشيوعيون على يد شيانغ كاي شيك، وعرفت القوات الثائرة آنذاك باسم الجيش الأحمر الذي شارك بين عامي 1934 و1935 في المسيرة الطويلة، قبل أن يتحول إلى جيش التحرير الشعبي الصيني.
على أبو مريحيل
الجزيرة