صنعاء – ظهرت للمرة الأولى منذ سيطرة الحوثيين “أنصار الله” على صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، علامات توتر بينهم وبين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
ويكشف هذا التوتر عن نية الحوثيين التخلص من صالح بعد قرار اتخذوه بمنعه من إقامة تظاهرة كبيرة لأنصاره الخميس المقبل، وبعد محاولة اغتيال تعرض لها بسام علي الشاطر أحد نواب حزبه في منطقة مناخة القريبة من صنعاء.
ولم يصب الشاطر بأذى لكن اثنين من حراسه الشخصيين أصيبا بجروح. ولم تستبعد مصادر يمنية أن يكون الحوثيون وراء محاولة الاغتيال التي تستهدف زرع الرعب في صفوف قياديي مؤتمر الشعب العام، خصوصا أن والد بسام الشاطر، هو العميد علي حسن الشاطر الذي كان مديرا للتوجيه المعنوي في القوات المسلحة في عهد علي عبدالله صالح، وأحد مساعديه الأساسيين.
وقال متابعون للشأن اليمني إن إصرار الحوثيين على منع صالح من لقاء أنصاره يحمل دلالات عديدة بينها أنهم يخافون من أن يلقي خطابا يحرض اليمنيين على تحدي سلطتهم، وربما يعلن فك الارتباط معهم، ويرفع عنهم الغطاء الشعبي.
واعتبر المتابعون أن مؤشرات كثيرة تقول إن صالح يسعى للاستفادة من ذكرى تأسيس حزب المؤتمر في الخروج من ورطة التحالف مع المتمردين، وأنه ربما يطرح مبادرة للمصالحة مع الحكومة المعترف بها دوليا، والهدف من ورائها المصالحة مع السعودية.
وعكست تصريحات متوترة لأبرز قادة الحوثيين ضد حليفهم صالح وجود مخاوف جدية من أن الرئيس السابق قد يقدم على خطوات تساهم في عزلتهم يمنيا وإقليميا.
ووجه رئيس ما سمي باللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين محمد علي الحوثي نداء إلى أنصار جماعته للاحتشاد الخميس القادم على مداخل العاصمة، في خطوة تصعيدية، تعيد إلى الأذهان الحشود الحوثية على مداخل صنعاء والتي مهدت لاحقا لاجتياح العاصمة وإسقاط الدولة في الـ21 من سبتمبر 2014.
ودعا الحوثي الذي يوصف بأنه قائد التيار المطالب بإنهاء التحالف مع الرئيس السابق، “كل الثوار إلى ساحات الاعتصام، الخميس، لإرسال قوافل الرجال وقوافل الدعم، حيث ستكون هناك عدة تجمعات”.
وجاء التصعيد الحوثي إثر إصرار صالح على المضي قدما باتجاه إقامة الحشد الذي دعا إليه أنصاره في “ميدان السبعين” بصنعاء للاحتفاء بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس حزب المؤتمر التي توافق الـ24 من أغسطس الجاري، متجاهلا التحذيرات المباشرة التي وجهتها له قيادات حوثية من بينها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الذي بعث برسالة تحذير لصالح، من خلال صحافي موال له التقاه في صعدة قبل أيام، ولوح في مقال له بحرب قادمة في حال لم يتراجع المؤتمر عن فعاليته.
علي البخيتي: حشد الحوثيين أنصارهم في مداخل صنعاء تهديد واضح لحزب المؤتمر
وانخرط رئيس ما يسمى رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد والذي يوصف بأنه يقف على رأس تيار التقارب مع حزب صالح في حملة التحريض ضد فعالية المؤتمر، من خلال وصفه للحشد الذي دعا إليه صالح بأنه “تحرك مشبوه”.
وقال الصماد في كلمة ألقاها الثلاثاء بمناسبة ذكرى تأسيس “المجلس السياسي”، إنهم في المجلس لن يكونوا مظلة لأي تحرك مشبوه يصرف الشعب عن أولوياته في مواجهة ما وصفه بالعدوان، في إشارة إلى حشد الرئيس السابق.
واعتبر عادل الشجاع عضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر (جناح صالح) أن فعالية الـ24 من أغسطس “دعوة إلى المصالحة ووقف الحرب التي تدمر النسيج الاجتماعي والعودة إلى الإرادة الشعبية”.
وقال الشجاع “إن الحوثيين قلقون من السلام وقلقون من أي دعوة إلى إنهاء الحرب لأنهم استفادوا منها”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أنه “إذا لم يستوعب الحوثيون أهمية إدارة المؤتمر للمرحلة فإنهم يحكمون على أنفسهم بالخروج النهائي من العملية السياسية ويحكمون على أنفسهم بمواجهة الجميع″.
ويرى مراقبون أن تحالف الحوثي وصالح قد استنفد أسباب بقائه في ظل رفض متصاعد من قواعد الطرفين لبقاء هذا الحلف الذي لا تجمعه أي قواسم مشتركة والرغبة الظاهرة لدى الحوثيين للاستحواذ على نصيب حزب صالح الذي يحول دون استكمال مشروع الحوثي في الجانبين السياسي والثقافي.
وفي تعليقه على تصاعد حدة الخلاف بين شركاء الانقلاب، وصف الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي تحركات الحوثيين تجاه حزب المؤتمر الشعبي العام بأنها بمثابة إعلان الحرب.
وقال البخيتي في تصريح لـ”العرب”، “إن عزم جماعة الحوثي على حشد جماهيرها في مداخل صنعاء في نفس التاريخ واليوم والساعة والأماكن التي ستمر منها حشود المؤتمر القادمة من مختلف المحافظات، تهديد واضح للمؤتمر بأن عليه أن يوقف احتفاله بالذكرى الـ35 لتأسيس الحزب”.
وأضاف البخيتي، وهو قيادي سابق في جماعة الحوثي، إن “فعالية المؤتمر ستكشف للعالم أن الجماهير التي تُحشد في المناسبات المشتركة ما هي في الحقيقة إلا جماهير المؤتمر، ولولاها لظهر الحوثيون في حشود متواضعة، وبالأخص بعد وصولهم إلى السلطة وسقوط كل الشعارات التي رفعوها، ولهذا يسعى الحوثيون لإفشال الاحتفالية أو التقليل من الحشود كحد أدنى عبر عرقلة وصولها”.
ولفت إلى أن التوترات بين الطرفين مزمنة، لكن الجديد هذه الأيام أن الأجنحة المعتدلة داخل جماعة الحوثي شاركت ولأول مرة الأجنحة المتطرفة في حملتها ضد المؤتمر.
وعن احتمال تحول هذا الصراع إلى مواجهة مسلحة قال البخيتي “لا أتوقع أن تصل التوترات إلى صدام، فهناك شعور مشترك لدى طرفي الصراع بأن هناك من يتربص بهما، وهذا ما سيؤجل الصدام”.
العرب اللندنية