واشنطن – بعد بضعة أشهر في مقر الرئاسة أبعد “الرئيس بانون” كما كان يسمّى، المستشار صاحب الأفكار القومية والتأثير الكبير عن البيت الأبيض. فمنذ تعيينه في نوفمبر 2016 كان الرئيس السابق للموقع الإلكتروني الإخباري برايتبارت وأحد أبرز دعاة “اليمين البديل” يؤثر على الكثير من توجهات السلطة التنفيذية الأميركية.
وأصبح بانون أحدث مسؤول بارز يغادر بسرعة البيت الأبيض في مشهد اتسم بالفوضوية منذ الأيام الأولى لترامب في السلطة. وحتى الآن شهد فريق الرئيس إقالة مايكل فلين مستشار الأمن القومي وراينس بريباس كبير موظفي البيت الأبيض وجيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي ومدير الاتصالات في البيت الأبيض أنتوني سكاراموتشي الذي دفع تعيينه أصلا السكرتير الصحافي شون سبايسر للاستقالة.
ورحب ديمقراطيون بإقالة بانون. وقال المتحدث باسم اللجنة القومية للحزب الديمقراطي مايكل تايلر “الآن قلّ مؤيدو تفوق البيض واحدا في البيت الأبيض لكن ذلك لا يغير الرجل الجالس خلف المكتب البيضاوي”.
وكان ستيف بانون يظهر كثيرا في الغرفة نفسها مع دونالد ترامب ملتزما الحذر لكن بحضور قويّ، أو يتبع الرئيس في خطى تبدو متعثرة. وبدأ تأثير بانون في الأشهر التي سبقت الفوز الانتخابي لترامب، في الحملة الانتخابية أولا ثم في الإدانة الشعبوية لنظام عالمي تسيطر عليه النخب السياسية والمالية والمتّهم بالعمل ضد الشعب.
وبعد فوز ترامب في الانتخابات الذي كان مفاجأة ارتبط اسمه بها بشكل وثيق، أدانت المنظمات المناهضة للعنصرية والديمقراطيون تعيينه في منصب على رأس الدولة الفيدرالية.
وذكّر هؤلاء بعدد لا يحصى من المقالات التي نشرت على موقع برايتبارت وتميل إلى معاداة السامية، وتشيد بعلم كنفدرالية دول الجنوب وتدين الهوة والتنوع الثقافي.
ستيف بانون كان يظهر كثيرا في الغرفة نفسها مع دونالد ترامب ملتزما الحذر لكن بحضور قويّ، أو يتبع الرئيس في خطى تبدو متعثرة
كما كتب جون ويفر المقرب من جون كاسيك المرشح الجمهوري السابق للانتخابات التمهيدية في تغريدة الاثنين “إن اليمين المتطرف العنصري والفاشي بات ممثلا في المكتب البيضاوي. على أميركا أن تكون حذرة جدا”.
وذكّر ديمقراطيون آخرون باتهامات أوردتها ماري لويز بيكار طليقة ستيف بانون، وأبرزها أنها خلال إجراءات الطلاق قبل عشر سنوات حسب ما نقلت عنها صحيفة نيويورك ديلي نيوز رفض زوجها السابق إرسال أولادهما إلى مدرسة بسبب وجود يهود فيها. ونفى بانون أن يكون قال ذلك.
وتولى بانون (63 عاما) إدارة موقع برايتبارت حتى تعيينه في أغسطس 2016.
قبل ذلك، عمل ستيف بانون في مصرف الأعمال غولدمان ساكس في ثمانينات القرن الماضي قبل أن يؤسس مصرفا صغيرا للاستثمارات حمل اسم “بانون وشركاه”، عاد واشتراه مصرف “سوسييته جنرال” عام 1998. وأصبح بعد ذلك منتج أفلام في هوليوود.
وخلال العقد الأول من الألفية الثالثة بدأ ينتج أفلاما سياسية حول رونالد ريغان وحزب الشاي وسارة بالين.
والتقى بانون أندرو برايتبارت مؤسس الموقع الذي يحمل اسمه وانضم إلى حزب الشاي المكوّن من الطبقة السياسية الأميركية سواء أكانت ديمقراطية أو جمهورية. وفي 2012 مع وفاة برايتبارت تسلم إدارة هذا الموقع الذي يتخذ من واشنطن مقرا له.
ويعتبر الرئيس السابق لمجلس النواب جون باينر أحد ضحايا بانون في 2015، كما أن خليفته بول راين تعرض لهجمات متكررة على موقع برايتبارت حيث اتهم بأنه جمهوري مطيع وعاجز عن الوقوف بوجه باراك أوباما والدفاع عن القيم والمثل المحافظة.
وقال بانون لوكالة بلومبرغ في 2015 “أتحدّر من عائلة ديمقراطية من الكاثوليك الأيرلنديين المؤيدين لكينيدي والداعمين للعمل النقابي”.
بعد فوز ترامب في الانتخابات الذي كان مفاجأة ارتبط اسمه بها بشكل وثيق، أدانت المنظمات المناهضة للعنصرية والديمقراطيون تعيينه في منصب على رأس الدولة الفيدرالية
وأضاف “لم أتعاط السياسية قبل أن أدخل الجيش وأكتشف حجم الفوضى التي زرعها جيمي كارتر. عندها أصبحت معجبا جدا برونالد ريغان وما زلت. إلا أن ما دفعني إلى العمل ضد الطبقة الحاكمة هو عملي في شركات في آسيا عام 2008 والفوضى التي زرعها بوش وتجاوزت ما قام به كارتر. كل البلاد كانت كارثة”.
وفي أول مقابلة أجريت معه بعد وصوله إلى البيت الأبيض قال “لست من المؤمنين بنظرية تفوق البيض، بل أنا قومي، قومي اقتصادي”.
وخلال الأشهر التي أمضاها مع ترامب شهد أوقاتا سعيدة وأخرى سيئة ولم يلق تأييد وسائل الإعلام التي وصفها بأنها “حزب معارض” ولا من “النخب” التي وعد بهزها. وقال “كل يوم سيكون معركة”. وقد ساءت علاقاته مع جاريد كوشنر صهر ترامب المتكتم بشكل واضح.
وكان اليمين المتطرف الأميركي هنأ بانون على تعيينه، وخصوصا ديفيد ديوك المسؤول السابق في منظمة كو كلوكس كلان. ويأتي خروجه من البيت الأبيض بعد أعمال العنف التي شهدتها مدينة شارلوتسفيل في فرجينيا حيث تجمع ناشطون من اليمين المتطرف السبت الماضي.
ويمثل رحيل بانون أحدث خطوة في العديد من التغييرات التي تتم بالبيت الأبيض تحت إدارة ترامب المضطربة التي شهدت إقالة مدير مكتب التحقيقات الاتحادى “إف بي آي” جيمس كومي واستقالة المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر ومدير المكتب السابق رينس بريبوس. كما رحل مدير الاتصالات بالبيت الأبيض أنطونيو سكاراموتشي ومستشار الأمن القومي مايك فلين وكبير الموظفين رينس بريبوس.
ومن الشخصيات الأخرى التي غادرت البيت الأبيض في الأشهر السبعة الأولى لترامب: ديريك هارفي المستشار في مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط ومايك دوبكي مدير الإعلام في بداية ولاية ترامب وكي تي ماكفارلاند نائب مستشار الأمن القومي وكايتي والش المسؤولة الثانية في فريق بريبوس وكريغ دير المدير في مجلس الأمن القومي لشؤون نصف الأرض الغربي وأنجيلا ريد كبيرة فريق المراسم المنزلية في البيت الأبيض.
العرب اللندنية