جلود الأضاحي في السودان.. معركة سنوية تتجدد بين الحكومة والمواطنين الذين يرفضون بيعها لها

جلود الأضاحي في السودان.. معركة سنوية تتجدد بين الحكومة والمواطنين الذين يرفضون بيعها لها

الخرطوم – الأناضول: قبيل حلول عيد الأضحى من كل عام، تتجدد «معركة جلود الأضاحي» بين الحكومة السودانية والمواطنين، وخاصة تجار وأصحاب المراعي، في وقت يواجه فيه القطاع تحديات ومعوقات عدة، تضاف إليها الإجراءات الحكومية التي تعطل عليهم تصدير الجلود الخام إلى الخارج.
تقول الحكومة ان تصدير جزء من جلود الأضاحي بشكلها الخام يفقد البلاد ميزة تصديرها مصنعة، ويقلل أرباح الدولة من هذا القطاع، في وقت يعاني فيه السودان من مشاكل اقتصادية متفاقمة منذ انفصال الجنوب في 2011، وذهاب 75% من إنتاج البلاد النفطي لدولة الجنوب.
ويرفض كثير من المواطنين والتجار السودانيين بيع الجلود للحكومة بأسعار تقول انها تفضيلية، لتبقى حبيسة التخزين البدائي لدى عدد كبير منهم، ما يؤدي إلى تلف بعضها.
خبراء ومختصون قالوا إنه رغم امتلاك السودان ثروة حيوانية هائلة تبشر بمستقبل واعد لهذه الصناعة، إلا أن صادرات الجلود لا تغذي خزينة الدولة بأكثر من 35 مليون دولار سنويًا، وفقًا للإحصائيات الرسمية، التي تشير
إلى ان إنتاج السودان من الجلود يبلغ نحو 22 مليون قطعة سنويًا، منها نحو 3 ملايين قطعة خلال عيد الأضحى فقط، فيما لا يتعدى عدد القطع المصدرة إلى الخارج 7 ملايين قطعة في العام.
وفي وقت سابق، أقرت وزارة الثروة الحيوانية السودانية بتراجع صادرات الجلود باستمرار، إذ كانت 10 ملايين قطعة في 2014، تراجعت إلى 8 ملايين قطعة في 2015، ثم إلى 6 ملايين قطعة في 2016.
‎ ويحتل السودان، المرتبة الأولى عربيا في تعداد الإبل، والسابع في تعداد الأبقار، والسادس بالنسبة للضأن والماعز.
يقول طه سيد أحمد، الأمين العام لغرفة الصناعات الجلدية، ان «تكلفة نقل الجلود من مناطق ذبحها إلى المدابغ، أعلى من تكلفة بيعها للمدابغ نفسها، ما يرفع من تكلفة إنتاجها ويقلل من قوتها التنافسية في الأسواق العالمية». وأضاف أن «المشكلة الرئيسية تتمثل في عدم وجود آليات تنفيذية للحملات التي تطلقها الدولة، ما يجعل نسبة التالف من جلود الأضاحي كبيرة، قد تصل إلى 60%».
واستدرك «لكن في حال تنظيم هذه الصناعة فإن مستقبلًا مشرقًا ينتظر المواطن والمدابغ والحكومة، نظرًا للثروة الحيوانية الهائلة في البلاد». ولفت إلى أنه «على الحكومة أن تبتكر آليات تشجع التاجر والمواطن على بيع الجلود لها، تمهيدًا لتصديرها، إلى جانب تخصيص كمية للتصنيع الذي يمثل العائد الأكبر للحكومة». وتعاني البلاد منذ عقود، من ضعف وبدائية في تصنيع الجلود، إلى جانب معوقات مالية واقتصادية بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على الخرطوم منذ 1997. ورغم هذا الواقع، شهدت السنوات الأخيرة ظهور استثمارات في البلاد، لتصنيع الجلود وتسويقها في شكلها النهائي، كالحقائب وبعض الصناعات الأخرى.
وقال عبد داؤود، وزير الدولة في وزارة الصناعة السودانية، ان الوزارة تمكنت من جمع 3.3 مليون قطعة من الجلود خلال عيد الأضحى الماضي، أي ما يكفي لتغذية المدابغ مدة أشهر.
ويوم السبت الماضي دشنت وزارة الصناعة السودانية، حملتها السنوية لتجميع جلود الأضاحي، تمهيد لإعادة بيعها إلى المدابغ.
ويمتلك السودان 28 مدبغة تتوزع على ولايات الخرطوم والنيل الأبيض (جنوب) والبحر الأحمر وكسلا (شرق)، بطاقة دبغ 25 مليون قطعة سنويًا، من الجلود الخفيفة كجلود الضأن والماعز.
غير ان هذه المدابغ تعاني مشاكل عديدة. ويوضح مروان عثمان، رئيس غرفة الجلود في اتحاد الغرف التجارية، أن «من بين المعوقات الأخرى في قطاع الجلود، العيوب الناتجة عن رعي الحيوانات في المراعي الطبيعية وتعرضها لإصابات ما يفقدالجلود قيمتها». وأضاف أن «قيمة صادرات الجلود العام الماضي بلغت 38 مليون دولار، رغم قدرة القطاع على تحقيق مبالغ تصل إلى 450 مليون دولار حال تصنيع المنتجات الجلدية في السودان». يشار إلى أن الحكومة السودانية وضعت قبل نحو عامين استراتيجية لتطوير قطاع الجلود في الفترة من 2015 وحتى 2025 تهدف لعدم تصدير الجلود الخام، بل تصنيعها محليًا ومن ثم تصديرها للخارج.

القدس العربي