في 23 آب/أغسطس، اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي السياحية الواقعة على البحر الأسود – وهو الاجتماع الثاني الذي عقده الزعيمان هذا العام، والسادس منذ تدخل موسكو في سوريا في أيلول/سبتمبر 2015. وكان الهدف الرئيسي لنتنياهو مناقشة تنامي الوجود العسكري الإيراني في سوريا، ولا سيما تواجد وكيل إيران «حزب الله» في الجولان. وأعرب بوتين عن ارتياحه إزاء تطوّر الروابط الروسية- الإسرائيلية، لكن بعيداً عن المجاملات الدبلوماسية العامة، لم يقدّم ردّاً علنياً على مخاوف نتنياهو.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، استبعدت بولندا روسيا من مشروع إحياء ذكرى ضحايا معسكر الإبادة النازي سوبيبور في شرق بولندا. وأعربت إسرائيل عن تأييدها لمشاركة روسيا، لكن يبدو أن موسكو توقّعت من إسرائيل أن تضغط على وارسو لتغيير موقفها. وقد استدعى وزير الخارجية الروسي السفير الإسرائيلي غاري كورن، للحصول على شرح في هذا الصدد، في حين أشارت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا إلى أنها تعتبر موقف إسرائيل “غير مقبول على الاطلاق” و”يكاد يكون خيانةً تاريخية”. ومن غير المرجح أن تكون زاخاروفا، التي ذكرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 أن دونالد ترامب فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية “بفضل اليهود”، قد أدلت بهذه التصريحات من دون موافقة مسبقة من بوتين.
وفي هذا السياق، وقبل التطرق إلى مسألة إيران، حاول نتنياهو التخفيف من حدّة الحادثة وشدّد أمام بوتين على أن إسرائيل تتذكر دائماً دور الاتحاد السوفيتي في الانتصار على الفاشية وذكّره بأنه أقام حفل افتتاح نصب تذكاري في مدينة نتانيا تكريماً للجيش الأحمر بمشاركة بوتين. وفي هذا الإطار، لا يمكن لإسرائيل، بطبيعة الحال، الاعتراض على مشاركة روسيا في المشروع المهم في معسكر سوبيبور النازي السابق، على حدّ تعبيره.
وحافظت معظم المنشورات الروسية التي تناولت اجتماع بوتين- نتنياهو على نبرة محايدة، لكن العديد منها وصف نتنياهو بأنه شديد الانفعال وسلّطت الضوء على أن هناك القليل الذي يمكن لبوتين القيام به للرد على مخاوفه. و أشارت صحيفة “كومرسانت” اليومية المتخصصة في قطاع الأعمال إلى أن بوتين لا يسعه سوى تقديم “مساعدة نفسية” – ألا وهي الإصغاء بإمعان إلى زميله. وفي هذا الصدد، كتب موقع “برافدا” الروسي Pravda.ru (المنفصل عن صحيفة “برافدا” التابعة للحزب الشيوعي) بتهكم، “في حين كان نتنياهو، والقلق يعتريه، يصف لبوتين بشكل محموم السيناريو المشؤوم [حول دور إيران في الشرق الأوسط]، كان الرئيس الروسي يتنهد مبدياً تعاطفه وكأنه يقول [للأسف، لا يمكننا مساعدتكم]”.
ومن غير المؤكد ما إذا كان بوتين أو نتنياهو قد قالا أي جديد لا يعرفه الآخر أساساً، ولكن كان من المهم بالنسبة لنتنياهو أن يبلّغ بوتين شخصياً بأن إسرائيل لن تتردد في الدفاع عن نفسها. ونظراً إلى كافة مساعي بوتين لتحسين العلاقات مع إسرائيل، تُعتبر حادثة سوبيبور المثال الأحدث على واقع أنه يرى حلفاءه كأدوات خاضعة، وليس كشركاء متساوين، كما أن الحادثة تسلّط الضوء على حدود التعاون بين روسيا وإسرائيل.
ولطالما كانت مقاربة بوتين تجاه إسرائيل براغماتية. فسعيه إلى تحسين العلاقات مع الدولة اليهودية لم يثنه من السعي لتوثيق العلاقات مع إيران في الوقت نفسه، من خلال رفضه تصنيف «حزب الله» وحركة «حماس» منظمتين إرهابيتين ودعوة «فتح» و«حماس» إلى موسكو وغض الطرف عندما وقعت أسلحة روسية في أيدي «حزب الله». ولا تسعى روسيا ولا إسرائيل إلى التسبب باندلاع أزمة ثنائية. بيد أن عدم تقديم بوتين أي ردّ علني إلى نتنياهو يشير إلى أنه من غير المحتمل أن يولي الاهتمام إلى مخاوف إسرائيل الذي كان يأمل به الزعيم الإسرائيلي.
معهد واشنطن