يقود الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان حملة واسعة من أجل محاولة إعادة ثقة الشباب التركي في الحزب الحاكم في ظل تأكيد استطلاعات الرأي عزوف شريحة واسعة من الشباب عن دعم الحزب الذي يسعى لحسم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المصيرية المقررة عام 2019.
وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية اكتسح جميع الانتخابات منذ عام 2002، إلا أنه بات يشعر بأن حسم الانتخابات المقبلة لم يعد أمراً سهلاً في ظل محاولات المعارضة إعادة ترتيب صفوفها وإجماع عدد كبير من استطلاعات الرأي على تراجع شعبية الحزب في الشارع التركي وذلك عقب تمكنه بصعوبة بالغة من حسم الاستفتاء الأخير الذي جرى أبريل المقبل حول التعديلات الدستورية ونجح فيه الحزب بأغلبية لم تتجاوز الـ1٪.
لكن استطلاعات الحزب الداخلية التي تجري في الأونة الأخيرة بوتيرة متسارعة وبشكل متخصص أكثر ولا تعلن نتائجها إلى العلن، تشير حسب تسريبات إعلامية إلى عزوف شريحة واسعة من الشباب عن التصويت للحزب وأن هذه الشريحة توسعت في الفترة الأخيرة، مقابل زيادة دعم الشباب للمعارضة لا سيما حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي.
وتقليدياً، تلقى حزب العدالة والتنمية دعماً أكبر من شريحة المحافظين والسيدات وكبار السن الذين عاصروا حقب أقدم في السياسية التركية ويعتبرون أن حزب العدالة والتنمية وعلى الرغم من الكثير من الملاحظات التي يحملونها عليه إلا أنه يبقى أفضل من جميع الأحزاب التركية التي فازت في الانتخابات على مر العقود الأخيرة، في حين أن الشباب الذين لم يعارضوا الحقب السابقة يطمحون لأداء أفضل من قبل الحزب أو تجريب غيره في الانتخابات المقبلة.
ومنذ الاستفتاء الأخير، اعتبر كبار قادة الحزب وعلى رأسهم أردوغان بأن خسارة المحافظات الكبرى وعلى رأسها إسطنبول أمر يدعوا للمراجعة الداخلية والمحاسبة، وأعلن فور عودته لقيادة الحزب بموجب التغيير الدستوري بدأ حملة واسعة من أجل التغيير والإصلاح في قواعد الحزب الداخلية معلناً أن تعزيز العنصر الشبابي في قيادة الحزب أهم عناصر حملة التغيير الجارية حالياً.
وإلى جانب التغيير الذي قام به في اللجنة المركزية للحزب أعلى هيئة قياديه فيه، بدأ الحزب بعقد مؤتمرات عامة في جميع المحافظات وإعادة ترتيب صفوف الحزب وذلك من خلال إقحام الشباب في مناصب قيادة الحزب في المحافظات والمناطق وتعزيز دور الأذرع الشبابية والنسائية، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز ثقة الشباب بالحزب الحاكم.
وسبق ذلك أن ركز أردوغان على إحدى مواد التعديل الدستوري التي تنص على خفض سن الترشح للانتخابات البرلمانية إلى 18 عاماً، مشدداً على أن حزبه يؤمن بدور الشباب وطاقاتهم وأنه سوف يرشح عدداً من الشباب في هذا العمر في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
والشهر الماضي، خاطب كبار قادة الحزب بالقول إن من تعب من خدمة الشعب وتقوية أطر الحزب عليه بالتنحي جانباً وإفساح الطريق إلى غيره، وقبل أيام قالت صحف تركية مقربة من الحزب إن أردوغان شدد في اجتماع مغلق مع قيادات الحزب على ضرورة سرعة ضخ الروح الشبابية في أطر وقيادة الحزب في أسرع وقت وإلا فإنه سوف يتخذ بنفسه قرارات بحق المقصرين.
وفي الاستفتاء الأخير، حصل خيار الحزب بالتصويت بـ«نعم» على أقل من 50٪ من أصوات الناخبين، وهو ما اعتبر أخطر مؤشر في المدينة التي تحتوي على أكبر كتلة انتخابية في البلاد ويعيش فيها أكثر من 15 مليون نسمة، ويقول أردوغان: «إسطنبول تركيا وتركيا إسطنبول، من ينجح في إسطنبول ينجح في تركيا، ومن يخسر في إسطنبول يخسر تركيا».
وهو يسعى لخلق توليفه معينة تتيح له ضخ عدد كبير من الشباب في قيادة الحزب مع الحفاظ على القيادات التاريخية والخبرات الكبيرة التي تدير الحزب وتمتلك خبرة أوسع من الشباب في تاريخ السياسة التركية والتعامل مع الأزمات المتلاحقة التي تمر بها البلاد.
وعادة ما يبني الحزب الحاكم دعايته الانتخابية على التطوير الكبير الذي قام به في عمل البلديات وشبكات المواصلات العامة والبنى التحتية من جسور وأنفاق ومطارات ومستشفيات يقول إنها تضاهي ما بني في عشرات السنين الماضية، لكن الشباب في المقابل يطالبون بمزيد من الديمقراطية والتطوير الاقتصادي في ظل نسب البطالة التي ارتفعت في السنوات الأخيرة.
إسماعيل جمال
صحيفة القدس العربي