أنقرة – يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تبني خطة إعادة هيكلة داخل حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه، لكن هذه الخطة، التي ستعزز كثيرا من قبضة الرئيس على الحزب، قد تأتي بنتائج عكسية.
ويعتقد أردوغان أن الهيئات السياسية في العدالة والتنمية لم تعد قادرة على ضمان ولاء الناخبين التقليديين له من خارج الدائرة الأيديولوجية الإسلامية. وأكد تراجع نسب إقرار تعديلات دستورية تمنح أردوغان سلطة مطلقة، رؤيته بأن الماكنة الانتخابية للحزب باتت معطلة.
لكن مساعي أردوغان للمضي قدما في حملة “تطهير” واسعة أثارت غضب قيادات في العدالة والتنمية، لم تتعاف بعد من صدمات متلاحقة أطاح فيها أردوغان بالرئيس السابق عبدالله غول، ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وقيادات أخرى تحظى بشعبية واسعة بين قواعد الحزب.
ويقول أردوغان “ظروف الصراع تغيرت كثيرا، وعلينا أيضا أن نتغير، وهذه المرة التغيير يجب أن يكون جذريا”.
ووصلت التعديلات المقترحة بالفعل إلى قادة أفرع الحزب في المحافظات، ومن المتوقع أن تصل إلى رؤساء بلديات المدن، وقيادات في الحزب تدور حولها شبهات بالفساد، وشخصيات أخرى ينظر لها باعتبارها لا تدين بالولاء الكافي لشخص أردوغان.
لكن هذا “التطهير” الواسع سيستخدم في هدوء أيضا في التخلص من المتعاطفين مع رجل الدين وزعيم حركة “خدمة” فتح الله غولن، الذي يتهمه أردوغان بالوقوف وراء محاولة انقلاب عسكري فاشلة على حكمه جرت في يوليو 2016.
وفي ذكرى الاحتفال بمرور 16 عاما على تأسيس حزب العدالة والتنمية، يطلق الرئيس التركي على الأعضاء المرشحين للاستبعاد “المتعبين”.
ويقول مسؤول تركي، لم يذكر اسمه لصحيفة “فايننشيال تايمز″ البريطانية، “هل يطرح الرئيس، وهو في طريقه إلى النوم، على نفسه سؤال ما إذا كان هو نفسه قد صار متعبا أيضا؟ لكن هذا السؤال ليس مسموحا لنا أن نطرحه”.
ورغم التحدي الذي يتصاعد كل يوم من داخل صفوف العدالة والتنمية، تظل شعبية أردوغان بين أنصار الحزب كبيرة.
ويقول إمري كاليسكان، المؤلف المشارك في كتاب “تركيا الجديدة وسلبياتها”، إن “أعضاء الحزب ليسوا سعداء كثيرا بتدخلات أردوغان وطريقة قيادته”.
وأضاف “لكن شعبيته المستمرة تعني أنه لا توجد مساحة كافية بعد لتوجيه الانتقادات له”.
وبين ثنايا النقاش حول تجديد الحزب، تظل مشكلات الرئيس التركي خارجية، وليست داخلية، إذ ما زالت أمامه مهمة شاقة تتمثل في الحفاظ على مستوى مقبول في معدلات النمو الاقتصادي، وتقليل انعكاسات الحرب الدائرة في سوريا، إلى جانب إدارة علاقات متوترة للغاية مع أوروبا والولايات المتحدة.
ودفع ذلك بعض الوزراء والمستشارين والمساعدين لأردوغان إلى طرح ضرورة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة. ورغم رفضه علنا لعقد الانتخابات، يتوقع محللون أن يلجأ أردوغان إلى إجراء انتخابات مبكرة العام المقبل، إذا لم يعد وضع الاقتصاد مستقرا.
ويقول عبدالقادر سيلفي، وهو صحافي مقرب من أردوغان، إن “بدء النظام الرئاسي، الذي لطالما كان مشروع العمر بالنسبة لأردوغان، سيدخل حيز التنفيذ عام 2019. من سيخسر الانتخابات وقتها، سيخسر كل شيء، والرابح سيربح كل شيء”.
ونتائج الاستفتاء، الذي أجري في أبريل الماضي وأقر نظام الحكم الرئاسي، أشعرت أردوغان بالقلق من الانتخابات المقبلة، إذ وافق 51.4 بالمئة فقط من المصوّتين على النظام الجديد.
وهز التراجع الحاد في علاقة الحزب بناخبيه أردوغان، الذي يطمح للحصول على أصوات فوق الخمسين بالمئة في الانتخابات المقبلة، حتى يكون قادرا على البدء في تنفيذ رؤيته، التي قد تبقيه في السلطة حتى عام 2029.
ويقول أردوغان “في نوفمبر 2002، جئنا إلى السلطة بتصويت 34 في المئة من الناخبين، لكن الأمور الآن أكثر صعوبة”.
العرب اللندنية