إمبراطورية “داعش”: من أفغانستان إلى “بوكو حرام” في نيجيريا

إمبراطورية “داعش”: من أفغانستان إلى “بوكو حرام” في نيجيريا

ISIS_Internet_960x480

هل تتحول “داعش” إلى إمبراطورية من أفغانستان إلى نيجيريا، مرورًا بدولة الخلافة في الشام والعراق، وإمارة ولاية سيناء في مصر، ومناطق نفوذها في “سرت” والهلال النفطي في ليبيا، ومواقع تواجدها في بلاد المغرب العربي، وصولًا إلى “بوكو حرام” في نيجيريا وعلى حدود مالي رغم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والمكون من 60 دولة معلنًا الحرب ضد “الدولة الإسلامية”؟

الواقع يقول إن “الدولة الإسلامية” تتمدد جغرافيًا بشكل أكثر اتساعًا، رغم تراجعها في العراق وفقدان نفوذها في بعض المواقع وانسحابها تحت وابل الضربات الجوية والهجوم البري من الجيش العراقي وميليشيا الحشد الشيعي، وتخليها عن “عين العرب- كومباني” على الحدود السورية التركية، وهزيمة التنظيم على يد الأكراد والبيشمركة، إلا أنها كسبت أرضًا جديدة في مناطق أخرى في ليبيا ونيجيريا ومالي، بإعلان جماعة “بوكو حرام” البيعة للتنظيم وقبول “الخليفة” البيعة، واعتراف أفغانستان ولأول مرة بوجود “تنظيم الدولة”على أراضيها، رغم وجود جماعة طالبان وتنظيم القاعدة، وقد تعلن “طالبان” باكستان وجود “داعش” في مناطق نفوذها بعد إعلان عناصر منها بيعة “البغدادي”، الأمر الذي يعني أن “داعش” تفتح مناطق نفوذ جديدة في حالة خسارتها لنفوذها في العراق والشام، إذا نجحت ضربات تحالف الـ 60 دولة.

المال والسلاح والإعلام

وكما يقول عبد الباري عطوان في كتابه “الدولة الإسلامية: الجذور، التوحش، المستقبل” بأن “الدولة الإسلامية” أصبحت واقعًا اليوم، لها جيش من المقاتلين وجيوش من المؤيدين والمتعاطفين والمال والسلاح والإعلام، كلها أدوات في متناول يدها، ولن نستغرب لو صارت لها أذرعة دبلوماسية نشطة، كما هو حضورها الإعلامي والتقني البارع، ولها هيكلية الدولة. واعتبرها “عطوان” أكبر حدث يشهده الشرق الإسلامي منذ اتفاقية سايكس بيكو، وأن “أهمية تنظيم الدولة تتجاوز الربيع العربي”، وأنها “مستوفية لشروط الدولة المتعارف عليها دوليًا، ومساحتها أكبر من مساحة بريطانيا التي حكمت العالم دهرًا”، وأن لها مصادر التمويل؛ حيث استولت على عدد من حقول النفط ومصافيه في سوريا والعراق، واستحوذت على مبالغ طائلة من موجودات المصارف التي سيطرت عليها، واستفادت من بيع المقتنيات الأثرية ومن مبالغ الفدية التي دفعتها دول كفرنسا، على حد قول عبد الباري عطوان في مؤلفه.

أفغانستان تعترف للمرة الأولى

وإذا كانت الحكومة العراقية وميليشيا الحشد الشعبي، بغطاء مقاتلات التحالف الدولي، استطاعا التقدم تجاه تكريت وتحرير قرى من سيطرة “تنظيم الدولة”، فإن هناك تمددًا جديدًا لـ “داعش” من خارج أرض “دولة الخلافة” التي أعلنتها؛ فقد أقرت أفغانستان للمرة الأولى، وبشكل رسمي، وجود تنظيم “الدولة الإسلامية” على أراضيها، وقال المتحدث باسم الرئيس الأفغاني “أشرف غاني”: “لا شك أن تنظيم الدولة الإسلامية موجود هناك”.

وأضاف المتحدث باسم الرئيس الأفغاني أن الأمر كان مصدر قلق وأن الحكومة مستعدة لقتال التنظيم. وأفادت تقارير بمقتل قياديين مرتبطين بتنظيم “الدولة الإسلامية”: الأول في قصف طائرة بلا طيار، وخليفته على يد القوات الأفغانية. وقال مسؤول البعثة الأممية في أفغانستان “نيكولاس هيسوم”: إن تنظيم الدولة الإسلامية لم يرسخ وجوده في البلاد، ولكن البعثة الأممية قلقة من احتمال أن يمنح فرصة لمتشددين معزولين بالانضمام إليه”. وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة “فلاديمير سافرونكوف”: إن موسكو قلقة بشأن تصاعد التهديد “الإرهابي” في أفغانستان وتوسع التنظيم جغرافيًا.

التهديد الأول

يرى سفير أفغانستان لدى الأمم المتحدة “زاهر تنين” أن التهديد الأول في بلاده يأتي من تنظيم طالبان، رغم موافقته على التقارير بشأن دخول تنظيم “الدولة الإسلامية” الأراضي الأفغانية. وأفادت وزارة الدفاع الأفغانية، في بيان لها، أن العملية العسكرية في منطقة “مولازوي”، بمدينة “سانغين”، أسفرت عن مقتل مسؤول التنظيم في هلمند “حافظ وحيدي” و9 من عناصر التنظيم، فضلًا عن إصابة 9 آخرين، كما أشارت الوزارة أن قوات الجيش صادرت كميات من الأسلحة والذخيرة كانت بحوزة المسلحين.

وبدأ تنظيم داعش يتنامى خلال الأشهر الأخيرة في مناطق مختلفة من أفغانستان؛ إذ يسود اعتقاد حول انضمام عدد من مقاتلي حركة طالبان له، ويشار إلى مخاوف من أن يشكل ظهور تنظيم داعش في أفغانستان -التي تشهد صراعًا داخليًا منذ سنوات- ضربة لكل الجهود المبذولة من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد.

جماعة “بوكو حرام”

ومن أفغانستان في آسيا الوسطى، إلى أقصى غرب القارة الإفريقية، أعلنت جماعة “بوكو حرام” في نيجيريا وعلى حدود مالي مبايعة “أبو بكر البغدادي” زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (أعلنت خلافة)، وقال المتحدث باسم التنظيم “أبو محمد العدناني الشامي” إن أبا بكر البغدادي قبل بيعة جماعة “بوكو حرام” النيجيرية.

وقال “الشامي” في كلمة صوتية نشرت على صفحات منسوبة للتنظيم بمواقع التواصل الاجتماعي: “إن الخلافة تتمدد”، متابعًا: “أبشركم بامتداد الخلافة إلى غرب إفريقيا؛ فقد قبل الخليفة (أبو بكر البغدادي) بيعة إخواننا في جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد (بوكو حرام)، فنبارك للمسلمين وإخواننا المجاهدين في غرب إفريقيا ببيعتهم”.

هاجروا إلى دار الجهاد

“الشامي” تابع في كلمته التي حملت اسم “فيقتلون ويقتلون”: “هذا باب جديد فتحه الله عز وجل لتهاجروا إلى دار الجهاد، فمن حبسه الطواغيت للهجرة إلى العراق أو الشام أو اليمن أو الجزيرة العربية، أو خرسان (إيران)، فلن تعجزه إفريقيا؛ فهلموا إلى دولتكم فإنا نستنفركم للجهاد، ونحرضكم للهجرة إلى إخوانكم في غرب إفريقيا”. ووجه العدناني كلمة لليهود ومن وصفهم بـ”الصليبيين” قائلًا: “لقد باغتناكم وفاجأناكم، هذه دولة الإسلام قامت، وتمددت رغم أنكم استهزأتم عند إعلان دولة الخلافة”.

وأضاف قائلًا: “لأن الإسلام دين الرحمة؛ فاسمعوا نصيحتنا واقبلوا دعوتنا، وإلا سيقودكم كبركم إلى الندم. فإن أردتم أن تصان دماؤكم وتعيشوا في مأمن من سيوفنا؛ فليس أمامكم إلا خياران اثنان: إما أن تسلموا وجهكم لله وإما أن تدفعوا الجزية، بعد أن تخرجوا من جزيرة محمد وتخرج جيوشكم من القدس”.

“دولة خلافة إسلامية”

وكانت جماعة “بوكو حرام” أعلنت في السابع من شهر مارس الجاري مبايعة زعيم تنظيم “داعش”، الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق منذ يونيو/ حزيران الماضي، وأعلن عن هذه المناطق ما أسماها “دولة خلافة إسلامية”. وقال “أبو بكر شيكاو”، زعيم جماعة أهل السنة والدعوة للجهاد “بوكو حرام”، في فيديو: “نعلن مبايعتنا للخليفة، وسنسمع له ونطيعه في أوقات العسر واليسر”، حسب موقع “سايت” المتخصص في رصد مواقع الجماعات الجهادية والمنظمات العنصرية على الإنترنت في أنحاء العالم .

الأنظمة العربية تدفع الشباب

وخلال الأشهر الأخيرة، سيطرت جماعة “بوكو حرام” على العديد من البلدات والقرى في ولايات “بورنو” و”يوبي” و”أداماوا”، الواقعة في شمال شرق البلاد، معلنة إياها جزءًا من دولة “الخلافة الإسلامية” التي أعلنتها بشكل أحادي، قبل أن تعلن الحكومة النيجيرية تمكنها من استعادة الكثير من البلدات في هذه الولايات الثلاث.

واعتبر المفكر المصري “فهمي هويدي” أن الأنظمة العربية تدفع الشباب دفعًا نحو الانضمام لتنظيم “داعش”، ورأى أنه إذا أرادت هذه الأنظمة صرف الشباب عن هذا التنظيم الإرهابي؛ “يجب أن نقدم لهم أملًا” لأنه “لا يمكن أن نضيق الخناق على الناس ثم نطالبهم بحمل أغصان الزيتون”.

عبداللطيف التركي- التقرير