موسكو – تعوّل روسيا على العمليات الجارية للسيطرة على دير الزور وطرد تنظيم داعش منها ضمن الأجندة التي تشرف عليها لإيجاد تسوية للصراع في سوريا.
وأعلنت روسيا، الجمعة، أنها قتلت عددا من كبار القياديين في تنظيم داعش في غارة في سوريا بينهم “أمير” دير الزور و”وزير حرب” التنظيم اللذين كانت الولايات المتحدة حددت مكافأة للقبض عليهما.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه “نتيجة ضربة دقيقة نفذها سلاح الجو الروسي في محيط مدينة دير الزور على مركز قيادة ومركز اتصالات، قتل نحو أربعين مقاتلا من تنظيم الدولة الإسلامية”.
وأضافت “بحسب معلومات مؤكدة، بين القتلى أربعة قياديين ميدانيين مؤثرين أحدهم أمير دير الزور أبومحمد الشمالي”.
وتؤكد مصادر روسية مراقبة أن العمليات العسكرية التي يقوم بها برا الجيش السوري وجوا سلاح الجو الروسي، تجري بالتنسيق العسكري الكامل مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وتضيف المصادر أن موافقة واشنطن على قيام القوات التابعة لدمشق بهذه العمليات تعكس تفاهمات ترسم الخرائط بعناية بين روسيا والولايات المتحدة في الداخل السوري من جهة، كما بين قوات سوريا الديمقراطية ذات الطابع الكردي “قسد” والتي تدعمها واشنطن والقوات الحكومية التي تدعمها روسيا وميليشيات شيعية تابعة لإيران.
وتردد المصادر الروسية الرسمية أن سقوط دير الزور بات قريبا جدا، وهو ما سبق أن أعلنه محافظ المدينة محمد إبراهيم سامرا.
ويسيطر التنظيم الجهادي منذ صيف 2014 على أجزاء واسعة من المحافظة وعلى ستين بالمئة من مدينة دير الزور، فيما يسيطر الجيش على بقية الأحياء الموجودة في غرب المدينة وعلى المطار العسكري.
ويشير المراقبون إلى أهمية معركة دير الزور، فهي منطقة غنية بالنفط وكانت المورد التمويلي الأول للتنظيم، ويوجد بها مطار عسكري كبير، إضافة إلى كونها تمثل امتدادا للمناطق التي تسيطر عليها “قسد” في الرقة.
ويلفت المحللون إلى أن قيام التحالف الغربي في 26 أغسطس بإنزال عسكري في الجزء الغربي من المحافظة لإجلاء المدنيين وجمع المعلومات، حسب بيان التحالف، يعبر عن إصرار أميركي على التواجد في دير الزور بعد تحريرها، وأن واشنطن لن تسمح بأن تصبح المنطقة بيد تحالف موسكو وإيران، وأن تفاهما أو تقاسما يجري حول هذه المنطقة.
وكانت موسكو عبّرت عن امتعاضها من الإنزال الأميركي في هذه المنطقة، وقالت إن هذا الإنزال كان هدفه إجلاء بعض قيادات داعش.
وقال السيناتور الروسي فرانس كلينتسيفيتش، إنه “مهما حاول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يدّعي محاربة تنظيم داعش والإرهاب في المنطقة تبرير تصرفه الأخير حول إجلاء الإرهابيين من دير الزور، فهذا دليل آخر على أن الولايات المتحدة لا تحارب الإرهاب بصورة جدّية بل تنفذ أهدافها وأجندتها ليس إلا”.
وأضاف كلينتسيفيتش “شاهدوا ممارسات أميركا في أفغانستان وغيرها من الدول التي دخلتها تحت شعار محاربة الإرهاب، لقد كانت دائما تقف إلى صف المجاهدين في أفغانستان والإرهابيين في دول أخرى واليوم في سوريا”.
ونفى المقدم أدريان رانكين غالواي، أحد المتحدثين باسم وزارة الدفاع الأميركية، صحة الادعاءات بشأن إخلاء عناصر من داعش الإرهابي من مدينة دير الزور. وقال غالواي إن “هذه الادعاءات التي أوردتها وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية لا تعكس الحقيقة وأنها خاطئة جملةً وتفصيلا”.
وتؤكد مصادر روسية أن السيطرة على دير الزور من قبل القوات السورية التابعة لدمشق ستوسع مساحة ما يطلق عليه اسم “سوريا المفيدة” التي يسيطر عليها النظام السوري.
ومع ذلك فإن مصادر في الأمم المتحدة تعتبر أن هذه العمليات العسكرية لا يمكنها أن تحمل نصرا نهائيا للرئيس بشار الأسد. وتضيف المصادر أن تنامي مناطق خفض التوتر وفق الاتفاقات الروسية الأميركية أو تلك التي تخرج عن اجتماعات أستانة سيحوّل مناطق النظام إلى منطقة خفض توتر إضافية.
وتم تحديد يومي 14 و15 من الشهر الجاري موعدا لانعقاد اجتماع جديد في العاصمة الكازاخية، والذي يتوقع أن يميط اللثام عن مناطق جديدة لخفض التصعيد من بينها المنطقة الموجودة جنوب شرق سوريا الحدودية مع الأردن.
ويبدأ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف السبت جولة في المنطقة تقوده إلى الأردن ثم المملكة العربية السعودية.
وتشكل الأردن والسعودية طرفين إقليميين رئيسيين في الملف السوري، وهناك أرضية مشتركة ترسم اليوم بينهما وروسيا لإنهاء الملف.
ويتوقع أن يضع لافروف خلال زيارته إلى عمان اللمسات الأخيرة على منطقة خفض التصعيد الجاري الحديث عنها بجوار المملكة، فيما سيكون تركيزه خلال زيارته إلى الرياض على مسألة ضرورة إقناع المعارضة السياسية السورية بتخفيف سقف مطالبها وتوحيد صفوفها تمهيدا لمؤتمر جنيف المرتقب في أكتوبر والذي يتوقع أن يطلق صافرة البداية لحل سياسي جدي في سوريا.
وكان الرئيس الروسي قد أوضح قبل أيام قائلا “فور انتهاء المعارك في دير الزور، ستحصل القوات الحكومية على تفوق لا جدال فيه”، مضيفا أنه “يجب القيام بالخطوة التالية باتجاه تثبيت نظام وقف النار وتعزيز مناطق تخفيف التوتر وإطلاق العملية السياسية”.
العرب اللندنية