ماحدث أمس من تفجير لمساجد في صنعاء استهداف مباشر للحوثيين بعد أن وصل الحوثيون بالحل والوفاق السياسي إلى طريق مسدود بفعل التأزيم ومحاولة إرباك المشهد وتوسيع التسلط وفرض القوة.
عشرات القتلى لقوا مصرعهم من الحوثيين في صنعاء بينهم مفتي الحوثيين مرتضى المحطوري الذي لا تخفى مواقفه في إعلان الجهاد والقتل المباشر ضد القوات المسلحة وكذلك فتاويه في قتل المخالفين للجماعة.
بتفجيرات صنعاء تسعى مخابرات طهران لإيجاد تعاطف شعبي للحوثيين بعد سقوطهم أخلاقياً وسياسياً ومحاولة وأد الحل والوفاق السياسي والتأكيد على فرض القوة، بعد سيطرة ميليشيا الحوثيين على العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر الماضي إتضح ما كان خافياً من علاقة الحوثيين بإيران بل وتبلورت تلك العلاقه إلى واقع يراه الجميع من خلال التحركات التي يسير فيها الحوثيون نحو إيران لاسيما توقيع الإتفاقيات وإبرام الصفقات والعمل على تزايد الدعم الذي تدفعه إيران للحوثيين عقب الإنقلاب الحوثي المسلح.
يقول حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني في أحد خطاباته :إن ما تقوم به إيران في منطقتنا إنما تؤدي به واجبها الإلهي، وهي منسجمة مع عقيدتها ودينها.
من الناحية العقائدية الشيعية والقومية الفارسية يُعد المسلمون السنة والعرب العدو الأول والحقيقي في نظر إيران، وليس إسرائيل والدول الغربية التي قد تقع بينها وبين إيران خلافات وربما صراعات تقتضيها ظروف التنافس والتسابق على تحقيق المصالح، حسبما هو معروف في واقع العلاقات بين الدول؛ ولهذا ليس غريباً أن يظهر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في آب/أغسطس 2006م ليعلن أن بلاده لا تشكل خطراً على إسرائيل. وتكرر المشهد في تموز/يوليو 2008م بإعلان نائب الرئيس الإيراني وصهره أسفنديار رحيم مشائي أن ايران هي صديقة الشعب الإسرائيلي وقال بحسب ما نقلت عنه صحيفة (اعتماد) ووكالة أنباء (فارس) المعروفة بقربها من التيار الإيراني المتشدد إن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي وقال: إننا نعتبر الشعب الأمريكي بمثابة أحد أفضل شعوب العالم.
وكان قائد الحرس الثوري الإيراني قد أعلن يوم 29 آب/أغسطس 2009م أن قوات الحرس الثوري ستكثف وجودها في خليج عدن وقال: إن زيادة الوجود الإيراني في خليج عدن هو «لأغراض دفاعية»، مؤكداً أن صواريخ إيران دقيقة جداً، وتصيب أهدافها في أي مكان دون أن يعطي تفاصيل إضافية.
يمتـلك الحـوثيون قناة فضائية باسم (المسيرة)، وبـدأ بثها رسمياً من بيروت في كانون الثاني/يناير 2012م. ويأتي إنشاء القناة بحسـب ما تداولته وسائل الإعلام بعد قيام إيران باستقطاب كوادر إعلامية بارزة لمساندة مشروعها في اليمن من مختلف المحافظات إضافة إلى تدريب كوادر حوثية إعلامياً من خلال دورات تدريبية أجريت لهم في القاهرة وبيروت وطهران وبإشراف كادر لبناني من مؤسسة (المنار) اللبنانية التابعة لـ «حزب الله» ويظهر من سياسة القناة موافقتها على السياسات الإيرانية في المنطقة، سواء على الصعيد العالمي أو العربي أو المحلي ومساندة النظام الإيراني والسوري وحزب الله والقوى الشيعية في المنطقة.
في السابق قبل ان يتحالف صالح معهم للقضاء على خصومه حاول الحوثيون إقامة منطقة نفوذ مستقلة في الشمال تضم محافظتي صعدة والجوف وأجزاءً من محافظتي عمران وحجة وغيرها سيكون من الضروري إيجاد منفذ بحري لهم للاستقلال كلياً عن الدولة المركزية في إدارة شؤونهم الاقتصادية ويمثل ميناء (مِيدي) الساحلي الذي يتبع إدارياً محافظة حَجّة على ساحل البحر الأحمر والقريب من المياه السعودية – الخيار الأفضل؛ فهو أقرب المنافذ المائية إلى المنطقة الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون ومحاذٍ لها.
لذلك أهم ما تطمع فيه إيران هو الوصول إلى مضيق (باب المندب) الذي يعتبر من أهم الممرات المائية في العالم، وهو ما يمثل تحكماً وتهديداً في الوقت ذاته لطرق الملاحة والإمداد العالمية.
يظهر مما سبق أن السياسة الإيرانية لا تختلف كثيراً عن سياسات الدول الاستعمارية، حيث تتدثر بالشعارات البرّاقة لتعيث في الأرض الفساد، ولسان حالها يقول: «إنما نحن مصلحون»، بينما الواقع يقول: «إنهم هم المفسدون». فقد دمر الاتحاد السوفييتي جزءاً واسعاً من العالم تحت شعار مقاومة «الرجعـية والإمبـريالية» والغـرب جاء بشعار «الحرية، والديمقراطية، وحرية الإنسان» كغطاء لنشر الدمار والخراب في الأرض.. وها هي إيران تسير على الدرب نفسه رافعةً بإحدى يديها شعارات «الممانعة» و«الموت لإسرائيل وأمريكا»، بينما اليد الأخرى تبطش بالمسلمين سفكاً وتنكيلاً، وما أحداث سوريا واليمن عن واقع هذا الحال ببعيدة
إن تـعزيز رفـض الدور المتنـامي في اليمن لا يمكن ان يكـون سوى بالتلاحم والوحدة بين كافة الشرائح والمكـونات السياسية وكـذلك الأحـزاب في سـبيل الوقوف إزاء هذا التدخل ولكي لا يكون اليمن مسرحاً لعمليات الحرس الثوري الإيراني كما هو الحال اليوم في العراق.
وسيكمن ذلك المنع من خلال نسيان الماضي وكل ما يحمله بين الأطراف من احداث والعمل بروح الفريق الواحد لتدارك المستقبل وعدم الركون جانباً للأمم المتحدة أو قوى النفوذ العالمية التي تقف اليوم عاجزة عن تقديم اليسير للسوريين او اشقائهم العراقيين إن ما يمكن عمله هو الإعتماد على اليمنيين أنفسهم في حماية حدودهم والذود عن أعراضهم قبل أن يستبيحها الغرباء وفي العراق وسوريا عبرة للمعتبرين .
عمر أحمدعبدالله- كاتب يمني
القدس العربي