اشتداد صراع المصالح بين واشنطن وروسيا في دير الزور الغنية بالنفط بعد تمدد سيطرة النظام السوري في المدينة

اشتداد صراع المصالح بين واشنطن وروسيا في دير الزور الغنية بالنفط بعد تمدد سيطرة النظام السوري في المدينة

يستبعد المراقبون للوضع السوري نشوب مواجهات حقيقية بين القوى الدولية الكبرى التي ظهرت خلافاتها إلى السطح في محافظة دير الزور شرق سوريا، خاصة بعد ان عبرت قوات النظام السوري وقوات روسيا الخاصة بتغطية الطيران الحربي الروسي، نهر الفرات شرقاً باتجاه الضفة الاخرى من المدينة، التي تعتبرها أمريكا حصن قواتها المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، حيث تغالظت لهجات الخطاب الموجهة من موسكو إلى واشنطن بسبب قصف الأخيرة لمواقع القوات الروسية، خوفاً على المصالح والاجندات.
وفي حين تستمر فيه روسيا بتعبيد الطريق امام قوات النظام للسيطرة على مدينة دير الزور، تمكنت قوات برية مشتركة «روسية – سورية – إيرانية» من قطع نهر الفرات من قرية الجفرة باتجاه «حويجة صكر» وقريتي «خشام والطابية» التي يوجد فيها معمل «كونيكو» للغاز وهو أكبر معمل للغاز في الشرق الأوسط، إضافة إلى تمكنها من قطع الطريق على ذراع أمريكا في المنطقة المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية.
في هذه الأثناء وسّعت قوات النظام المساحة التي تسيطر عليها في مدينة دير الزور، ووصلت إلى أكثر من 80 ٪ من المساحة الكلية للمدينة، وباتت المسافة الفاصلة بين قوات روسيا ومن معها من قوات سوريّة وايرانية وبين ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية تقدر بأقل من ثلاثة كيلومترات.

مواجهات عنيفة

وقال مصدرمطلع من أبناء محافظة دير الزور لـ»القدس العربي» ان مواجهات عنيفة تجري بين قوات النظام والميليشيات الإيرانية والقوات الروسية الخاصة من جهة وتنظيم الدولة «داعش» من جهة ثانية في قرية مظلوم فيما سيطرت ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية على حقل ديرو النفطي في الريف الغربي لديرالزور وسط تضييق الخناق على التنظيم في هذا الجزء من الريف.
ابراهيم الحبش مدير شبكة الخابور الإعلامية قال لـ «القدس العربي» ان ميليشيات «قسد» المعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة امريكيا تمكنت من السيطرة على قريتي كشة وعظمان بريف ديرالزور الشمالي في ظل اقتراب الأخيرة من حقل كونكو الذي تشن قوات النظام والقوات الروسية هجوماً من جهة قرية مراط، بهدف انتزاع السيطرة عليه.
وفي منطقة الريف الغربي لدير الزور التي تعرف باسم «شامية» سيطرت قوات النظام بدعم من الميليشيات الإيرانية الشيعية على قرية الشميطية والخريطة وسط تناقل اخبار عن فرار عناصر تنظيم الدولة من المنطقة امام تقدم القوات المهاجمة.
وتفرض قوات النظام السوري بدعم بري من إيران وروسيا، وجوي روسي، سيطرتها على عدد من احياء مدينة دير الزور وهي حسب المصدر «جمعية الزهور، والجورة، والقصور، وجزء من حيي الرشدية والحويقة، وأجزاء من الجبيلة والموظفين، وأجزاء من حي الرصافة في القسم الجنوبي الشرقي من المدينة» في حين يبسط تنظيم الدولة سيطرته على أحياء الصناعة، والحميدية، والعمال، والمطار القديم والعرفي، وهرابش، والطحطوح.
وتحدث المحلل والخبير العسكري «محمد العطار» في تصريح خاص لـ «القدس العربي» عن مصالح الدول المتصارعة في دير الزور حيث قال ان واشنطن تسعى إلى تأسيس دويلة كردية في المنطقة الشرقية تضغط فيها على تركيا بشكل دائم، تبقى هذه الدويلة تحت ظل أمريكا لتنفذ أهدافها، وتلعب من خلالها بالمنطقة كاملة، انطلاقًا من دير الزور على الحدود «السورية العراقية التركية» والتي يتوقع ان تجعل منها واشنطن مركز قيادة كبيراً لها في المنطقة، وذلك على هامش الحصول على المكاسب الاقتصادية الجمة، والاستيلاء على آبار البترول وحقول الغاز وغير ذلك.
فيما ستحقق سيطرة روسيا على دير الزور حلمها في موطئ قدم على المياه الدافئة، فضلاً عن سعيها للحصول على الارباح الاقتصادية من دير الزور المعروفة بخزانها الغني بالنفط والغاز، واراضيها المعروفة بزراعة القمح والقطن والصالحة لهما، حيث سعت موسكو من خلال تواجدها على الاراضي السورية إلى توظيف اموالها عسكريا للحصول على مكاسب.

تهديد روسي

وكان الجنرال إيغور كوناشينكوف قد صرح امس بانه «تم إبلاغ ممثل قيادة القوات الأمريكية في قطر، بلهجة حازمة وحاسمة، بوجوب وقف جميع محاولات قصف مواقع القوات الحكومية من المناطق التي تتواجد فيها القوات الأمريكية الخاصة إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية شرق نهر الفرات».
واكد نشوب مواجهات وقصف حيث نقلت القناة المركزية لقاعدة حميميم قوله انه «تمّ مؤخراً فتح النار مرتين، وجرى قصف كثيف براجمات الصواريخ وقذائف الهاون، لمواقع القوات الحكومية قرب نهر الفرات، من منطقة تسيطر عليها القوات الأمريكية الخاصة، وقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل قوات الدفاع الذاتي الكردية عمادها».
واكد الجنرال على وجود قوات روسية برية تساند قوات النظام السوري حيث قال «كما ترافق القوات الحكومية قوات العمليات الخاصة الروسية، وتقوم بمهام قتالية في هذه المناطق المستهدفة مؤخراً بهدف القضاء على مسلحي داعش هناك» حسب المصدر.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية يوم أمس الخميس ان تحرير دير الزور بشكل كامل سيكون خلال أسبوع فقط، ونقلت وكالة «تاس» الروسية (خاصة) عن إيغور كوناشينكوف المتحدث باسم الوزارة الروسية، القول إن «قوات النظام السوري باتت تسيطر على 85 بالمائة من مدينة دير الزور، وإن التحرير الكامل للمدينة سيتم خلال أسـبوع».
وأضاف أنّ «قوات النظام السوري نفذت خلال الأيام الماضية هجمات موسعة لتدمير آخر موطئ قدم لتنظيم داعش الإرهابي قرب مدينة دير الزور».
وكانت وزارة الدفاع الروسية، قد اكدت أن القوات الحكومية في دير الزور، اجتازت بدعم من الطيران الروسي، نهر الفرات باتجاه الضفة الشرقية، لأول مرة منذ فك الحـصار عن المدينة مطلع أيلول / سبتمبر الجاري، واتى ذلـك بـعد ان اعـلنت قوات النظام السوري الدعومة دوليـاً في الخامـس من شهر أيلول / سبتمبر الحالي، من انتزاع السيطرة على مواقع هامة مكّن قواتها من فك الحصار عن الجزء الغربي من دير الـزور.

صحيفة القدس العربي