الرياض – كشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى في بيروت أن الزيارتين اللتين قام بهما النائب سامي الجميّل رئيس “حزب الكتائب” في لبنان والدكتور سمير جعجع رئيس “حزب القوات اللبنانية” للسعودية، كانتا زيارتين مهمتين لجهة حصول الزعيمين على تطمينات فحواها أن المملكة لم تتخل عن لبنان.
وقالت هذه المصادر إن الجميّل وجعجع اللذين التقيا الأمير محمّد بن سلمان وليّ العهد السعودي سمعا كلاما مطمئنا بأن السعودية “لن تترك لبنان لقمة سائغة لإيران”، وذلك بعدما بدأ “حزب الله” يتصرّف وكأنّه الآمر الناهي في البلد إثر تحقّق انتصار كبير وحاسم في سوريا لمصلحة “محور الممانعة”.
وجاءت زيارة الجميّل وجعجع للسعودية في وقت عيّنت المملكة سفيرا لها في لبنان بعد فترة طويلة من إدارة قائم بالأعمال للسفارة. ولاحظت أن السفير الجديد هو وليد اليعقوبي، أحد مساعدي ثامر السبهان وزير الدولة لشؤون الخليج الذي يهتمّ حاليا بملفات عدة بينها العراق ولبنان.
وكان الانطباع الذي ساد أوساط الدوائر السياسية اللبنانية، في مرحلة ما قبل توجّه الجميّل وجعجع إلى السعودية، أن المملكة استسلمت للأمر الواقع المتمثّل في أنّ لبنان ساقط عسكريا وسياسيا في يد حزب الله، وبالتالي إيران. وخلق هذا الانطباع حالا من الإحباط لدى رجال السياسة وقادة الأحزاب اللبنانية.
لكنّ زيارتي الجميّل وجعجع أزالتا جانبا من هذا الجو الذي ساد في لبنان والذي كان أفضل تعبير عنه اللقاء الذي عقده وزير الخارجية جبران باسيل في نيويورك مع وزير الخارجية السوري وليد المعلّم.
وعقد اللقاء بناء على طلب باسيل على هامش دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبرّر الوزير اللبناني طلبه اللقاء بأنّ الهدف منه البحث في أزمة النازحين السوريين في لبنان. لكن وزيرا لبنانيا آخر، يعتبر من بين أبرز الوزراء في الحكومة الحالية قال إن الاجتماع كان نتيجة ضغوط مارسها حزب الله كي يكرّس انضمام لبنان نهائيا إلى “محور الممانعة” الذي تتزعّمه إيران.
وذكرت المصادر نفسها أن السعودية تعدّ نفسها لمرحلة جديدة في لبنان ستبذل خلالها جهودا كبيرة من أجل إعادة نوع من التوازن السياسي إلى البلد بعدما أخذ “حزب الله”، ومن خلفه إيران، زمام المبادرة وراح يمارس ضغوطا من أجل التطبيع مع النظام السوري. وحمل ذلك رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على التأكيد الجمعة أنّه غير راض عن اللقاء الذي عقده باسيل مع المعلّم في نيويورك.
وأشارت إلى أن باسيل الذي قام الجمعة بجولة في منطقة عكّار شمال لبنان، بصفته رئيسا لـ”التيار الوطني الحرّ” تأكّد بنفسه من أن الحريري ليس في وارد التساهل معه.
وعكس هذا التحوّل في موقف الحريري من باسيل ومن التيّار الذي يمثله مقاطعة جميع النوّاب والوزراء وممثلي “تيّار المستقبل” في عكّار اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية في المنطقة. ويشير ذلك إلى أن هناك تحوّلا ما في العلاقة القائمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء الذي حرص منذ ما يزيد على سنة على مراعاة “التيّار الوطني الحر” وشخص باسيل بالذات ليس بصفة كونه رئيس هذا التيّار فحسب، بل لأنه صهر رئيس الجمهورية أيضا.
العرب اللندنية