أربيل – يواجه الزعيم العراقي الكردي مسعود البارزاني “ضغوطا هائلة”، وفقا لمصادر مطلعة، تعيق طموحه في تحويل إقليم كردستان العراق إلى دولة مستقلة.
وفضلا عن الضغوط المحلية والإقليمية والدولية يواجه البارزاني تحديا داخل عائلته، إذ تتزايد التسريبات المتعلقة بمعارضة شديدة يبديها نيجرفان البارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان، لمساعي عمه البارزاني نحو الاستقلال.
وقالت مصادر سياسية مطلعة في أربيل، عاصمة الإقليم الكردي، إن “نيجرفان، وهو نجل شقيق البارزاني، يعارض مساعي عمه الانفصالية ويقول إن الوقت ليس مناسبا لها”.
ويحظى نيجرفان البارزاني بثقة دوائر سياسية واسعة في واشنطن وطهران وأنقرة وبغداد، وتوصف مواقفه السياسية بـ”الحكيمة”، وفقا للمصادر التي تحدثت لـ”العرب”.
ويخشى نيجرفان البارزاني من أن تتضافر الضغوط الاقتصادية على المنطقة الكردية في العراق بسبب مشروع الانفصال مع آثار أزمة مالية كبيرة يعاني منها الإقليم بسبب انخفاض أسعار النفط وتوقف بغداد عن دفع رواتب موظفي كردستان، ما قد يؤدي إلى محاصرة نهضته العمرانية.
وشهدت مدينة أربيل عصرها الذهبي على المستوى الاقتصادي مع صعود نجم نيجرفان البارزاني في الأوساط السياسية الكردية مطلع الألفية الثانية، إذ برع في صياغة تفاهمات مع شركات دولية بارزة في مختلف المجالات الاقتصادية بعدما وفر بيئة قانونية ملائمة للاستثمار الأجنبي في إقليم كردستان.
وتلوح في أفق الإقليم الكردي عقوبات اقتصادية خانقة، بسبب إجراء استفتاء بشأن حق تقرير المصير في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.
وطالب العراق، رسميا، تركيا وإيران بـ”التعامل الحصري مع الحكومة المركزية” في بغداد في تجارة النفط وغلق المعابر الحدودية مع إقليم كردستان.
وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد محجوب إن “وزارة الخارجية العراقية تؤكد أنها قامت بتقديم مذكرة رسمية لسفارتي كل من تركيا وإيران في بغداد قبل أكثر من أسبوع تضمنت طلبا رسميا للحكومة العراقية من الدولتين الصديقتين”.
وأوضح أن الطلب تضمن “التعامل مع الحكومة الاتحادية حصرا بما يتعلق بالمنافذ الحدودية وغلق جميع المنافذ مع هاتين الدولتين إلى حين تسلم إدارتها من قبل الحكومة الاتحادية”.
وأشار محجوب إلى “إيقاف كل التعاملات التجارية وبالخصوص التي تتعلق بتصدير النفط وبيعه مع إقليم كردستان وأن يتم التعامل في هذا الملف مع الحكومة العراقية الاتحادية حصرا”.
وأكد أن “الحكومة العراقية تعمل مع الجانبين التركي والإيراني للتعاون على تنفيذ كافة الإجراءات التي اتخذتها لإنفاذ الدستور والقانون وأن تتعامل الدولتان الجارتان مع السلطات الاتحادية العراقية وفقا لمبادئ حسن الجوار واحترام السيادة العراقية وتعزيز التعاون الثنائي، ومواجهة المخاطر المشتركة”.
ولم يبد أي طرف سياسي شيعي في بغداد حماسة للتواصل مع أربيل. وجاءت معظم الوساطات حتى الآن من شخصيات سنية أو ليبرالية.
وبعد لقائه نائبي رئيس الجمهورية، إياد علاوي وأسامة النجيفي، استقبل البارزاني في أربيل، الأحد، رئيس البرلمان سليم الجبوري.
وقالت الحكومة العراقية إنها لن تتعامل مع نتائج مبادرة علاوي والنجيفي. لكن الأخير قال إنه سيتشاور مع رئيس الوزراء حيدر العبادي بشأن مبادرته.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، إن “الحكومة العراقية غير معنية وغير ملزمة بنتائج المباحثات” التي شهدها لقاء رئيس إقليم كردستان بنائبي الرئيس العراقي.
وأضاف أن “الحكومة في بغداد لا تعترف بالإجراءات التي جرت خارج إطار الدستور”، لافتا إلى أن “الحكومة لم تغير موقفها من استفتاء إقليم كردستان”.
ووفقا لرئاسة إقليم كردستان، فإن لقاء البارزاني بالنجيفي وعلاوي خلص إلى الاتفاق على “البدء بالحوار والاجتماعات بين الأطراف السياسية الأساسية في العراق، لتهدئة الأوضاع″، على أن تكون الاجتماعات “بجدول أعمال مفتوح”، في مقابل “رفع العقوبات فورا عن إقليم كردستان”.
وتقول مصادر سياسية في بغداد إن “رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري نسق مع العبادي قبل أن يتحرك، الأحد، للقاء البارزاني”.
وقال المستشار السياسي في ديوان رئاسة إقليم كردستان، هيمن هورامي، إن “رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، وخلال اجتماعه برئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، كرر موقف كردستان من الحوار قائلا ‘نحن على استعداد للحوار مع بغداد على جدول أعمال مفتوح، دون شروط مسبقة من أي طرف في غضون فترة زمنية محددة”.
ووفقا لمصدر رفيع في مكتب الجبوري، فإن “لقاء البارزاني برئيس البرلمان العراقي، لم يدم سوى نحو نصف ساعة”.
وقال المصدر لـ”العرب” إن “الجبوري أبلغ البارزاني بأن الدستور العراقي هو السقف الوحيد لأي حوار بين بغداد وأربيل”، موضحا أن “الجبوري طالب البارزاني بالإعلان عن تجميد نتائج الاستفتاء وبدء حوار جاد مع الحكومة المركزية بشأن المسائل الخلافية بين الجانبين”.
العرب اللندنية