لندن – كشفت دراسة أجرتها مؤسسة “توني بلير فور غلوبال تشينج” أن الطريق الذي يسلكه غالبية الجهاديين البريطانيين يمر عبر جماعات إسلامية تدّعي أنها غير متطرفة، وأن ستة أشخاص فقط لعبوا دورا محوريا في تشكل الحركة الجهادية في بريطانيا وسط تساهل من الحكومة.
وقال التقرير النهائي للدراسة، الذي صدر تحت عنوان “لأجل الخليفة والوطن: كيف ينضم الجهاديون البريطانيون للحركات الجهادية الدولية”، إنه على عكس متشددين في دول أوروبية أخرى، كفرنسا وبلجيكا، فإن 13 بالمئة فقط من الجهاديين البريطانيين قضوا وقتا في السجن بتهمة جنائية، كلصوص أو تجار أو متعاطي مخدرات. ويعني ذلك أن الشخصية الجهادية البريطانية تأتي من خلفية أيديولوجية وليس بسبب التهميش المجتمعي أو الظروف الاقتصادية.
وأكثر الجماعات الإسلامية غير العنيفة في الغرب، التي تملك تأثيرا واسعا على الحركة الإسلامية البريطانية بشكل عام، هي جماعة الإخوان المسلمين التي أدينت في تحقيق رسمي قاده السفير البريطاني السابق في الرياض السير جون جينكينز عام 2014، بأن الانضمام إلى صفوفها هو مقدمة للعنف والتطرف.
وبات ينظر لجماعة لإخوان، إلى جانب تنظيمات إسلامية أخرى، بعضها غير ناشط سياسيا، على أنها مراكز تجنيد للمتطرفين. وأصبحت السيادة البريطانية للمشهد المتطرف شيئا مسلّما به، بعد أن كشفت الدراسة أن نصف عينة الدراسة من المتطرفين يعيشون في العاصمة لندن.
وتناولت الدراسة عينة من الجهاديين المتطرفين البريطانيين مكونة من 113 رجلاً و18 امرأة. وشملت عينة الدراسة شريحة من المتطرفين من بينهم مثقفون ومقاتلون وأثرياء وفقراء وطلاب متفوقون وتجار مخدرات. ووُجد أن أكثر من ثلثيهم لديهم صلات قوية بستة أشخاص تحديدا هم أبوحمزة المصري وعبدالله الفيصل وأبوقتادة الفلسطيني وعمر بكري محمد وأنجم تشودري وهاني السباعي.
وقال التقرير “من هنا نجد أن هذا الاستنتاج يعطي مصداقية لنظرية أن بعض ‘العقليات التربوية’ أكثر عرضة للتطرف. تلك العقليات التي تتجه نحو الإجابات الواضحة والصريحة، وتتجنب الغموض. هؤلاء يرون العالم باللونين الأبيض والأسود، ولا يتركون المجال للون الرمادي للسيطرة على تفكيرهم”.
ويأتي الصراع السوري، الذي شهد أكبر تجمع للمقاتلين الأجانب، في المرتبة الثانية بعد الحرب الأفغانية في ثمانينات القرن العشرين، من بين الأحداث الجهادية الدولية التي استقطبت جهاديين بريطانيين. غير أن عدداً قليلاً جداً من أولئك الذين شاركوا في الحرب الأفغانية شاركوا أيضا في الحرب السورية (4 أفراد فقط من أصل 113 ممن شملتهم الدراسة).
ومن بين الأفراد ذوي الصلات ببعض الجماعات الإسلامية الكبرى انضم 50 بالمئة منهم إلى جماعة “المهاجرين” المحظورة الآن أو إحدى الجماعات التابعة لها. كما ظهرت جماعة أخرى تدعى “حزب التحرير”، ويُعدّ عمر بكري محمد أحد أهم الشخصيات الستّ المؤثرة، وهو قائد الفرع البريطاني لهذه الجماعة في الفترة ما بين 1987 و1996.
وتشير نتائج الدراسة بوضوح إلى أن المملكة المتحدة تواجه مشكلة كبيرة تتعلق بانتشار أيديولوجيا العنف والجماعات المتطرفة.
وكانت النتيجة النهائية أن أوصت مؤسسة “توني بلير فور غلوبال تشينج” بشيئين هما خلق بيئة تعليمية تتحدى أفكار التطرف بشكل واضح وصريح، وأن السلطات يجب عليها أن تستهدف تلك المراكز التي تنشر دعوات التطرف.
العرب اللندنية