تطرح هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة معقله السابق في سوريا تساؤلات شائكة أمام القوات الأميركية التي تدرب وتسلح المقاتلين المنتصرين تتعلق بالخطوة التالية التي يجب اتخاذها.
ومنذ أن بدأت الولايات المتحدة أواخر عام 2014 شن غاراتها ضد تنظيم الدولة في سوريا، ودعم قوات ذات غالبية كردية على الأرض هناك، تجنبت إدارتان متتاليتان في واشنطن التطرق إلى أي إستراتيجية طويلة الأمد مع تكرار أن التدخل يتركز فقط على محاربة الجهاديين.
غياب الفعالية
ويعتقد مراقبون أن الولايات المتحدة تخسر فاعليتها في هذه الأزمة المعقدة إضافة إلى فشلها في التعامل معها بطريقة مناسبة، واختارت بدلا من ذلك النظر إلى العنف في سوريا فقط من زاوية مكافحة الإرهاب.
ويرى السناتور جون ماكين أن ما تحتاجه بلاده بدلا من ذلك “هو إستراتيجية شاملة تأخذ كل العوامل الإقليمية بعين الاعتبار”.
وقال “نريد صياغة واضحة لمصالحنا والطرق والوسائل التي ننوي استخدامها لحماية هذه المصالح. وهناك شعور قوي بغياب إستراتيجية كهذه حتى لو كنا نحتفل بهذا النجاح المهم في الرقة”.
أما جون هانا مستشار مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومستشار الأمن القومي السابق لـ ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي، فيستبعد أن تؤشر استعادة الرقة إلى نهاية التدخل الأميركي في سوريا.
ويرى أن تشدد ترمب مع إيران ورفضه الإقرار بالتزام طهران بالاتفاق النووي “يجب أن يترجم إلى أفعال لاستئصال نفوذ طهران في سوريا”.
وأضاف هانا “إذا كان هناك من معنى لإستراتيجية ترمب لمواجهة إيران، فإنها يجب أن تتضمن جهودا قوية لاحتواء وتحجيم دور الحرس الثوري الإيراني في سوريا”.
وتابع “هذا يعني منع إيران وحزب الله ومليشياتهم الشيعية التي تحارب بالوكالة من بسط سيطرة من دون منازع على شرق سوريا والحدود العراقية السورية الحيوية لهدف إيران الإستراتيجي لتأسيس ممر أرضي من طهران إلى البحر المتوسط فالحدود الإسرائيلية” محذرا من أن نتيجة كهذه “قد تتسبب ببدء العد العكسي لصراع” إيراني إسرائيلي.
من جهته، قال مدير برنامج الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والدولية جون الترمان إن الولايات المتحدة يجب أن تقرر مدى اهتمامها بنتائج مختلفة في سوريا، ويشمل ذلك حجم الوجود الإيراني.
ويرى الترمان أن الولايات المتحدة لم تفعل الكثير لتعزيز نفوذها في مفاوضات ستقرر مستقبل سوريا.
وأوضح أن واشنطن تستطيع الانخراط في جبهات متعددة، لكن “ليس هناك الكثير من الدعم الشعبي لذلك، وإدارة ترمب قد تقرر أن هذا ليس جديرا بالاهتمام”.
وقال هانا إن وجود قوات مدعومة أميركيا تسيطر على أجزاء واسعة من سوريا يشكل مصدر ثقل دبلوماسي محتمل لواشنطن في تشكيل مستقبل سوريا ما بعد الحرب ضد تنظيم الدولة.
حدود الدور
لكن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت أشارت إلى أن بلادها قد تلعب دورا محدودا فقط. وقالت “مهمتنا في سوريا هي إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية. ولهذا السبب بالضبط تحارب الحكومة الأميركية في سوريا”.
وأضافت “سندعم جهود الاستقرار في الرقة والمناطق المحررة الأخرى، ويشمل ذلك تنظيف المناطق التي خرج منها تنظيم الدولة من الألغام واستعادة الخدمات الأساسية ومساعدة هيئات الحكم المحلي”.
يُذكر أن نحو تسعمئة جندي أميركي ـمعظمهم من القوات الخاصةـ يوجدون في شمال سوريا، وقدموا دعما حاسما لقوات سوريا الديمقراطية التي استفادت من التسليح والخبرات العسكرية التي قدمها المدربون الأميركيون خصوصا كيفية طلب غارات جوية.
كما تلقى ائتلاف المقاتلين هذا دعما مستمرا من طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وأرسلت وزارة الدفاع (البنتاغون) فرقة مدفعية للمؤازرة قرب الرقة، وأنشأت القوات الأميركية مدرجا لطائرات الشحن العسكرية في قاعدة جوية في شمال سوريا.
الجزيرة