أربيل – تضغط أطراف سياسية في كردستان العراق لتنحية زعيم الحزب الديمقراطي، مسعود البارزاني، من منصب رئيس الإقليم، بعد فشل مشروع الاستفتاء الذي تبناه في تحقيق حلم الدولة للأكراد والتداعيات الكبيرة التي سببها.
وأدى إصرار البارزاني على إجراء الاستفتاء ورفض الوساطات الداخلية والخارجية وتجاهل التحذيرات التي وردت من مراكز قوى مؤثرة في المنطقة والعالم، إلى “كارثة في إقليم كردستان الذي خسر خلال شهر حقول نفط كركوك وعوائد مطاراته الداخلية، فيما باتت المعابر الحدودية التي تربطه بكل من تركيا وإيران تحت رحمة بغداد”، وفقا لتعبير سياسي كردي في مدينة السليمانية.
وقال السياسي الكردي في تصريح لـ”العرب”، إن “بغداد التي استعادت كركوك من كردستان، وأوقفت الرحلات الدولية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية، تخطط للاستيلاء على معابر كردستان الحدودية مع تركيا وإيران”، مشيرا إلى أن “القطعات العسكرية العراقية تحتشد في منطقة زمار غرب الموصل، وربما تشن هجوما في أي لحظة على المنطقة التي يقع فيها معبر إبراهيم الخليل مع تركيا في محافظة دهوك”، التابعة لإقليم كردستان.
وتابع، “ما دام البارزاني يتصدّر واجهة المشهد السياسي لكردستان فإن الحكومة في بغداد ستمضي في إجراءات الضغط على الإقليم”، موضحا أن “الإطاحة بالبارزاني باتت ضرورة كردية قبل أن تكون رغبة عراقية”.
وتطرح قوى سياسية كردية سيناريوهات عديدة لحلحلة المشهد السياسي في إقليم كردستان، بينها تشكيل “حكومة مؤقتة للإنقاذ”، تتولى مهمة “التفاوض مع بغداد، لوقف زحفها نحو موارد الإقليم الاقتصادية”.
وتنسّق حركة التغيير المعارضة للبارزاني، والجماعة الإسلامية، والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة بزعامة برهم صالح، بحسب مصادر مطلعة، “مشروعا سياسيا يستعد لطرح بديل سياسي في كردستان العراق”.
وأصدرت الأطراف الثلاثة بلاغا مشتركا، الثلاثاء، طالبت فيه بـ”حل مؤسسة رئاسة الإقليم وإعطاء صلاحياتها وفق القانون إلى المؤسسات ذات العلاقة”.
وقالت المصادر إن هذا البلاغ يتزامن مع أنباء عن “محاولة من داخل حزب البارزاني لإقناع رئيس الإقليم بتسليم صلاحياته إلى رئيس البرلمان الكردي، الممنوع من دخول أربيل، يوسف محمد”.
ويطالب بلاغ الأطراف الكردية الثلاثة الطبقة السياسية في كردستان بـ”تصحيح مسار العملية السياسية ووضع خارطة طريق لتطبيع الأوضاع في كركوك وطوزخورماتو وخانقين وباقي المناطق المتنازع عليها”، مشددا على “ضرورة الحفاظ على الكيان السياسي لإقليم كردستان ووحدة صف شعب كردستان، لإنقاذه من مخاطر التقسيم والحرب الداخلية”.
ويعتقد مراقبون للشأن الكردي أن “الحراك السياسي في كردستان يستهدف منع بغداد من تقسيم الإقليم الكردي، بهدف عزل أربيل عن السليمانية”.
وذكرت مصادر سياسية لـ”العرب” أن نائب رئيس حكومة المنطقة الكردية، قوباد الطالباني، وهو نجل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، “رفض ضوءا أخضر من بغداد بفتح مطار السليمانية، بعد دعم المحافظة خطة لإعادة انتشار القوات العراقية الاتحادية في المواقع التي انسحبت منها صيف 2014″.
بالمقابل، هناك اتفاق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني والاتحاد الإسلامي الكردستاني على تمديد ولاية الدورة الحالية لبرلمان الإقليم 8 أشهر، وهي محاولة لتوفير شرعية برلمانية للحراك السياسي الحالي في أربيل الذي يفتش عن مخرج للأزمة الداخلية.
قرار التمديد الذي اتخذ في جلسة حزبية، عرضه برلمان كردستان على أعضائه في جلسة، الثلاثاء، ومرّ بالأغلبية.
وتقول المصادر إن “مساعي المعارضين للبارزاني أو الساعين لعزله في كردستان، تحظى بتشجيع إيراني، لكن تركيا تتحفّظ عليها”.
وأضافت أن “أنقرة تخشى أن ينتقل ثقل إقليم كردستان السياسي من أربيل حيث النفوذ التركي الكبير، إلى السليمانية حيث النفوذ الإيراني الكبير”.
وقالت أطراف سياسية كردية إن “البارزاني أمعن في إحراج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حليفه الهام في ملف احتواء أنشطة حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، عندما رفض جميع الوساطات والتحذيرات التركية للتراجع عن الاستفتاء”. وتضيف، “مع هذا ربما لن يبقى أردوغان متفرجا على تصفية حليفه البارزاني من قبل قوى سياسية متحالفة مع إيران”.
وتتابع، أن “تركيا ربما تعود قريبا للضغط على بغداد من أجل وقف إجراءاتها ضد البارزاني”، مشيرة إلى أن “أنقرة قد تدعم خيار انفصال أربيل عن السليمانية، إذا كان الخيار الآخر هو القضاء على نفوذ البارزاني في كردستان العراق”.
العرب اللندنية