قامت حكومة إقليم كردستان اليوم (الأربعاء)، بمبادرة تجاه بغداد، عارضة تجميد نتائج الاستفتاء على الاستقلال، الذي أثار أزمة كبيرة مع الحكومة الاتحادية مستمرة منذ نحو شهر.
وتشترط بغداد إلغاء نتائج عملية التصويت هذه لبدء أي مفاوضات، بعيد تقدمها وسيطرتها على مناطق متنازع عليها من قوات البيشمركة الكردية.
وفي بيان نشر ليل الثلاثاء – الأربعاء، قالت حكومة الإقليم إنه «من منطلق المسؤولية أمام شعب كردستان والعراق نقترح للحكومة والشعب والرأي العام العراقي والعالمي (….) تجميد نتائج الاستفتاء (….)، وبدء حوار مفتوح مع الحكومة الاتحادية وفق الدستور».
كما يقترح النص المؤلف من 3 نقاط «وقف إطلاق النار فوراً ووقف جميع العمليات العسكرية في إقليم كردستان»، بعد مقتل نحو 30 من قوات البيشمركة والقوات العراقية في اشتباكات خلال عملية «إعادة فرض الأمن» في مناطق متنازع عليها، وخصوصاً محافظة كركوك الغنية بالنفط.
وسيطرت قوات البيشمركة على مناطق متنازع عليها بين أربيل وبغداد، خلال الفوضى التي عمت العراق في ظل هجمات تنظيم داعش المتطرف عام 2014.
وخسارة إيرادات الحقول النفطية في محافظة كركوك تقضي إلى حد كبير على أحلام إقليم كردستان العراق بالاستقلال.
ومساء الثلاثاء، أعلنت الأمم المتحدة، التي بقيت حتى عشية الاستفتاء تحاول طرح بدائل تفاديا لإجرائه، عن استعدادها «لتسهيل الحوار» بين بغداد وأربيل.
ودعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش الجانبين إلى «البدء عاجلا بحوار شراكة ومفاوضات بين بغداد وأربيل على أساس الدستور».
وأضاف كوبيش: «نحن واثقون من أن حكومتي العراق وإقليم كردستان، كما تآزرتا لهزم داعش، يمكنهما أن تعملا جنباً إلى جنب للتغلب على خلافاتهما من خلال الحوار وبعيداً عن المواجهة»، مؤكدا أن «الأمم المتحدة مستعدة للمساعدة، إذا ما طلب منها ذلك».
وقد أصر رئيس الإقليم مسعود بارزاني على إجراء الاستفتاء حول استقلال الإقليم في 25 سبتمبر (أيلول)، الأمر الذي اعتبر مغامرة في ظل رفض الحكومة الاتحادية ومعارضة إقليمية ودولية.
وقرر برلمان كردستان أمس (الثلاثاء)، تأجيل الانتخابات البرلمانية ثمانية أشهر جراء الأزمة السياسية الحادة مع حكومة بغداد، بعدما كان مقرراً إجراؤها مع انتخابات رئاسية كانت مزمعة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، غير أنه تم تأجيلها.
وسيعلن البرلمان في وقت لاحق عن موعد جديد للانتخابات الرئاسية.
وانتهت ولاية بارزاني الذي يعد أول رئيس للإقليم عام 2013، غير أنه تم تمديد فترته الرئاسية عامين، بسبب هجمات تنظيم داعش الذي احتل مساحات من العراق عام 2014.
وقرر برلمان كردستان الثلاثاء تجميد مهام بارزاني الرئيسية لعدم قدرته على تمديد ولايته قانونيا، الأمر الذي ينهي صلاحياته.
واتخذ القرار خلال جلسة حضرها معظم نواب الحزبين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وقاطعت الجلسة كتلة «التغيير» (غوران) والجماعة الإسلامية اللتان تشغلان 30 مقعدا من أصل 111 في برلمان الإقليم.
وكانت حركة «التغيير» دعت الأحد إلى استقالة بارزاني وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تجنب إقليم كردستان المزيد من الانقسامات والانتكاسات السياسية في ظل الأزمة الخانقة التي يعيشها.
وتبادلت بغداد وأربيل خلال الأيام الماضية مذكرات توقيف بحق مسؤولين بارزين شملت نوابا وقادة عسكريين.
وبعد أسبوع على تحرك القوات الحكومية واستعادتها مناطق متنازع عليها ما أسفر عن سقوط نحو 30 قتيلاً، ما زال التوتر مستمرا بين بغداد وأربيل.
ودارت الثلاثاء اشتباكات بين قوات من ميليشيا «الحشد الشعبي» والبيشمركة، لدى محاولة تلك الفصائل التقدم باتجاه منفذ فيشخابور الحدودي مع تركيا، بحسب ما أفاد مصدر أمني.
وانتقدت وزارة البيشمركة هذه التحركات في بيان، معتبرة أنها «إشارة واضحة إلى وجود نوايا سيئة لديها».
من جهة أخرى، أعلن الجيش العراقي اليوم (الأربعاء) أن قواته بصدد شن هجوم لاستعادة آخر رقعة من الأراضي العراقية لا تزال تحت سيطرة «داعش».
وجاء في بيان من قيادة العمليات المشتركة في بغداد أن القوات الجوية العراقية أسقطت منشورات على منطقة القائم وراوه عند الحدود الغربية تقول: «قواتكم الأمنية حسمت الموقف وحررت كل مناطق العراق التي تجرأ الدواعش على تدنيسها يوما في غفلة من الزمن. «إنها الآن قادمة لتحريركم».
ويسيطر مقاتلو التنظيم المتطرف أيضا على أجزاء من الجانب السوري من الحدود، لكن المنطقة الواقعة تحت أيديهم آخذة في التقلص مع تراجعهم أمام قوتين مهاجمتين إحداهما قوات سوريا الديمقراطية التي تمثل وحدات حماية الشعب الكردية قوامها الأساسي وتدعمها الولايات المتحدة، وقوات النظام السوري المتحالفة مع فصائل شيعية خارجية تدعمها إيران وروسيا.
وشهدت دولة «الخلافة» التي أعلنها تنظيم داعش عبر حدود سوريا والعراق انهياراً فعلياً في يوليو (تموز) عندما سيطرت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة على الموصل معقل التنظيم الرئيسي بالعراق خلال معركة صعبة استمرت تسعة أشهر.
أما الرقة، معقل التنظيم في سوريا، فقد سقطت الأسبوع الماضي في أيدي القوات المدعومة من الولايات المتحدة.
الشرق الاوسط