أعربت حكومة إقليم كردستان العراق، أمس الاثنين، استعدادها لتسلم وارداتها المالية النفطية وغيرها إلى بغداد شريطة منح الإقليم نسبة 17 ٪ من الموازنة المالية الاتحادية للعام المقبل 2018، في وقت عبّر فيه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، عن عدم ندمه على قرار استفتاء الاستقلال الذي نظم في 25 أيلول/ سبتبمر الفائت.
وأضاف في أول مقابلة له منذ إجراء استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان، مع إذاعة «NPR» الأمريكية، أن «العلاقات مع الولايات المتحدة تضررت بشدة بعد انتشار القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها».
وتابع: «بعد إجراء الاستفتاء، توقعنا إغلاق الحدود واتخاذ إجراءات اقتصادية ضدنا، ولكن لم نكن ننتظر هجوما عسكريا من العراق علينا»، مبينا أنه «ليس نادما على إجراء الاستفتاء».
وأكد أن «أربيل ستراجع علاقاتها مع الولايات المتحدة إثر دعمها لبغداد ضد إقليم كردستان»، مشيرا إلى أن «العلاقات مع واشنطن تضررت بشدة بعد عملية انتشار القوات الاتحادية، وأن الموقف الروسي كان أكثر إيجابية بعد الاستفتاء».
في الموازاة، قال رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، إن «حكومة الإقليم مستعدة لتسليم ملف العائدات النفطية إلى الحكومة الاتحادية شريطة دفعها لنسبة 17 في المئة من الموازنة العامة للإقليم».
وطالب بحقوق إقليم كردستان، «وفقاً لفقرات الدستور العراقي»، مشيرا إلى أن هناك «دولاً تطالب بحل الخلافات بين بغداد وأربيل في إطار ذلك الدستور الذي صوت عليه العراقيون».
وأضاف «سياسة تجويع مواطني إقليم كردستان لا تدخل في مصلحة رئيس الوزراء، حيدر العبادي»، موضحاً أن «عليه (العبادي) التعامل كرئيس وزراء للعراق الاتحادي وليس كرئيس حزب».
وتابع أن «الحكومة العراقية صادقت على مشروع قانون الموازنة دون مشاركة الكرد»، مشيرا إلى أنهم «مستعدون لتسليم النفط وجميع الإيرادات إلى بغداد مقابل دفع نسبة 17 ٪ من الموازنة الاتحادية إلى حكومة الإقليم».
ورأى رئيس حكومة الإقليم أن «الخلافات مع بغداد لن تحل بالقوة بل بالدستور والحوار»، لكنه توجه في الوقت نفسه بـ«اللوم» على بغداد، بكونها «تتعامل مع إقليم كردستان كمحافظات وهذا ما حدث خلال مناقشة مسودة الموازنة أمس (أمس الأول) في مجلس الوزراء».
أكد «عدم توقيع أي اتفاق على تسليم معابر او منافذ مع الحكومة»، مشيراً إلى أن «الأحاديث التي أجريت بهذا الخصوص كانت شفوية».
حوار بمشاركة دولية
في السياق، أعلن قباد طالباني، نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، في تغريدة على «تويتر»، أن «مجلس الوزراء أكد مجدداً أن المحادثات مع بغداد، يجب أن تكون بمشاركة دولية»، معتبراً ذلك «السبيل الوحيد لحل القضايا العالقة بين كردستان والحكومة الاتحادية».
وجاء تصريح طالباني عقب تأكيد الحكومة العراقية التزامها بموقفها الدستوري بـ«الحفاظ على وحدة العراق» ومنع اي «محاولة انفصالية» والمضي باتخاذ الإجراءات اللازمة بفرض السلطة الاتحادية.
وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس الاثنين، «نجدد الدعوة للالتزام التام بالدستور وقرارات المحكمة الاتحادية، وآخرها الذي صدر اليوم (أمس) والمتعلق بتفسير المادة (1) من الدستور والتي أكدت على وحدة العراق، وألزمت السلطات الاتحادية كافة بالمحافظة على هذه الوحدة، وأشارت بوضوح إلى عدم وجود اي نص في الدستور يجيز الانفصال».
وطبقاً للبيان فإن «جميع الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل الحكومة الاتحادية كانت ضمن هذه المواد الدستورية وضمن صلاحياتها»، مطالباً الإقليم بـ«إعلانه الواضح الالتزام بعدم الانفصال او الاستقلال عن العراق بناء على قرار المحكمة الاتحادية».
الانفصال مرفوض دستورياً
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، في جلستها المنعقدة أمس الاثنين، قراراً بتفسير المادة (1) من الدستور، خلصت فيه إلى أن هذه المادة والمواد الدستورية الأخرى ذات العلاقة أكدت على وحدة العراق، وألزمت المادة (109) من الدستور السلطات الاتحادية كافة في المحافظة على هذه الوحدة».
وذهبت المحكمة الاتحادية العليا في قرارها إلى «عدم وجود نص في الدستور يجيز انفصال أي من مكوناته المنصوص عليها في المادة (116) من الدستور في ظل أحكامه النافذة». حسب بيان صحافي.
وأجرت الحكومة الاتحادية سلسلة مفاوضات مع إقليم كردستان؛ عبر لجان فنية ـ عسكرية مشتركة، لحسم الخلاف بين الجابين بشأن السيطرة على مناطق سهل نينوى، فضلاً عن المنافذ الحدودية الواقعة ضمن حدود الإقليم، لكن من دون أن تسفر عن أي نتائج حتى الآن.
وتعوّل القيادات الكردية على «التحالف الدولي» في حسم الخلاف بين الجانبي، حيث عقدت وزارة البيشمركه في حكومة إقليم كردستان، أمس الاثنين، اجتماعاً مع التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بشأن المفاوضات العسكرية الجارية بين أربيل وبغداد.
وقالت الوزارة في بيان لها، إن «كريم سنجاري وزير البيشمركه وكالة وعددا من الضباط الكبار في الوزارة عقدوا اجتماعا مع التحالف الدولي».
ونقل البيان عن سنجاري قوله إن «المفاوضات بين قوات البيشمركه، والجيش العراقي مستمرة، وقد تم تسليم عدة مقترحات إلى الجيش، لكنه إلى الآن لم يصلنا أي رد منهم، وعلى العكس فإن التحركات العسكرية من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي قد ازدادت مؤخرا».
وأضاف: «توصلنا سابقاً إلى اتفاق أن ينتشر الجيش العراقي في عدد من المناطق، وان تتراجع قوات الحشد الشعبي، وتنسحب من تلك المناطق، لكنه مع الأسف لم يتم تطبيق الاتفاق المذكور»، مشيراً «نتمنى من التحالف الدولي ان يوسع أكثر من وساطته بين البيشمركه والجيش العراقي، وأن تتمكن من تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين الجانبين، وأن يصبح الوضع طبيعيا».
وعلى الرغم من تكرار الإقليم لدعوات الحوار مع بغداد، غير أن الموقف السياسي في العاصمة العراقية يضغط باتجاه «الرفض»، مشترطاً إقرار الأكراد برفض الاستفتاء كشرط أساسي للحوار.
وقال، محمد الصيهود، النائب عن ائتلاف دولة القانون ـ بزعامة نوري المالكي، في بيان، إن «حوارات تسليم المنافذ الحدودية هي محاولة لكسب الوقت من اجل زيادة التحصينات الدفاعية وكذلك لتغيير الموقف الأمريكي والبريطاني بشأن الاستفتاء».
وأضاف: «ليس ببعيد أن يكون بارزاني قد عقد اتفاقا مع أمريكا وبريطانيا لتقاسم واردات المنفذين (إبراهيم الخليل وفيشخابور) وجعلهما محطة لربط شمال العراق بشمال سوريا والعودة إلى مشروع التقسيم».
ودعا الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة إلى «عدم الانجرار وراء مماطلة عصابة بارزاني بشأن تسليم المنافذ الحدودية والإسراع باقتحامها وتحريرها وعدم إعطاء الفرصة لبارزاني وأمريكا وبريطانيا في تعطيل عملية بسط سيادة القانون والدستور العراقي في المناطق المختلف عليها ومنافذ العراق الشمالية».
بغداد ـ «القدس العربي»