أفادت بعض التقارير أن النفط السعودي الخام عاد ليتدفق عبر خط الأنابيب البحريني الذي تضرر من انفجار استهدفه مساء 10 تشرين الثاني/نوفمبر. ولم يُصَب أحد بجروح جراء هذا الانفجار، لكن سحابة الدخان التي انبعثت منه ارتفعت عالياً في السماء متسببةً بالأضرار للسيارات والمباني المجاورة. وحتى الآن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن وقوع الحادث، على الرغم من أن الحكومة البحرينية وصفته كـ “عمل تخريبي متعمّد”، وألقت باللوم على الإرهابيين العاملين تحت إمرة إيران. ومن جانبها، أنكرت إيران أي صلة لها بالحادث.
وعلى الرغم من اكتشاف النفط في البحرين قبل فترة طويلة من اكتشافه في المملكة العربية السعودية، إلّا أنّ احتياطيات الجزيرة الفعلية ضئيلة جداً. ويمتد خط الأنابيب المتضرر في طريق متعرج بدءاً من “حقل أبو سعفة” قبالة الساحل السعودي مروراً بالبر السعودي، لتشكّل عائدات الإنتاج فيه إعانةً مهمة لميزانية البحرين، علماً بأن النفط الخام يكرَّر في “مصفاة سترة” الواقعة على الساحل الشرقي للجزيرة البحرينية.
وقد أفادت إحدى المنشورات الصادرة عن قطاع النفط ،”أن إيران ستكون على الأرجح قد اختارت [الاعتداء] كردٍّ من المعقول إنكاره على التصعيد الملموس مؤخراً من السعودية ضد النفوذ الإيراني في لبنان.”
ويشار إلى أن الانفجار وقع في بلدة بوري الشيعية التي يمر فيها خط الأنابيب بشكل مكشوف على سطح الأرض وليس مطموراً تحت التراب. ووفقاً لإحدى الخرائط المنشورة على موقع السفارة الأمريكية في المنامة، فإنّ بوري وغيرها من البلدات والقرى الشيعية تعتبر محظَّرة على أفراد السلك الدبلوماسي الأمريكي والبحرية الأمريكية المتواجدين على الجزيرة.
وغالباً ما ما أدّى التوتر بين الغالبية الشيعية في الجزيرة والحكومة التي تهيمن عليها العائلة الملكية السنيّة، برئاسة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إلى حدوث اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والشباب الشيعي الموالي لإيران. وعلى الرغم من عدم تعرّض المواطنين الأمريكيين للاستهداف أو للاعتداء، إلّا أنّ السفارة أصدرت في 2 تشرين الثاني/نوفمبر [بياناً] حذّرت فيه من حدوث احتجاجات واسعة النطاق في الأسابيع القليلة اللاحقة و”قد تشمل محاولات لعرقلة حركة المرور وتظاهرات بالقرب من المراكز الاقتصادية وإحراق الإطارات ورمي الزجاجات الحارقة (إلقاء قنابل المولوتوف)، فضلاً عن استعمال الأجهزة المتفجرة المرتجلة والأسلحة المصنوعة محلياً بشكل فردي ضد عناصر الشرطة [التابعين لوزارة الداخلية]. وثمة احتمال بوقوع اشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين.”
وبعد اجتماع عقده مجلس الوزراء البحريني في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، صدر بيانٌ ربط الانفجار بـ”التدخل الإيراني في المنطقة” وتضمّن إشارةً إلى الصاروخ الباليستي الذي أُطلق من اليمن باتجاه العاصمة السعودية الرياض قبل عشرة أيام. وذكر البيان أن “العناصر الإرهابية المتورطة” ستواجَه بحزم وشدة بقوة القانون.”
واليوم، تجد السلطات البحرينية نفسها أمام معضلة. يتعين عليها الرد على الحادثة من دون أن تتسبب بحدوث تظاهرات قد تعرقل الفعاليات الدولية القادمة التي ستستضيفها الجزيرة، ومن ضمنها مسابقة “الرجل الحديدي” ومؤتمر “حوار المنامة” الذي يعقد سنوياً لمناقشة السياسات الخليجية حيث من المزمع أن يلقي فيه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس كلمةً هذا العام. ومن جانبها، تريد واشنطن تشتيت أي انتباه عن وضع مقر الأسطول الخامس، فهذه القاعدة التي تعتبر عنصراً جوهرياً في ردع الاعتداءات البحرية الإيرانية لم تقع على مر السنين في منزلة القضايا السياسية التي تنطوي عليها التوترات بين الحكومة والشيعة، إلّا في الحالات التي يطالب فيها المتطرفون بإغلاق تلك القاعدة.
وحيث لا تزال منطقة الخليج ككل، المصدر الأهم للنفط بالنسبة للاقتصاد العالمي، فإن جميع منشآت النفط والغاز معرضة للتخريب، وتحديداً للهجمات العسكرية. من هنا، يجدر اعتبار الحادثة التي حلّت بخط الأنابيب البحريني بمثابة إنذار لكافة المعنيين بعدم التسليم ببديهية الهدوء النسبي – وما يستتبعه من انخفاض في الأسعار.
سايمون هندرسون
معهد واشنطن