القاهرة – من المتوقع أن يحمل الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة رسالة قوية إلى إيران، احتجاجا على أدوارها وتدخلاتها في عدد من الدول العربية، وإلى حزب الله الذي بدأت تحركاته تتجاوز حدود لبنان وسوريا وينخرط في دعم الحوثيين في اليمن.
وقدمت المملكة العربية السعودية طلبا إلى الجامعة العربية لعقد اجتماع يرمي إلى التصدي لنفوذ إيران ودعمها اللافت لجماعات مثل حزب الله والحوثيين ما أدى إلى زعزعة أمن واستقرار دول عربية.
وأيدت الإمارات والكويت والبحرين الطلب السعودي. وزاد امتعاض دول عربية من اتساع التدخلات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن وتعاظم دور حزب الله خارج حدود لبنان بتنسيق مع طهران.
ومن المتوقع أن يحاول هذا المحور منع صدور قرار يتجاوز حدود الإدانة التقليدية للجامعة العربية لتدخلات إيران المستمرة، والتي أصبحت بندا ثابتا على اجتماعاتها خلال السنوات الماضية.
ويرى مراقبون أن الاجتماع لن يكون سهلا، لأن هناك فريقين متصادمين أحدهما يريد إدانة باتة وقاطعة لإيران وربيبها حزب الله والآخر يحاول الخروج بقرارات نمطية لا تصل إلى حد التشدد الذي يتناسب مع التطورات الإقليمية.
وأضاف هؤلاء أن احتمالات حدوث مشاغبات من جانب قطر تحديدا غير مستبعدة. وربما تسعى قطر كعادتها إلى حرف قضية التصدي لتدخلات إيران في المنطقة عن مسارها الصحيح لأن الدوحة ترى فيها حليفا مهما وبدأت تعول عليه لمواجهة الإدانات المتتالية لها بدعم الإرهاب، الذي وضع قطر وإيران في خندق واحد.
وسيعقد على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول العربية بالقاهرة اجتماع لوزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
وقالت مصادر عربية في القاهرة إن سلاح قطر هو التشويش في هذه المرحلة وتبني سياسة الهجوم على الدول العربية التي تتصدى لها ولإيران، باعتبار أن هذا الأسلوب يمكن أن يحقق لها نتائج إيجابية بصورة مؤقتة.
وأوضحت المصادر، لـ“العرب”، أن الاجتماع يختلف عن الاجتماعات السابقة التي تطرقت إلى دور إيران القاتم في المنطقة لأن الأجواء الإقليمية والدولية في غالبيتها مناهضة لطهران وتتذمر من تنامي دور حزب الله وناقمة على عدم انصياع قطر بالابتعاد عن دعم الأعمال الإرهابية.
الاجتماع يختلف عن الاجتماعات السابقة التي تطرقت إلى دور إيران في المنطقة لأن الأجواء الإقليمية والدولية في غالبيتها مناهضة لطهران وتتذمر من تنامي دور حزب الله
ورجحت المصادر أن يكون العراق متفهما أكثر للموقف الرافض لهذه التدخلات، بعد التحسن الملحوظ في علاقاته مع السعودية.
كما أن لبنان، الذي يعاني من أزمة سياسية بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، ليس على استعداد للانسجام مع الموقف الإيراني لأن بيروت لا تريد تأكيد اتهامات الرياض بأن هناك أطرافا لبنانية توفر غطاء لحزب الله وترفض التصدي لمقارباته الغامضة في الداخل والخارج.
وتوفر هذه المعطيات بيئة مناسبة لصدور إدانة قوية تفوق المرات السابقة بشأن إيران، لكن سيظل الموقف معلقا بالنسبة لحزب الله إلى حين انعقاد الاجتماع الأحد لأن هناك دولا عربية لا يزال يحدوها أمل في سحب الحزب من تحت أرجل وأذرع إيران.
وترى هذه الدول أن وضع حزب الله في كفة واحدة مع طهران يجعله مستندا عليها تماما ويقطع محاولات إعادته إلى المعادلة الداخلية في لبنان التي تتسم بالهشاشة بالإضافة إلى الابتعاد عن دخوله في توازنات إقليمية تصب في صالح إيران.
وأشار مدحت حماد، أستاذ الدراسات الإيرانية والخليجية بجامعة طنطا (شمال القاهرة)، إلى أن اجتماع وزراء الخارجية العرب يستهدف تنسيق المواقف السياسية العربية تجاه إيران على أن يكون هناك خطاب تتفق عليه الأغلبية بشأن تدخلات طهران.
وأضاف، لـ”العرب”، أن مناقشة التدخل العسكري في لبنان لن تكون مطروحة خلال الاجتماع وأن السعودية لن تتطرق إلى هذا الملف لتلافى حدوث خلافات علنية مع الدول التي لديها تصورات مختلفة بشأن التعامل مع تلك الأزمة.
وأكد خبراء، لـ“العرب”، أن مصر في مقدمة الفريق الثالث الذي يرى أن هناك فرصة للتهدئة ومنع تفجير الموقف في لبنان والتصدي لإيران سياسيا ومحاولة عزل حزب الله عنها.
وقام سامح شكري وزير الخارجية المصري بجولة، الأسبوع الماضي، شملت كل من الأردن والكويت والبحرين والإمارات والسعودية عنوانها التعاون والتفاهم والتنسيق حول موقف عربي ثابت للتعامل مع إيران والحد من طموحها وجموحها الإقليمي دون وصول الأمر إلى تصعيد يحتم حدوث مواجهة عسكرية تضر بمصالح الجميع.
كما قام الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع المصري بزيارة إلى سلطنة عمان، في خضم جولة شكري، وهو ما يصب أيضا في الاتجاه المصري الساعي لتجنب التصعيد.
وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بعد إعلان الحريري استقالته، عن ضرورة تلافي التصعيد في لبنان. وشدد على أن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لمصر، رافضا أية تدخلات خارجية في شؤون لبنان.
وعلمت “العرب” أن الرئيس المصري سيؤدي زيارة للعاصمة العمانية مسقط في 26 نوفمبر الحالي، الأمر الذي يصب في اتجاه تحذير إيران (عبر قناة مسقط) من مغبة الانسياق وراء تصعيد الموقف في لبنان، والكف عن تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية للبعض من الدول العربية.
لكن متابعين لا يعولون كثيرا على إمكانية تحقيق اختراق ملموس وتغيير طهران لسلوكها العدواني في المنطقة. فإيران تنطلق من رؤية استراتيجية تعتقد أن دورها الإقليمي يتعاظم بقدر تحكمها في مفاصل البعض من الأزمات، وكلما تراكمت أوراقها وأذرعها وأدواتها مثل حزب الله والحوثيين ضمنت تقليل فرص استهدافها.
العرب اللندنية