هل تكون “دولة الخلافة الإسلامية” التالية بالفلبين؟ تنظيم الدولة الإسلامية يعمل حاليا على إعادة تجميع نفسه ويتطلع نحو الشرق الأقصى، ومعركة ماراوي بجنوب الفلبين ربما تكون تجربة مصغرة لما سيأتي.. ورد ذلك في مجلة فورين بوليسي الأميركية بمقال طويل للكاتبين باتريك جونستون وكولن كلارك ركزا فيه على أن هزيمة تنظيم الدولة في العراق وسوريا ليست إلا هزيمة تكتيكية للتنظيم الذي يقوم حاليا بإعادة تنظيم وحداته -كل على حدة- لتصعيد نشاطه في كل من أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وقال الكاتبان إن الفلبين لها تاريخ طويل من العمل العسكري للمجموعات الإسلامية يعود إلى السبعينيات عندما بدأت الجبهة الوطنية لتحرير مورو تحارب الدولة المركزية من أجل حكم ذاتي أوسع لإقليم مورو، وأشارا إلى جماعة أبو سياف وعلاقتها بـتنظيم القاعدة في التسعينيات وبمجموعات إسلامية أخرى على نطاق جنوب شرق آسيا بما في ذلك الجماعة الإسلامية الناشطة في العديد من دول جنوب شرق آسيا.
آخر القادمين
أما تنظيم الدولة فهو آخر القادمين من المجموعات الإسلامية إلى جزر الفلبين، إذ لم يكن راغبا كثيرا في هذه المنطقة قبل 2016 عندما كانت دولة خلافته قائمة بالشرق الأوسط.
وحتى عندما أعلنت أكثر من ستة تنظيمات بالفلبين ولاءها لتنظيم الدولة لم يرد التنظيم على ذلك الإعلان، وبالتالي لم يقل علنا إن لديه ولاية بالفلبين، وحتى الفيديو الذي أنتجه ونشره في يونيو/حزيران الماضي والذي أوضح فيه العلاقة الرسمية بين التنظيم الأم والمقاتلين في الفلبين لم يتضمن إعلانا عن إقامة ولاية بالفلبين.
”
من المرجح أن تظل الفلبين هدفا جاهزا نظرا إلى العدد الكبير من مسلميها، والوجود السابق للحركات الإسلامية “المتطرفة” وخبرتها في العمل القتالي، والنظم المالية الرسمية وغير الرسمية المتساهلة، وضعف المؤسسات المحلية، ووجود رئيس مثل رودريغو دوتيرتي لا يهمه قتل المدنيين وتشريدهم من مناطقهم مثلما حدث في المعركة لاستعادة ماراوي
”
وكان عدد المقاتلين مع تنظيم الدولة من جنوب شرق آسيا بالعراق وسوريا قد بلغ قرابة 1600 مقاتل، أي ما يعادل 5% فقط من مجموع المقاتلين بالعراق والشام.
استيلاء لافت للانتباه
ورغم الاهتمام الضعيف من التنظيم الأم بالمقاتلين في الفلبين مقارنة بالاهتمام بولاياته الأخرى بما في ذلك ليبيا وسيناء وأفغانستان استطاع المقاتلون في الفلبين القريبين من تنظيم الدولة الاستيلاء بشكل لافت للانتباه على مدينة ماراوي أكبر مدن إقليم منداناو الذي يتمتع بحكم ذاتي بجنوب البلاد، والاحتفاظ بالسيطرة عليها لمدة ثلاثة أشهر رغم الدعم العسكري الأميركي.
وأشار الكاتبان إلى تزويد التنظيم الأم للمقاتلين في ماراوي بمبلغ مليوني دولار.
ولتعزيز مشروعية تساؤلهما بعنوان المقال، قال الكاتبان إن الفلبين تناسب القالب الذي يسعى تنظيم الدولة للتحريض عليه وتثبيته على الصراعات العرقية ذات البعد الطائفي، مع وجود المسلمين بالجنوب ينافسون المسيحيين الكاثوليك الذين يشكلون أغلبية سكان الشمال.
وعاد الكاتبان بعد ذلك للقول إنه من المرجح أن يصبح تنظيم الدولة عقب تدمير معاقله القوية في الشرق الأوسط أكثر تجزأ ليولي مزيدا من الاهتمام لمناطقه الجديدة من جنوب شرق آسيا إلى أفريقيا جنوب الصحراء.
العودة لإستراتيجية التفويض
وسيكون المقاتلون الأجانب -الذين يعودون من العراق وسوريا إلى مناطقهم المختلفة- نوى لحركات تتسع بمناطقهم، وبعد سقوط دولته ربما يحاول تنظيم الدولة العودة لإستراتيجيته بتفويض ولاياته رسميا للعمل المستقل سعيا إلى منح علامته “التجديد والتعزيز” التي هي في أمس الحاجة إليهما.
وانتهى الكاتبان إلى أنه من المرجح أن تظل الفلبين هدفا جاهزا نظرا إلى العدد الكبير من مسلميها، والوجود السابق للحركات الإسلامية “المتطرفة” وخبرتها في العمل القتالي، والنظم المالية الرسمية وغير الرسمية المتساهلة، وضعف المؤسسات المحلية، ووجود رئيس مثل رودريغو دوتيرتي لا يهمه قتل المدنيين وتشريدهم من مناطقهم مثلما حدث في المعركة لاستعادة ماراوي.
المصدر : فورين بوليسي، الجزيرة