حالة رعب يعيشها أهل السنة في اليمن

حالة رعب يعيشها أهل السنة في اليمن

سيسجل التاريخ يوم 25 مارس 2015 على اعتباره اليوم الذي دخلت فيه منطقة الشرق الأوسط منعرجًا خطيرًا، فهو اليوم الذي بدأ فيه ائتلاف سني واسع من المغرب إلى باكستان وبقيادة المملكة العربية السعودية بالقيام بضربات جوية ضد اليمن، وذلك بدعم كل من الولايات المتحدة وفرنسا، بهدف وقف تقدم الحوثيين الذين يمثلون امتدادًا للنفوذ الإيراني.

وهكذا أصبحت منطقة الشرق الأوسط تعيش ما لا يقل عن أربع حروب مع تواجد العشرات من مناطق العنف الأخرى التي تشعل هذا الجزء من العالم، مع وجود تحالفات غير مفهومة وتذهل كل من يحاول إيجاد تناسق عام لها:

  •  فالولايات المتحدة تدعم المملكة العربية السعودية ضد إيران في هذه الجبهة الجديدة في اليمن، ولكنها في نفس الوقت تقف مع طهران في الدفاع عن سلطة الغالبية الشيعية في العراق مع التعامل مع إيران بهدف الوصول إلى حل لقضية الملف النووي والذي من شأنه أن يغير الوضعية الجيوسياسية للمنطقة.
  • مصر المشير السيسي، التي تطارد الإخوان المسلمين في مصر نجدها اليوم تقف إلى جانب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المتحالف مع الإخوان المسلمين في اليمن.

حرب سريعة

في هذه التعبئة الحربية المفاجئة ما يبعث على القلق، فنحن نرى اليوم بلدان لم تحرك ساكنًا وظلت سلبية وغير مبالية بالمذابح التي يقوم بها نظام الأسد في حق السوريين، كما أنها عجزت في إيجاد حل للقضية الفلسطينية التي عرف فيها الفلسطينيون العشرات من سنوات القهر، زد على ذلك فإن هذه البلدان لم تبال بكل ما له علاقة بالتمويل السري للجماعات الجهادية، لنجدها اليوم تبدو صارمة ومتحدة المواقف في ما يخص الملف اليمني.

وقد كانت بداية الحرب سريعة؛ حيث تمكنت جامعة الدول العربية، التي نسيناها تقريبًا، من عقد قمة دامت ثلاثة أيام في شرم الشيخ (مصر) توحدت فيها المواقف والآراء.

غير أن الوضع خطير؛ فالعالم السني يسمع أصداء طهران وهي تفتخر “بالسيطرة” على أربع عواصم عربية: دمشق وبغداد وبيروت، ومنذ سبتمبر 2014، صنعاء، العاصمة اليمنية، التي سقطت في أيدي المتمردين الحوثيين (فرقة تحولت إلى التشيع). وعندما بدأ الحوثيون مسيرتهم نحو عدن، المدينة السنية الكبيرة في جنوب اليمن، والتي فر إليها الرئيس عبد ربه منصور هادي؛ شعر العاهل السعودي الجديد “سلمان”، وخصوصًا وزير دفاعه، الأمير الشاب محمد بن سلمان آل سعود، بالتهديد المباشر.

الصراع الطائفي

حين نقرأ الأوضاع في الشرق الأوسط تتضح للعيان حمى الصراع بين السنة والشيعة، لكن التركيز على هذا الصراع لفهم ما يدور في المنطقة غير كاف، نظرًا لمدى تعقد الأوضاع المحلية مع تواجد قوى أخرى لها تأثير في المجالات السياسية أو الاجتماعية. خصوصًا وأنه في هذه الفوضى، تمكنت الجماعات الجهادية، تنظيم القاعدة وفي الآونة الأخيرة تنظيم داعش، من أن تجد لنفسها الشرعية التي تمكنها من مزيد تجنيد المتطوعين.

وهكذا فإن اليمن، أفقر بلد في العالم العربي، والتي كانت واحدة من بين الأكثر تضررًا من الموجة الثورية التي بدأت سنة 2011، كما كان تبدو أحيانًا وكأنها على وشك النجاح في الانتقال ما بعد السلطوي؛ ها هي اليوم تجد نفسها في صراع طائفي، ومهددة بويلات حرب إقليمية، مع ما سينتج عن ذلك من حركات انفصالية ومزايدات جهادية.

ويبدو أن لا شيء سيوقف دوامة المواجهة التي تجاوزت الحدود الضيقة للبلد المعروف في العصور القديمة باسم “العربية السعيدة” … وكم يبدو بعيدًا ربيع الشعوب العربية!

التقرير