بوادر حلحلة الأزمة بين الحكومة الاتحادية ونظيرتها في إقليم كردستان العراق، بدأت تتضح، عقب زيارة نائب رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني ونائبه قوباد طالباني إلى فرنسا، وتأييد باريس لإجراء حوار بين بغداد وأربيل، وإقرار الأخيرة باحترام قرارات المحكمة الاتحادية.
شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي مشترك مع نيجيرفان بارزاني في قصر الاليزيه عقب انتهاء الاجتماع بينهما، على «ضرورة احترام الدستور وتثبيت سلطات الحكومة الاتحادية على كل المعابر الحدودية وتوزيع الموارد على جميع العراقيين».
ودعا إلى «الإسراع لبدء الحوار ومعالجة المشاكل بين بغداد واربيل، وتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي».
نيجيرفان بارزاني، أكد أن موضوع استفتاء الإقليم «منتهي»، وأن الإقليم في «مرحلة جديدة» ومستعد لحل مشاكله وفق الدستور.
وأضاف: «بالنسبة لموضوع الاستفتاء، نحن في مرحلة جديدة، وهذا الموضوع انتهى»، مشيرا إلى أن «حكومة الإقليم أعلنت موقفها ونحترم قرار المحكمة الاتحادية».
وتابع: «نحن مستعدون لحل مشاكلنا وفق الدستور في إطار عراق موحد»، مبيناً «أبلغنا الرئيس الفرنسي بأنه ليس لدينا مانع بتثبيت سلطات الحكومة الاتحادية على المعابر حسب الدستور».
وأكد على «استعداد إقليم كردستان لإجراء حوار بناء في إطار الدستور بهدف الاستقرار في العراق والمنطقة»
وفي بغداد تلقى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اتصالا هاتفياً من ماكرون، جدد فيه الأخير تأكيده على «ثبات» موقف بلاده من وحدة العراق وسلامة أراضيه ودعمه لبسط السلطة الاتحادية على كامل الأراضي والحدود العراقية.
ووفقاً لبيان أورده المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي إن «الرئيسين أكدا على ضرورة حل الإشكالات عن طريق الحوار والالتزام بالدستور ووحدة الأراضي العراقية».
أجواء إيجابية
وحسب ما قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي لـ«القدس العربي»، إن «هناك أجواء إيجابية بشأن حل الأزمة بين بغداد وأربيل، نتيجة الدعم الدولي لحكومة إقليم كردستان، والانفتاح الأخير المتمثل بزيارة السفير الأمريكي لأربيل والسليمانية، فضلا عن زيارة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني ونائبه قوباد طالباني إلى فرنسا».
ورأى السياسي الكردي البارز إن «هذه اللقاءات تشير إلى إن تلك الدول تسعى إلى فتح حوار عاجل مع بغداد لحلحلة المشكلات العالقة».
واعتبر أن «اهمال العبادي وعدم انصاته لهذه الدعوات سيؤدي إلى خسارته الدعم الدولي الذي يتمتع به الآن».
يأتي ذلك في وقت عدّ رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، المرحلة الحالية بأنها «مؤقتة» وسيتجاوزها الشعب الكردستاني «بافتخار»، فيما أكد أن الحل الأفضل «الحوار وليس الحرب».
وقال في كلمة له خلال اجتماعه مع كوادر الحزب الديمقراطي في اربيل، «قبل إجراء الاستفتاء أكدنا مرارا بأننا سنبدأ بحوار مفتوح مع بغداد»، معرباً عن «أسفه بأنه تم الرد على المطلب الديمقراطي للشعب الكردستاني بمحاولات الفرض بالقوة بدلا عن إجراء الحوار».
وبين، أن «الحرب ليست حلا، ولا تستطيع فرض الأمر الواقع»، معتبرا الحوار بأنه «الحل الأفضل».
وشدد على أن «الشعب الكردستاني أثبت خلال التاريخ بأن الحرب لن تنال من إرادته وعزيمته ولن يرفع الراية البيضاء أمام الظالمين والخونة».
في الأثناء، يخوض أمير الجماعة الإسلامية الكردستانية علي بابير، سلسلة لقاءات في بغداد لبحث عدد من القضايا أبرزها الأزمة بين بغداد وأربيل.
والتقى بابير كلا من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي همام حمودي.
وطبقا لبيان صادر عن مكتب أمير الجماعة، فإن لقاءه مع معصوم تضمن بحث «العلاقات بين بغداد وأربيل»، وأكد الجانبان على ضرورة «بدء المفاوضات بين الإقليم والمركز والاعتماد على الدستور لحفظ الحقوق الدستورية للإقليم»، وناقشا كذلك ضرورة «حفظ وحدة البيت الكردي».
بغداد ـ «القدس العربي»